هدنة تصنع سلاماً

  • 7/7/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بوصول مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد أحمد الشيخ إلى العاصمة صنعاء، تجددت الآمال بإقرار هدنة إنسانية في بلد تشتعل فيه الحرب بشكل متواصل منذ ما يقرب من أربعة أشهر، جرب فيها المتصارعون مختلف أنواع الأسلحة والاتهامات، إلا أن قبساً من نور لم يظهر بعد. ربما هذه المرة صارت لهجة المتصارعين مختلفة، فقد رحب الجميع بالهدنة وتعهدوا بالعمل على إقرارها وتطبيقها على الأرض، وهذا يدل على أنهم بدأوا يشعرون بثقل الحرب وكلفتها ونتائجها الكارثية على البلد بشكل عام، حيث حصد الاقتتال خلال الفترة الماضية الآلاف من القتلى والجرحى، وتم تدمير بنية الدولة التحتية بشكل شبه كلي وانعدمت الخدمات عن الناس الذين تشردوا إلى مناطق مختلفة سواء شبه الآمنة داخل اليمن، مثل حضرموت والمهرة أو إلى الخارج، مثل جيبوتي. سيجلس الناس إلى طاولة الحوار أخيراً وسيدركون أن المغامرة وحدها هي التي كلفت البلاد هذا الكم الهائل من الخراب والدمار، وسيدركون أيضاً أنه كان بإمكانهم، لو عاد العقل إلى مكانه، تجنب هذه الكارثة التي تتحرك كل يوم من شمال البلاد إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه. يجب على الفرق السياسية العمل على منح الأمم المتحدة ثقة في تحركاتها، لا البحث عن موقف مؤيد منها لصالح مشروع هذا الطرف أو ذاك، فالحوثيون يتحدثون عن الأمم المتحدة بشكل إيجابي حين يرون موقفها متسقاً مع مطالبهم، وينتقدون دورها عندما تقف إلى جانب الشرعية الدستورية، وهم في هذا يرغبون في أن تتحول الأمم المتحدة إلى بوق من أبواقهم الدولية، حالها حال إيران، ويريدون وسائل الإعلام العالمية أن تتحول إلى نسخة من قنوات إعلامية مشابهة لخطاب قناة المسيرة التابعة لهم، التي تصنع من إرهاب الحوثيين نصراً ومن قتل المدنيين إنجازاً. لهذا يشن الحوثيون باستمرار هجوماً على الأمم المتحدة وعلى ولد الشيخ، تماماً كما فعلوا مع المبعوث السابق جمال بنعمر، الذي ركزوا على مهاجمته لأشهر حتى تمكنوا من كسبه إلى صفهم عبر وسائل مختلفة. اليوم سيكون أمام قادة الأطراف السياسية فرصة للعودة إلى أبناء شعبهم ليقولوا له إنهم أخطأوا في حقه وإنهم دمروا إمكانياته في إصرار عجيب على خلط أوراق الداخل والخارج، وسيكون أمامهم فرصة ليؤكدوا لهذا الشعب الصابر أنهم قادرون على اتخاذ قرار إنهاء الحرب تماماً كما كان في أيديهم قرار شن الحرب. الأمر ليس صعباً، بل هو في غاية السهولة، فليمنحوا وسائل الموت فرصة لتصمت نهائياً، ولتسحب آلة القتل الجهنمية التي تتحرك كل يوم، ولن يكون بإمكان أحد أن يعتبر ذلك نقيصة، بل على العكس سيحسب ذلك لمن يبدأ في وقف القتال وسحب الميليشيات المسلحة من المدن التي أرهقها الصراع الدامي، وحان الوقت ليعيش الناس في وضع أفضل من الحياة اليوم في ظل تشرد مستمر، وستكون الهدنة التي يتوقع لها أن ترى النور أخيراً فرصة لبناء وصناعة سلام دائم أخفقت الحرب في تثبيته. Sadeqnasher8@gmail.com

مشاركة :