تعتبر عادة تبادل الوجبات الغذائية بين الجيران قبل وجبة الإفطار في رمضان من العادات التي تقبل عليها الأسر في رمضان في مجال للتنافس بين الجيران في إرسال وجبات متنوعة؛ وذلك أنَّ الناس ليسوا بحاجة للطعام، بقدر احتياجهم للاهتمام، فهذا الصحن يعكس المودة والاحترام المتبادل بين الجيران.. وهذه "العادة" تتفاوت بين منطقة وآخرى وحي وآخر، فنجد هذه العادة مازالت صامدة في الاحياء الصغيرة، والقرى، بينما بدأت تختفي في المدينة وذلك نتيجة اختلاف الجيران وعدم تواصلهم ومعرفتهم ببعض. تروي لنا "رنا الغامدي" أنها افتقدت هذه العادة بعد انتقالها للعيش في الرياض، مشيرة أن هذه العادة مازالت مستمرة في الباحة، حيث تمتلئ السفرة بالعديد من الأصناف، وجميعها من "تذويقة الجيران" . وتبين الغامدي أن والدتها تحرص على أن تطبخ أكلة معينة بكمية كبيرة لتوزعها على جاراتها قبل المغرب. تقول "سعدى عسيري" غالبا ما تشاهد العديد من الأطفال الذين يتجولون في الشارع قبيل صلاة المغرب في رمضان من الوجبات التي يتم عملها في الفطور حاملين بين أيديهم الصغيرة "ذواقة" من أمهاتهم إلى عدد من الجيران، إذ إنَّ بعض الأسر تعمل على إعداد وجبة بسيطة تعدها ربَّة المنزل عادةً، حيث تتكون في الغالب من "الشوربة" و"السمبوسة"، إلى جانب احتوائها على أصناف عدَّة من الحلويات، مثل "القطائف" و"الكنافة" و"اللقيمات"، وغيرها من الأكلات الأخرى، ومن ثمَّ يذهب بها أحد الأبناء الصغار إلى الجيران وهي عادة جميلة اعتدنا عليها منذ الصغر، إذ تتبادل بعض الأسر طعام إفطارها امتثالا للحديث النبوي الشريف:"مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ"، إلى جانب ما في ذلك من تنمية للعلاقات الاجتماعية التي تربط الجار بجاره في هذا الشهر الفضيل، لتكون هذه العلاقة ممتدة بين الطرفين طيلة أيَّام العام، وكذلك ما فيها من تعويد للأبناء على البذل والعطاء وفعل الخير. وتضيف "نورة العمري" إن أيَّام شهر رمضان تُعدُّ أجمل أيام العام، إذ تزيد في هذه الأيام صلة الرحم ويكثر التواصل بين الجيران، فقبيل الأذان نجد الشوارع تضج بأصوات الأطفال والخدم متنقلين بين البيوت حاملين معهم أصنافاً مختلفة من الطعام إلى الجيران، ليتم في اليوم التالي إرسال (الصواني) لأصحابها مملوءةً بطعام آخر على وجبة الإفطار". وذكرت صفاء محمد "مصرية "- إلى أنَّ هذه العادة تُعدُّ من أجمل العادات الرمضانية، في العديد من الدول العربية رغم انحسارها في الأحياء الجديدة، مضيفةً أنَّها تكثر عادةً في الأحياء المُكتظة بالسكان، موضحةً أنَّ "التذويقة تتكوَّن من طبق بسيط لا يُشبع، بيد انَّه يُعطي إضافةً واضحةً للمائدة، بينما يجب أن تخرج من إطار الاستعراض والتباهي وان تظل تحمل معناها الطيب بتبادل الوجبات. وتضيف "أم شيماء" عن محبتها لهذه الأيام قائلة: "كانت النساء في الماضي يقمن بعمل علامة معينة أسفل الصحون، وبلون معين من الأصباغ لمعرفتها، ومن ثم إرجاعها بعد أن تملأ بصنف أو أكلات، لأنَّه كان يُعتبر من المعيب جداً إرجاع هذه الصحون خالية". من جهتها بينت الأخصائية الاجتماعية بمستشفى الصحة النفسية بعسير "صباح الزهار" أن تبادل الوجبات خلال أيام رمضان نوع من العلاقات الاجتماعية الصادقة التي يجب المحافظة عليها كونها عادة لدى العديد من الدول العربية والإسلامية حيث تتفانى السيدات في تحضير وجبة لا تكون عبارة عن صدقة وإنما تبادل خدمات ومودة وتراحم بين الجيران في ظل مشكلات المدنية الحديثة التي أشغلت الناس فأصبح الجار بالكاد يعرف أي معلومات عن جيرانه وشهر رمضان معروف انه من بين الشهور التي يكثر فيها الخير وطلب عمل الخير والتطوع، مؤكدة أن مثل هذا التواصل يعزز الجانب الإنساني ويخرج الإنسان من إطار التقنيات إلى التعامل الاجتماعي الذي هو أساس الحياة.
مشاركة :