لا يحتاج المرء إلى كثير من التمعن والتحليل حتى يدرك أن تنظيم داعش الإرهابي، يتبع أسلوباً خبيثاً، ضد جميع المجتمعات التي يهدف إلى ضربها، عبر نشر الفتنة وصولاً إلى التفرقة بين أبناء المجتمع الواحد، حتى يصل إلى مبتغاه، من منطلق سياسة فرق تسد التي يتبعها أي عدو أو مستعمر ضد المجتمع أو الدولة التي يهدف إلى احتلالها وإخضاعها لسيطرته. الأسلوب الذي اتبعه التنظيم الإرهابي من خلال تفجيراته الانتحارية التي نفذها في دور عبادة تعود إلى مذهب إسلامي معين دون غيره في الكويت والسعودية، وخلال صلاة الجمعة، هدفها ضرب الوحدة الوطنية في هذين البلدين من دون أدنى شك، من خلال بث الفتنة بين صفوفه، وزرع الحقد والكراهية وصولاً إلى حالة التصادم المباشر بين أبناء المجتمع الواحد الذين كانوا يعيشون في وئام ومحبة منذ مئات السنين من دون أن يكدرعيشهم المشترك أمر. الأسلوب الخبيث ذاته نجده في سوريا والعراق وليبيا، ففي البلدين الأولين سعى بكل الوسائل، إلى تفكيك اللحمة الوطنية وضرب الصف الواحد، من خلال عملية قتل وذبح وتهجير الأقليات من أكراد وإيزيديين وآشوريين وسريان وعموم المسيحيين، حتى وصل الأمر إلى تكفير حتى الأكراد المسلمين ونعتهم بالإلحاد، فما بالك بأتباع المذاهب والأديان الأخرى، الذين هجروا من بيوتهم بعد تجريدهم منها ومن أراضيهم الزراعية وممتلكاتهم. الشمال السوري، وخاصة منطقة تل أبيض الحدودية، والتي حررتها قوات وحدات حماية الشعب الكردية مع بعض الفصائل العربية المتحالفة معها، وبمساندة جوية من التحالف العربي والدولي، يعيش السكان بمختلف مكوناتهم العرقية والدينية، حالة من الغليان والهيجان الطائفي، نتيجة ممارسات التنظيم الإرهابي، جراء زرع بذور الفتنة بين أبناء المجتمع الواحد الذين عاشوا جنباً إلى جنب في وئام وتوافق رائعين منذ مئات السنين، فبات العربي يتوجس من جاره الكردي والعكس صحيح، حتى وصل الأمر إلى اتهام القوة المسيطرة على الأرض بممارسة التطهير العرقي، وهو اتهام مشكوك في صحته، وكل ما في الأمر، هو ملاحقة بعض العناصر السابقة في تنظيم داعش واستجواب بعض الحواضن الاجتماعية، من دون الوصول حتى إلى الاقتصاص منهم، وكلنا يعرف بأن المنطقة كانت حاضنة اجتماعية للتنظيم الإرهابي وتورط الكثير من أبناء المنطقة في الانضمام إليه وارتكاب أعمال إجرامية بحق جيرانهم من العرب والكرد والتركمان والأرمن على حد سواء. سعى التنظيم الإرهابي بخبث ذكي للتقرب من بعض شيوخ العشائر العربية في سوريا والعراق بأساليب شتى، إحداها المصاهرة، أو الإغراء المادي. أفضل رد عملي على الفتنة التي يسعى التنظيم إلى بثها بين أبناء المجتمع الواحد، التأكيد على متانة اللحمة الوطنية، وهذا ظهر جلياً في إقامة الصلوات الموحدة في كل من الكويت والبحرين، والتي تعتبر أكبر ضربة لمن يحاول تأجيج الاحتقان الطائفي والمذهبي في المنطقة والعالم، وهذا ما يجب أن تقتدي به المدن والبلدات والقرى السورية والعراقية التي يتم تحريرها من داعش. S2222S22S@hotmail.com
مشاركة :