نجح اثنان من رواد الأعمال المغاربة في إنتاج مواد بناء أكثر متانة، وأرخص من الخرسانة، والأهم من ذلك أنها مصنوعة في الأساس من البلاستيك، الأمر الذي سيعزز من معدل إعادة تدوير البلاستيك في المغرب. تستهلك المغرب 550 ألف طن من البلاستيك سنوياً، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن الصندوق العالمي للطبيعة، ويُعاد تدوير 40 ألف طن فقط، أي ما يعادل 7.3% من هذه الكمية، أما بالنسبة للكمية المتبقية، فيُترك 25% منها دون أن يتم جمعها، و36 % يجرى التخلص منها بشكل غير قانوني، و31 % تذهب إلى مكبات النفايات. ويُقدِّر الصندوق العالمي للطبيعة تكلفة التلوث جراء نفايات البلاستيك في دولة المغرب، الواقعة بشمال أفريقيا، بـ 26 مليون دولار سنوياً، ولكن يمكن لهذه المعاناة الاقتصادية أن تزول قريباً، بفضل العمل الريادي للثنائي سيف الدين لعلج وهدى ميروش، حيث أسس رائدا الأعمال المغربيان شركتهما «زليج إنفنت»، أثناء استكمال دراستهما في المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بمدينة طنجة المغربية. رحب سيف الدين بقرار حظر استخدام الأكياس البلاستيكية في المغرب عام 2015، ولكنه اعتبره مجرد البداية، في ظل الاستخدام واسع النطاق لأشكال أخرى من البلاستيك. خطى سيف الدين (22 سنة) خطواته الأولى في عالم ريادة الأعمال، عندما كان في الثالثة عشر من عمره، حيث تخصص في الروبوتات، وعن تلك البداية، يقول: «بدأت العمل على العديد من الأفكار. ذات يوم، قلت لنفسي «لماذا لا توجد منتجات بناء مصنوعة من البلاستيك؟». بدأ سيف وهدى، بمساعدة أساتذة في الهندسة وعلوم المواد من جميع أنحاء المغرب، تجاربهما لصناعة مواد بناء من البلاستيك المذاب. ويضيف سيف: «بدأنا من الصفر حرفياً. في البداية، كنَّا نعتقد أنه يمكننا إذابة البلاستيك، ومن ثم صناعة منتجات البناء فحسب، لكن الأمر تطلب منَّا تنفيذ 12 نموذجاً أولياً على الأقل، لنصل إلى التركيبة المكتملة». وبمجرد الانتهاء من التركيبة، بدأت الشركة في تلقي النفايات البلاستيكية من مختلف الكيانات، التي تجمع هذه النفايات، ويتم إذابة هذا البلاستيك، وخلطه مع مكونات أخرى مثل بعض الإضافات والرمل، قبل وضعه في قوالب لتصميم أشكال معينة، اعتماداً على الاستخدام المقصود، ويمكن أيضاً صبغ هذه المواد بألوان مختلفة، واستخدامها في كل شيء بدءاً من المباني وانتهاء بالأرصفة. ويوضح سيف تلك الفترة الأولية بقوله: «كان الجمع بين الدراسة والعمل الريادي في آنٍ صعباً للغاية، إذ كان 80% من فريق العمل من الطلاب. لذلك، كان من الصعب أن نكمل دراستنا، ونعمل في شركتنا، ونقابل المستثمرين وما إلى ذلك. نحن صغار السن لدرجة أن الكثير من الشركاء المحتملين لا يأخذون فكرتنا على محمل الجد». افتتحت الشركة مصنعاً بالقرب من مدينة الدار البيضاء المغربية في أواخر ديسمبر الماضي، ويمكنها حالياً تصنيع ما يقرب من 120 متراً مكعباً من البلاستيك المعاد تدويره يومياً، وبمجرد أن تبرد المواد تصبح جاهزة للاستخدام. يُجرى سبك قوالب البناء البلاستيكية في أشكال مثل مكعبات لعبة ليجو، ليسهل تجميعها، ويعني هذا التصميم الحاجة إلى كمية أقل من الأسمنت اللازم لتماسك كتل البناء؛ ما يقلل البصمة الكربونية بشكل أكبر. ويرى سيف- وفقاً لتقديراته - أن الطوب البلاستيكي الذي تصنعه شركته، أكثر تحملاً خمس مرات من الأسمنت، ويدوم أكثر من 100 عام. ويرى كذلك أن المنزل المصنوع من طوب زليج يستهلك طاقة أقل بنسبة 30 % من المنزل التقليدي بالحجم نفسه. وكذلك، تكاد تكون هذه الكتل غير قابلة للكسر، في حين ينكسر نحو 10% من منتجات الأسمنت أثناء عمليات النقل. ويشير سيف إلى أن أقل من 1% فقط من طوب زليج يتعرض للتلف أثناء النقل. في الوقت الحالي، يُستَخدَّم البلاستيك المُعاد تدويره في الغالب لصنع الأرضيات الخارجية في الحدائق، ومواقف السيارات، والأرصفة، وتقل تكلفة استخدامه بنسبة 30% عن استخدام الخرسانة. وفي مارس الماضي، أطلقت شركة زليج برنامجاً خاصاً بها لجمع البلاستيك، والذي تقوم من خلاله بوضع صناديق لجمع البلاستيك في مواقع مختلفة بمدينة الدار البيضاء. وتعيد الشركة تدوير نحو 10 أطنان من البلاستيك شهرياً، وتهدف قريباً لتقليل كمية النفايات البلاستيكية، التي تذهب إلى المكبات بمقدار 3 آلاف طن سنوياً. وحال نجاح الشركة في تحقيق هذا الهدف، فإن معدل إعادة تدوير البلاستيك في المغرب سيزيد بنحو 8 %. جمعت زليج، التي يعمل بها 12 موظفاً، 120 ألف دولار حتى الآن من المستثمرين. وتأمل الشركة بجمع 300 ألف دولار إضافية، وتتوقع أن تصل إلى نقطة التعادل بحلول منتصف عام 2021. ولتوسيع نشاطها خارج إطار إعادة التدوير، تدير الشركة برنامجاً اجتماعياً، لتشجيع ودعم فن الفسيفساء في المغرب، إذ يشير اسم «زليج» إلى الفسيفساء المغربية. * صحفية وباحثة اجتماعية طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :