خيمت اليوم الثلاثاء اجواء متوترة على المفاوضات النووية المستمرة في فيينا بين ايران والقوى الكبرى مع حديث عن قضايا "بالغة الصعوبة" تعترض احراز تقدم، ما ينبىء بامكان تمديد المفاوضات ل"بضعة ايام" اضافية. ومساء الثلاثاء، تحدث مسؤول غربي كبير عن قضايا "صعبة جدا جدا" لا تزال تتطلب حلا، علما بان كلا من الطرفين يوجه رسائل تراوح بين الايجابية والسلبية في اطار تكتيك الشوط التفاوضي الاخير. والمفاوضات التي كان مقررا ان تنتهي الثلاثاء مددت "لبضعة ايام"، ولكن يبدو ان لكل من القوى الكبرى وايران تقديرا مختلفا للامر. وقال مصدر قريب من المفاوضات "نلامس النهاية. قررنا للتو تمديدا اخيرا (...) اما تنجح الامور في الساعات ال48 المقبلة واما لا تنجح"، فيما اكد مسؤول غربي كبير ان المفاوضات لا يمكن ان تستمر "الى ما لا نهاية". ورد المفاوض الايراني عباس عراقجي عبر التلفزيونات الايرانية "اذا كان لدى الاخرين مهلة نهائية، فهذه ليست مشكلتنا. نحن مستعدون للبقاء في فيينا ما دام ذلك ضروريا، مستعدون لتمديد المباحثات يوما بعد اخر". وهذه هي المرة الخامسة منذ 2013 -- والثانية في هذه الجولة من المحادثات -- التي تتجاوز فيها الاطراف المتفاوضة الموعد المحدد للتوصل الى اتفاق تاريخي بسبب عدم الاتفاق على المسائل الشائكة. وتسعى الاطراف الى التوصل الى اتفاق نهائي يضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الايراني مقابل رفع العقوبات المفروضة على طهران، وذلك بعد التوصل الى اتفاق اطار في نيسان/ابريل. ومنذ بداية الاسبوع، يواصل وزراء خارجية مجموعة خمسة زائد واحد (الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين والمانيا) الذين حضروا الى فيينا اجتماعاتهم، سواء في ما بينهم او مع نظيرهم الايراني محمد جواد ظريف. لكن اي اختراق لم يسجل الى الان. حتى ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لفت الى ان "سبعا او ثماني نقاط" لا تزال عالقة. وصرح نظيره البريطاني فيليب هاموند "هناك عدد معين من المسائل. هناك حاجة الى مساومات وقرارات صعبة من هذا الطرف وذاك". من جهته، تحدث الفرنسي لوران فابيوس عن "حصول توتر". ووافقته وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني بقولها "كان الامر صعبا احيانا". ولا تزال نقاط الخلاف هي نفسها، وتتصل خصوصا بفترة الاتفاق الزمنية والعقوبات المفروضة على ايران و"البعد العسكري المحتمل" للبرنامج النووي الايراني بحسب فابيوس. وعلى صعيد العقوبات، اعلن لافروف الثلاثاء ان قضية حظر الاسلحة المفروض على ايران تبقى "مشكلة رئيسية". واكد عراقجي مساء ان بلاده تطالب بانهاء عقوبات مجلس الامن الدولي الحظر على الاسلحة. وقال "على دول مجموعة خمسة زائد واحد ان تغير نهجها حول العقوبات اذا ارادت اتفاقا". وتبنى مجلس الامن في 2010 قرارا يحظر بيع الاسلحة لايران مثل الدبابات القتالية والمروحيات الهجومية والبوارج والصواريخ وقاذفات الصواريخ، ويمنع ايضا الانشطة البالستية لطهران. لكن مسؤولا رسميا اميركيا صرح مساء الثلاثاء ان "القيود على الاسلحة والصواريخ" لن يتم رفعها في اطار اتفاق محتمل. ورفع القيود عن الاسلحة والصواريخ سيكون صعبا تمريره في اي اتفاق بالنظر الى الظروف الاقليمية الراهنة والضلوع الايراني في نزاعات عدة ابرزها في سوريا والعراق. وثمة بند خلافي اخر يتعلق بالبعد العسكري المحتمل للبرنامج النووي الايراني اقله حتى العام 2003. وتسعى الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى كشف حقيقته في شكل تام. ويطالب المجتمع الدولي بزيارة المواقع والاطلاع على الوثائق ولقاء العلماء الذين قد يكونون معنيين بهذا البرنامج، الامر الذي ترفضه طهران مؤكدة انها لم تكن ابدا عازمة على بناء ترسانة نووية عسكرية. ومن شان فشل مفاوضات فيينا ان يقضي على عامين من الجهود الدبلوماسية الهادفة الى حل ملف معقد يرخي بثقله على العلاقات الدولية منذ اكثر من 12 عاما.وعلق مسؤول اميركي كبير الثلاثاء "لم نكن يوما اقرب من بلوغ اتفاق (...) ورغم ذلك لم نصل الى النقطة التي ينبغي ان نصل اليها"، معتبرا ان فشل العملية التفاوضية سيكون "مأساة".
مشاركة :