القانون رقم (18) لسنة 2017 م والذي أصدره جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه، هذا القانون إضافة إلى أنه يعد نقلة نوعية في التشريع، فإنه يعزز من مكانة مملكة البحرين على الصعيد الدولي والإنساني. فالمادة الثالثة من هذا القانون تؤكد أن العمل في خدمة المجتمع يكون بتكليف المحكوم عليه وبموافقته بالعمل لصالح إحدى الجهات دون مقابل شريطة أن يكون هذا العمل متوافقًا مع مهنة المحكوم عليه - إن أمكن - وأن لا تزيد مدته على سنة وبما لا يتجاوز ثماني ساعات يوميًا. ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن هذا القانون يعتبر خطوة هامة في تعزيز حقوق الإنسان خاصة إذا عرفنا أن عدد النزلاء الذين استفادوا من هذا القانون بلغوا 2663 محكومًا من الرجال والنساء، وذلك منذ البدء بتنفيذه في السادس عشر من مايو 2018م. وحتى نتعرف أكثر على هذا القانون الإنساني نقول أن هذا القانون حدد سبعًا من العقوبات البديلة؛ منها خدمة المجتمع والإقامة الجبرية في مكان محدد والخضوع للمراقبة الالكترونية وحضور برامج التأهيل والتدريب وإصلاح الضرر الناتج عن الجريمة، وإن كان التركيز في الوقت الراهن على خدمة المجتمع. ولعل أهم الأهداف التي وضعها جلالة الملك المفدى من وراء هذا القانون، مراعاة ظروف المحكومين بمنحهم سبل استئناف دورهم الإيجابي في خدمة المجتمع. فهذه العقوبة البديلة تطبق بدلاً من العقوبة السالبة للحرية أو تخفيفًا لها مقابل إلزام الجاني بأعمال أو تعهدات محددة مثل أعمال التنظيف والزراعة وصيانة المباني. ولقد جاء هذا القانون متمشيًا مع تشريعات وتجارب دولية أثبتت نجاحًا ملموسًا، مما يعطي القاضي مساحة أكبر لإعمال تقديراته ولاختيار بدائل للعقوبات السالبة للحرية إذا اقتضى الأمر ذلك. وهذا القانون بلا شك تعود فائدته على المتهم وأسرته خاصة إذا كان في تنفيذ العقوبة السالبة للحرية ما يؤثر على استقرار الأسرة ومعيشتها، كما أنه يتبنى أفضل الممارسات الحديثة في العقوبات البديلة بما يعزز تحقيق أهداف العقوبة بمفهومها الشامل باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من نظام العدالة الجنائية والتي تقوم على ضرورة الردع وإعادة تأهيل الجاني وضمان حقوقه وحماية المجتمع من خلال مكافحة الجريمة والحد منها عبر إجراءات فعالة تسهم في تقويم سلوك الجاني وتهذيبه وإصلاحه وتقليل احتمال عودته إلى الجريمة. كما أن هذا القانون يشجع الشركاء في الجهات الحكومية على توسيع مشاركتهم ومساهمتهم وتقديم مقترحاتهم بشأن العقوبات البديلة، كما أنه يفتح الباب واسعًا أمام مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص خصوصًا في برامج التأهيل وضرورة التوسع في برامج التوعية لتكريس مبدأ المسؤولية المجتمعية ودعم حقوق الإنسان. ولعلنا نؤكد في ختام هذا المقال المسؤولية الكبرى التي تقع على عاتق العديد من الوزارات لتطبيق هذا القانون وعلى رأسها وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف ووزارة الداخلية.
مشاركة :