عندما نتطرق إلى اسم بغداد نجد اسم العراق من التسمية السومرية ما بين النهرين وأرض الرافدين، حتى ان الرد يأتيك مباشرة بأن هذا البلد العربي الأصيل بشعبه الشامخ بعظمته الذي يشهد له التاريخ حتى يومنا هذا بالرغم من المحن والمؤامرات عليه ظل محافظا على عشرة آلاف موقع اثري في العراق، وللعراق أيضا دور في تاريخ الحضارة الإسلامية حيث ظل قرونا عاصمة لحضارة الدولة العباسية التي عملت على نشر الدعوة الإسلامية في كل بقاع الأرض. وقد تعرض العراق للاحتلال الأجنبي مع بداية القرن العشرين ثم نال استقلاله في 14 تموز-يوليو 1958م، وقد يطول حديثنا عنه كما أسلفنا، فهو تاريخ وحضارة، حيث المتاحف وعددها 13 متحفًا، ومن منتجات العراق البلح والمشغولات الفضية والذهبية والسجاد اليدوي، أما معالم بغداد الإسلامية فأهمها مسجد زمرد، وجامع الشيخ معروف الكرخي، وجامع قمرية، والمدرسة المستنصرية، وجامع القصر، وجامع المرجان، والمشهد الكاظمي، ومئذنة سوق الغزل، وجامع الاصفية والكثير من المعالم الأخرى، أما النواحي التعليمية فبغداد تعتبر منارة للعلم والتعليم العالي، فهناك العديد من الجامعات التي تخدم التعليم العالي، 13 جامعة حكومية، أهمها جامعة بغداد وجامعة البصرة ثم جامعتا بابل والقادسية. هذه مقدمة عن العراق الشقيق ولكن ما أريده هو ان يكون بين يدي القارئ لمحة عن تاريخ شخصية عراقية امتازت بالشعر والأمثال العامية والشعبية البغدادية ممثلة في (الملا عبود الكرخي).إن الخيال لا يمكن ان يحل مكان الحقيقة، لماذا؟ لأن سجل الحقيقة أقوى من الواقع والخيال، فلدينا نحن العرب تاريخ يشهد له القاصي والداني، فمنذ البدء العرب يرون أنفسهم شعبًا عريقا بين جميع الأمم، فالعرب من اشرف الأمم ولا شك في ذلك ولا جدال، والثقافة والفنون والتاريخ شهود على ذلك ويكفينا انتماؤنا إلى اللغة العربية، مما تقدم فأنا أضع أمام جيل الحاضر والمستقبل منهاجا في نطاق عملي يليق بالتاريخ والتراث، اذ لا يخفى على أحد أن مصر والعراق وسوريا ولبنان هي منابع للعلم والتعليم، ثم البحرين موطني التي رفرف علم العلم والتعلم فيها منذ عام 1919. عزيزي القارئ: اعذرني، الآن سأذهب بك إلى هذا الشأن وهو قراءة في كتاب لفت نظري لما حوى من رؤية تستحق ان يطلع عليها القارئ، من هو الملا عبود الكرخي؟ هو من مواليد (1861-1946)، قدم الأمثال البغدادية عام 1943، يقول المرحوم أمير اللواء الركن عبدالمطلب الأمين انه علم في حينه ان هناك من سبقه في جمع هذا التراث الأدبي العام لكن الطبيعة لم تعنه على إخراجه إلى حيز المطبوعات فقد أغرقته سيول دجلة يوم أغرقت معسكر الرشيد وكان يومئذ معلما في كلية الأركان العراقية، وقد غرق مع ما غرق في ذلك الحين، لقد تفنن الكرخي في تضمين الأمثال والكنايات في أشعاره، وكان الكرخي يستخدم المثل مطلعًا للقصيدة مثل (هذي المزمار زمرد لا تجوز والمثل صح زمر ابنج يا عجوز) إضافة إلى ذلك فقد ضمن الكرخي الكثير من الأمثال والكتابات في شعره، فإنه كان يصوغ روح المثل والحكمة التي قيل من اجلها لذا فإن الأمثال كانت تأتي طوعية، وغالبا ما كان شعره يفسر معنى المثل أو الكتابة كقوله من اللي صورك بيدك محصل (باس) خدك ذهب باقي الولد خدها نحاس، والطريف ان لهذا الشاعر أشعارا تمتد من الألف إلى الياء، حقا ان بغداد منارة للعلم واللغة العربية، وللحقيقة فإن هذا الكتاب قد تكلم بحق عن هذا الشاعر الملا عبود الكرخي، فقد جمع الكثير من الأمثال الشعبية عن العراق الشقيق، فهو حقا كتاب يستحق ان يطلع عليه كل مواطن عربي، ليرى بأم عينيه ان العراق هو فعلا موطن للعلم والتاريخ والحضارة والتراث العربي الأصيل، حفظ الله العراق.
مشاركة :