عمل ملحقًا ثقافيًا في أكبر ملحقية ثقافية سعودية في العالم، عاصر خلال إدارته للملحقية خمسة وزراء تعليم وثلاثة وكلاء للبعثات وستة سفراء. عمل في أوج الابتعاث وزخمه حين قارب العدد في أمريكا 170 ألف مبتعث وذويهم واستمر حتى انحسار البعثات إلى أقل من 45 ألفًا. عمل في وقت كانت الصلاحيات كبيرة جدًا للملحق الثقافي واستمر حتى قلصت الصلاحيات لحدها الأدنى. إثني عشر عامًا، لم تكن سهلة بتقلباتها وأحوالها، تطلبت قائدًا يستطيع التأقلم مع كل هذه التغيرات والتوجهات الإدارية والاقتصادية والتنظيمية والاجتماعية وفي نفس الوقت استمرار التركيز على خدمة المبتعث والمبتعثة السعودية كما يجب. هذه المقدمة لإيضاح حجم المتغيرات التي تحيط وتعصف بعمل الملحقية الثقافية وتتطلب قائدًا مهاريًا قادرًا على السير وسط كل هذه الألغام الإدارية والاقتصادية وغيرها. اختلف الناس حوله، وهذا أمر طبيعي وكثير منهم لا يدرك المهام الرئيسة الملقاة على عاتق الملحقية الثقافية والتنظيمات والتعليمات والصلاحيات التي تتغير عطفًا على تغير الظروف المحيطة. إنه سعادة الدكتور محمد العيسى وقد تشرفت عام 2012م - أول لقاء معه - بإدارة لقاء نظمته وزارة الثقافة عن الابتعاث على هامش فعاليات معرض الكتاب، وحاولت استفزازه - بصفتي الإعلامية - بعرض شكاوى المبتعثين، فأجاب بأنه لا ينكر ذلك، لكن كم نسبتهم وما هي نوعية شكاواهم؟ من يزور الملحقية ليسوا الأغلبية وفي العادة هم الذين يعانون تعثرًا في مشوارهم أو يحتاجون استثناءات تتعلق ببعثاتهم. نحن نجتهد لحل مشكلاتهم ودعمهم لكنه من الطبيعي أننا نعمل وفق أنظمة وصلاحيات تحكم العمل. وكقائد للملحقية فقد أكَّد على كون فلسفته هي تفويض الصلاحيات للمسؤولين بالملحقية وتشكيل لجان متخصصة يشارك بعضويتها نخبة من الأكاديميين السعوديين الموفدين لاتخاذ القرارات اللازمة. تشرفت بالعمل معه مؤخرًا لفترة قصيرة إلى حد ما، أكَّدت لي فلسفته تلك حيث كان يفوض لنا الصلاحيات ويأخذ بالحلول التي نقترحها للمبتعثين. توجيهه الدائم «أنظروا في مشكلة المبتعث وحاولوا مساعدته قدر الإمكان». أتذكر قوله: طبيعي الناس ترى الملحق وتنسب النجاح أو الفشل له، لكن تأكَّد أن نجاحكم هو الأهم وبه تنجح الملحقية.. لو كنت أهتم بالشهرة، فمجرد فتح حساب في تويتر سيجلب لي مائة ألف متابع خلال دقائق. في وداعه بعث لي كلمات محفزة «أنا على يقين بأنكم وزملاؤكم في القسم الطبي ستكملون المسيرة.. التوفيق حليفكم وفقكم الله ومدكم بعون من عنده وآمل نقل تحياتي وشكري وتقديري لجميع الزملاء بقسم البرامج الطبية والصحية» ونحن بدورنا تقول شكرًا سعادة الدكتور محمد العيسى على دعمك وثقتك بنا، نرجو أن نكون عند حسن الظن، دائمًا. تمنياتنا لك بالصحة والسعادة والتوفيق في مهامك القادمة وكذلك نتمنى النجاح والتوفيق لخليفتك في قيادة الملحقية. سنتذكر نصائحك وتوجيهاتك وعلى رأسها؛ الحرص على خدمة المبتعث والمبتعثة والسعي قدر الإمكان بمساعدتهم على إنهاء مهاهم التدريبية والدراسية بنجاح. كل مبتعث يمثل قيمة وطنية غالية الثمن، ستفاجئك الأيام بأن ذلك المبتعث يصبح قائدًا أو مخترعًا أو مهنيًا متميزًا في مجاله، فيكون لك أجر عنايتك به ودعمه خلال دراسته وتأهيله...
مشاركة :