دبي عبير أبو شمالة: توقع بنك ستاندرد تشارترد، أن يحافظ اقتصاد الإمارات على مستوى نموّ صحي، وأن يسجل إجمالي الناتج المحلي الحقيقي نمواً بنسبة 3.8% مقابل 4.5% في العام الماضي، ورجح أن يصل النموّ إلى 3.9% في العام المقبل. وبحسب تقرير حديث أصدره البنك أمس، فمن المتوقع أن تحقق الإمارات فائضاً في الموازنة يوازي 3.5% من الناتج المحلي في 2015، و 5.5% من الناتج المحلي في 2016، وذلك على الرغم من التراجع الحاد في أسعار النفط العالمية. قال تقرير البنك الخاص بأداء الاقتصاد العالمي في الربع الثالث من العام الجاري، إن الدولة من المتوقع أن تحافظ كذلك على فائض في الحسابات الجاري، يصل إلى 12% و13.5% في العامين الجاري والمقبل على التوالي. من جهة أخرى، أكد البنك تحسّن ديناميكيات قطاع التجارة في دبي، والتي تستحوذ على حصة 55% من تجارة المنطقة، وقال التقرير إن الإمارة تستفيد من تواصل نموّ تدفقات التجارة بين دول مجلس التعاون، بفضل استمرار دول المجلس في الإنفاق على اقتصاداتها. ورفع البنك توقعاته لنموّ القطاع التجاري في الإمارة من 4.5% سابقاً إلى 7% في الوقت الحاضر. وقال إن قطاع السياحة في دبي، نما بقوة منذ عام 2011، بفضل وضع الإمارة ملاذاً آمناً في المنطقة، وتوقع أن يصل نموّ القطاع إلى 4.2% في العام الجاري مقابل 8.5% في العام الماضي. زيادة إنتاج النفط وأكد التقرير من جهة أخرى تواصل النموّ في إنتاج أبوظبي من النفط، وقال إن الإمارات تنتج حالياً 2.9 مليون برميل في اليوم، مقابل 2.5 مليون أجمعت عليها التوقعات للإنتاج هذا العام، لافتاً إلى أن زيادة إنتاج النفط من شأنها أن تسهم وبشكل مباشر في تعزيز ودعم نموّ إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في العام الجاري. وتوقع البنك أن تحافظ حكومة العاصمة على مستويات إنفاق قوية هذا العام، توازي ما سجلته في العام الماضي، وقد كان يتوقع في السابق أن تتجه حكومة أبوظبي لتقليص الإنفاق، كما توقع أن تحافظ الدولة على مستوى تضخم معتدل لا يتجاوز 4.3% و4% في العامين الجاري والمقبل على التوالي، مقابل 4.2% في العام الماضي. وعالمياً قال التقرير إنه ومع انتهاء النصف الأول من عام 2015، بات التناقض بين توقعات السوق والواقع المحيط بنا أكثر وضوحاً؛ فقد أجمعت الآراء في بداية هذا العام على أن الاقتصاد الأمريكي سيعود بقوة إلى وضعه الطبيعي، فيما يهيمن الغرب على معدلات النموّ، في حين يتردى أداء الاقتصادات الناشئة. معدلات النموّ واكد التقرير أن الواقع يختلف كثيراً عن تلك التوقعات، فعلى الرغم من إجماع الخبراء على نموّ الاقتصاد الأمريكي، فقد تم خفض سقف توقعات معدلات النموّ في الولايات المتحدة، وذلك للسنة الخامسة على التوالي، في حين لا تزال المشكلات الأساسية المتعلقة بالاقتصاد الأوروبي تخيّم على الأجواء. وفي الوقت نفسه، بقيت معدلات النموّ الاقتصادي في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط ضمن المتوقع. على الرغم من ذلك، ما زالت التوقعات المسيطرة تأخذ المنحى نفسه. وما يزال التأكيد منصباً على تعافي الاقتصاد الغربي، بغض النظر عن إمكانية حدوث ذلك، وعلى المشكلات التي تعانيها الأسواق الناشئة. وعلى الرغم من إقرارانا بحجم بالمخاطر التي تواجهها الاقتصادات الناشئة، نتوقع أن يرتفع معدل أداء تلك الاقتصادات، حيث سينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.1 % لهذا العام، وهو أقل من توقعاتنا المبدئية، ونتوقع أن تسهم الاقتصادات في آسيا (باستثناء اليابان) ومنطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا والشرقالأوسط وأمريكا اللاتينية، بأكثر من نصف معدل النموّ الاقتصادي - أي نحو 1.85 % من معدل النموّ المُقدر ب3.1 %. في حين ستضيف الولايات المتحدة ومنطقة اليورو مجتمعتين ما نسبته 0.8 %إلى معدلات النموّ الاقتصادي. وعلى الرغم من أن أداء الأسواق الناشئة يفوق نظيرتها في الاقتصادات المتقدمة، فإن هناك علاقة وطيدة بينهما؛ حيث تُعدّ اقتصادات الولايات المتحدة ومنطقة اليورو من أكبر الاقتصادات في العالم، وبالتالي فإن أداءهما يؤثر سلباً أو إيجاباً في بقية العالم. وعلينا أن ندرك المخاطر الناشئة عن اقتصاد الولايات