شهد العالم الكثير من الأحداث منذ بداية العام الحالي 2020م، ومن أبرزها جائحة COVID-19، التي أثرت تأثيرًا بالغًا ومباشرًا في الحياة اليومية للمجتمعات البشرية، ومن أبرز المتضررين من آثارها الاقتصاد العالمي والمحلي لجميع الدول بلا استثناء، مع الأخذ بعين الاعتبار ازدهار بعض الأنشطة التي ساهمت في مكافحة الجائحة مثل صناعة وانتاج أدوات الحماية مثل الكمامات والمعقمات، ونمو واضح في أسهم ورأس مال الشركات المتخصصة في المجال التقني، ومجال توصيل السلع والمنتجات، اللذان ساهمتا في تحقيق التباعد الاجتماعي والذي يعتبر من أسس مكافحة الجائحة.ومن القطاعات الخدمية التي تأثرت تأثيرًا لافتًا من الجائحة القطاع التعليمي، حيث دعا جميع الحكومات إلى تعليق الانتظام في المدارس تحقيقًا لمبدأ التباعد الاجتماعي، وقد تباينت أساليب معالجة الوضع المستجد من دولة إلى أخرى، فبعض الدول قامت بتأجيل الفصل الدراسي، وبعض الدول قامت باعتماد درجة الفصل الأول أو العام الماضي، ومن أبرز دول المنطقة التي استخدمت امكانياتها المتاحة وخبراتها في مجال التعلم الالكتروني هي مملكة البحرين، والذي تأسس منذ العام 2005 من خلال تدشين مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل، والتطوير الذي تم بدشين تطبيق التمكين الرقمي في التعليم من العام الدراسي 2015 – 2016م الذي أعلنه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله في ديسمبر 2014، وقد أثرت التجربة التي خاضتها مملكة البحرين تأثيرًا إيجابيًا في العملية التعليمية لما حملته من ممارسة فعليه وعملية للتعليم عن بعد وأكسبت شرائح كبيرة من المجتمع خبرات في مجال التعلم عن بعد سواء الهيئات الإدارية والتعليمية بالمدارس أو الطلبة أو أولياء أمورهم.ويتمحور حديث الشارع حاليًا حول تصريح وزارة التربية والتعليم بشأن عودة الطلبة إلى المدارس في سبتمبر 2020 من العام الدراسي القادم، وهنا يبرز تساؤل واضح حول مدى سلامة عودة الطلبة في ظل استمرار الجائحة والنتائج المترتبة على عودتهم إلى مقاعد الدراسة دون وجود لقاح معتمد لهذا المرض وعدم وجود علاج فعال، حيث أن في أفضل التقديرات ما تم الإعلان عنه بأن اللقاح سيكون جاهزًا في سبتمبر 2020م ولكن متى سيتم انتاجه؟ ومتى سيصل البحرين؟ ومتى سيتم تلقيح أفراد المجتمع؟ كل هذه تساؤلات تدعو المسؤولين في وزارة التربية والتعليم إلى وضع الخطط الملائمة للتعامل مع هذا الوضع مع مراعاة جميع الاحتمالات التي قد تطرأ في المستقبل.بالرجوع إلى المنشور الصادر من مجلس الصحة لدول مجلس التعاون (وتستمر الحياة – العودة بعد كورونا) نجد بأن هناك مجموعة من النصائح والإجراءات الواجب اتباعها في ظل استمرار خطر الجائحة، وبحسب ما جاء في هذا المنشور الذي يركز على وعي الانسان بالدرجة الأولى وحسن تقديره لحالته الصحية والأسلوب الأمثل للتعامل معها، فإن عودة الطلبة للمدارس تتطلب إجراءات تثقيفية واسعة ومؤثرة للطلبة وأولياء أمورهم، كما يتطلب إجراءات تتخذها إدارات المدارس من حيث تثقيف المجتمع المدرسي والفحص اليومي لدرجة حرارة للطلبة وتوفير وسائل الحماية من انتقال العدوى، ومن ناحية أخرى نجد بأن أكبر تحدي يواجه عودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة هو كثافة الطلبة في المواصلات والصفوف والمرافق المدرسية. ويجب النظر في تخفيض هذه الكثافة بطرح عدة حلول منها حضور نصف الطلبة في اليوم الأول للدراسة وحضور النصف الآخر في اليوم الثاني والأيام التي يتغيب فيه الطلبة يكون هناك بث مباشر للحصص الدراسية، وهذا من شأنه يضمن تلقي جميع الطلبة للدروس المقررة بشكل عادل ويعمل على تخفيف الكثافة في المواصلات والصفوف الدراسية ومرافق المدرسة بنسبة 50%، ومن ناحية أخرى يجب إخضاع عمال النظافة بالمدرسة والبائعون في المقصف المدرسي إلى إجراءات صحية مشددة كشرط من شروط العمل في المدرسة، وإبعادهم قدر الإمكان عن الطلبة، وفي الختام نسأل الله تعالى أن يحفظنا ويمنّ علينا وعلى بلاد المسلمين والعالم أجمع بالصحة والعافية.د. بسام صالح سعددكتوراه في الإدارة التربوية
مشاركة :