في ظل ما تم فرضه خلال الأشهر الماضية من حجر منزلي ومنع للتجول وحجب الكثير من الممارسات الروتينية اليومية في سبيل الحفاظ على النفس البشرية، التي قد ندفع الغالي والنفيس من أجل بقائها مكللة بالصحة والعافية، كان السؤال الأهم في الأوساط المعنية عن مدى الاستفادة من تلك الأوقات، التي كانوا يقضونها في المنزل، وهل هناك مَنْ استثمر وقته في عمل ما يحب؟ أو قام بتطوير مهارة ما لم يكن ليجد في السابق الوقت لتطويرها؟تساؤلات كثيرة تصب في محاولة التقليل من تلك الخسائر الناتجة عن تداعيات الجائحة، التي ضربت جميع نواحي حياتنا مما يجعلنا نتطلع إلى ألا نرضخ لها، بل نثبت لأنفسنا قبل العالم أنه من قلب المحن قد تأتي المنح.تجارب واقعية كثيرة تعكس لنا «الوجه الآخر لكورونا» فلو لم تكن هذه الأزمة لما تم رصد هذا الكم الهائل من العلاقات الأسرية، التي بدأت ترمم ذاك التصدع، الذي كان يغزو جدران حواراتها، فقد عادت من ذلك الاغتراب النفسي الموحش لتلتم مع بعضها البعض فتستأنس، واستطاعت بواعث الطمأنينة وروح الألفة أن تستوطنها من جديد بغض النظر عما يُحدِثه ذلك العدو المتربص لصحتها في الخارج، كما أن هذا الفيروس قد منهج حياتنا بالشكل، الذي جعل من النظافة عاملا مهما في حمايتنا سواء منه أو من غيره، كما جعل للنظام دورا رئيسيا في إعطاء كل شخص حقه بما يضمن له وللآخرين السلامة والإنجاز في الوقت ذاته، فلن تعود حياتنا قبل هذه الأزمة كما كانت قبلها بكل تأكيد، بل ستكون أفضل -بإذن الله- لما استخلصناه من دروس وعِبر لم نكن لنتعلمها لولا ما حدث، فقد نرى في ظاهر الأمر ما نكره، ويخبئ لنا الله في باطنه ما نُحب.لم يتبق شيء على التاسع والعشرين من شوال، اليوم المنتظر لعودة الحياة إلى طبيعتها وتسليم عهدة أرواحنا إلينا لنحافظ عليها نحن، فهل ننجح!لقد جاهدت الدولة ووزارة الصحة من أجل بقائنا بصحة وعافية، فمن المعيب أن نتساهل نحن في الحفاظ على أرواحنا في الوقت، الذي أوقفت الدولة جميع نشاطاتها من أجلنا! ستبقى الأيام القادمة هي الفيصل حيال ذلك لندرك حينها مَنْ منا قد تعلم الدرس بالشكل الصحيح وأصبح جاهزا للاختبار، ومَنْ بقي كالأرض البور، التي مهما تزرع بداخلها فلن تحصد شيئا منها مهما فعلت.11Labanda@
مشاركة :