المتحدة ومنطقة اليورو وتأثيرهما المحتمل في الأسواق الناشئة. ولم يتضح حتى الآن النتائج الناجمة عن العجز المحتمل في اليونان، ومن المرجّح أن يكمن الحل في تجنّب خروج اليونان من منطقة اليورو. ومع ذلك، فإن النموّ الاقتصادي لمنطقة اليورو ما زال منخفضاً جداً، حتى لو انتعشت معدلات النموّ لتصل إلى ما يقرب من 1.5 في المئة، وفقاً لتوقعاتنا هذا العام بالنسبة لمنطقةٍ تسعى إلى الخروج من مدة ركود طويلة. ويشكل هذا النموّ الضعيف مشكلة للاقتصاد العالمي. فتحقيق الفائض الكبير في الحساب الجاري في أوروبا، يعني عجزاً في الحساب الجاري في أي منطقة أخرى من العالم الذي بدوره يُقوّض من حركة النموّ في الاقتصادات الأخرى. وقد تجاوبت الاقتصادات لناشئة مع هذا التحدي، بخفض أسعار الفائدة، إذ قامت 29 دولة بخفض الأسعار في النصف الأول من العام، وهي ردة فعل متوقعةً لأي صدمة خارجية. وقد أمكن تلك الدول فعل ذلك بفضل انخفاض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، وهبوط أسعار النفط، حتى تتسنى السيطرة على معدّلات التضخم. ممتصّ الصدمات وعلى ما يبدو أن نظام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يعمل على تهيئة الأسواق المالية لارتفاع جديد في سعر الفائدة هذا العام؛ حيث نتوقع أن تكون القفزة الأولى في سبتمبر، ونعتقد كذلك أنه من الصعب استمرار الاقتصادات الناشئة في خفض أسعار الفائدة، كلما بدأ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الارتفاع. ويُمثل ارتفاع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تطوراً ملحوظاً، عقب سنوات من أسعار الفائدة التي اقتربت من الصفر وثلاث جولات من التسهيل الكمّي. وتقوم العملات بوظيفة ممتصّ الصدمات في الاقتصادات الناشئة. ففي حال بدء ارتفاع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، فمن المحتمل ارتفاع تذبذب أسواق العملة، على الرغم من كون هذا الأمر ليس بالضرورة سيئاً. ونجد أن معظم دول آسيا حالياً لديها أسعار صرف تتميّز بالمرونة التي تتكيف باستمرار، ما يحمي الاقتصاد المحلي من الصدمات الخارجية. أما العملة الضعيفة فتمثل مشكلة، عندما تعاني دولة ما ارتفاعاً في مستويات الدين بفئات العملة الأجنبية ذات تواريخ الاستحقاق القصيرة الأجل. ونحن لا نرى هذا الأمر يُشكل خطورة كبيرة بالنسبة للدول الآسيوية، على الرغم من كون تركيا هي الأكثر تأثراً وعرضةً لذلك. حالة من القلق عقَّب ماريوس ماراثيفتيس، كبير خبراء الاقتصاد العالمي في البنك قائلاً: يسود السوق في الوقت الحالي حالة من القلق بشأن تأثير ارتفاع مستويات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن بقية العالم، بيد أنه من الخطأ تجاهل المخاطر التي قد يواجهها الاقتصاد الأمريكي نفسه، نتيجة هذا الارتفاع. ها نحن ندخل عاماً آخر من خفض سقف توقعات معدلات النموّ في الولايات المتحدة، على الرغم من الإجماع العام على عدم حدوث ذلك، يضاف إلى ذلك التهديدات الحقيقية والمتزايدة في منطقة اليورو. ولعل بطء النموّ في الأسواق الناشئة هو نتيجة طبيعية للمشكلة الحقيقية التي يواجهها الاقتصاد العالمي، حيث نشهد عدم كفاية في الطلب في أوروبا والولايات المتحدة. فيما ما يزال الكثير في الأسواق يركزون على التصور المستقبلي عوضاً عن رؤية على الواقع. ارتفاع مستوياتالاحتياطي الفيدرالي يلقى التأثير المباشر لارتفاع مستويات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن بقية العالم الكثير من الاهتمام، والأمر يستحق هذا الاهتمام، إلا أن السوق يتجاهل مخاطر ارتفاع مستويات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على الاقتصاد الأمريكي نفسه. وقد حظَّر صندوق النقد الدولي من أن الارتفاع الواقع قبل حينه الواجب قد يؤدي إلى انقلاب أسعار الفائدة لاحقاً. ومما لا شك فيه أننا بتنا نشهد تحدياً آخر حيث - وفقاً لما نشرته مجاميع ديفيزيا النقدية الشاملة الصادرة عن مركز الاستقرار المالي - فقد نما توسيع مفهوم المعروض النقدي M4 الأمريكي بنحو 2,8 %فقط في مايو/أيار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مما يشير إلى ضيق الأوضاع النقدية الفعلية في الولايات المتحدة.
مشاركة :