الفنان الشامل، لقب لا يُسند إلّا إلى قلة قليلة من الفنانين الذين يتمتّعون بأكثر من موهبة وفي أكثر من مجال. وفي سوريا حقّقت بعض الشخصيات هذه المكانة، منهم ياسر العظمة ودريد لحام، أما في الزمن الحالي فتحضر أمل عرفة كإحدى الأسماء المكرّسة لهذا اللقب الاستثنائي في أكثر من شكل فني. “العرب” التقت الفنانة السورية فكان هذا الحوار. دمشق- نشأت الفنانة السورية أمل عرفة في بيت دمشقي أصيل يعشق الفن، فوالدها الموسيقار سهيل عرفة، الذي يعتبر أحد أعمدة الفن الموسيقي في سوريا، وهو الذي رعاها فنيا منذ البداية، فقدّمت معه أغنيتها الشهيرة “صباح الخير يا وطنا” مع فهد يكن. ثم درست المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق وتتلمذت على أيدي خبرات سورية مسرحية كبيرة، لتنطلق مسيرتها المسرحية والتلفزيونية والسينمائية كممثلة، وخلال كل ذلك قدّمت نصوصا أدبية وتلفزيونية ودخلت عالم الإنتاج التلفزيوني الذي لم يكن رحلة سهلة بالنسبة إليها. نظرة بانورامية أمل عرفة: طيف من الإبداع يتجدّد بالتراكم أمل عرفة: طيف من الإبداع يتجدّد بالتراكم عن مسيرتها الفنية المتعدّدة الأشكال، تقول أمل عرفة لـ”العرب”، “هي مرحلة بانورامية واسعة عشتها في حياتي المهنية. بدأت الغناء في عمر مبكّر ثم تعلمت المسرح أكاديميا في فترة كانت فيه ورشة المسرح هي الأغنى والأنشط من الغناء في سوريا. ولكنني قدّمت خلال هذه الفترة أغاني فردية عديدة وأنا الآن بصدد تحضير أغنيتين، وهنالك مشروع غنائي أعمل عليه هو إحياء أغاني والدي الفنان الراحل سهيل عرفة. وسأبدأ بأغنية: عالبساطة، للمطربة صباح بتوزيع موسيقي جديد يقارب روح الشباب”. وعن رأيها في المساحة المفضلة لديها في كل ذلك، تجيب “أنا لا أقفز بهذا التنقل من مكان لآخر فكله متواصل، عندما بدأت كانت لديّ نظرة بانورامية عنه، لذلك فهمته. عملت في الإعلام وقدّمت برامج في سوريا وخارجها، وصولا إلى قناة: لنا”. وتضيف “أدّعي أنني أعرف ما أريد وهذا ينسحب على كل ما أقوم به من عمل، فعندما أكتب أو أغني أو أمثل تكون الرؤية ذاتها.. أنا أولا وأخيرا ممثلة لكوني درست هذا الفن أكاديميا، كما أن تركيبتي بالأساس ممثلة، وهي شخصية شائكة أكثر من شخصية المغني النجم، كما هو متعارف عليها عادة”. قدّمت أمل عرفة العشرات من الأدوار في أشكال عديدة بين التراجيدية والكوميديا والغناء والرقص. ويبقى دور شخصية فضة في المسلسل الشهير “خان الحرير” علامة فارقة في تاريخها الفني. وتقول عنه “مسلسل: خان الحرير، الذي كتبه نهاد سيريس وأخرجه هيثم حقي هو تجربة هامة ومفصلية في تاريخي الفني، ففيه قدّمت شخصية تجمع بين فني الغناء والتمثيل، لاحقا تتالت تجارب الغناء في أعمالي وفي نوعيات أخرى، في: عشتار، ثم في: مدرسة الحب”. وتشير عرفة إلى أنها قدّمت نوعا من الغناء عبر شخصية سماهر في مسلسل “شارع شيكاغو”، والتي تشبه ذاك الزمن بكل تجلياته، حيث تشابكت فيها قيم الطموح والحلم مع اليأس والخوف والإحباط وكيف يضطر الإنسان إلى أن يبيع نفسه للشيطان. وتضيف “في المسلسل الذي تمّ تأجيله إلى ما بعد شهر رمضان المنقضي، أقدّم شكلا من الغناء عن مغنية من الدرجة العاشرة. ليس ضروريا في نظري أن يكون كل دور أقوم به متضمنا الرقص والغناء. ألاحق العمل المهم الذي يحترم ذوق الجمهور وعراقة الدراما السورية ولا أنتمي إلى شكل محدّد في الدراما. نحن جيل تلقّف المهنة من المؤسّسين وسوف نوصلها إلى جيل آخر يتابع بعدنا، ونحن ما زلنا نعمل مع جيلنا المؤسّس الذي ما زال يقدم إبداعا جميلا”. كتبت أمل عرفة في العديد من الأشكال الأدبية، حيث بدأت رحلتها في الصحافة الورقية ثم انتقلت إلى التلفزيون. وتقول عن ذلك “كتبت لأنني أحب الكتابة وليس لأنني لم أجد ما يلبّي طموحي. قبل أن أكتب مسلسل “دنيا” عام 1999 كنت أكتب في الصفحات الأخيرة في الصحف اليومية ثم كتبت لوحات في “بقعة ضوء”. حتى عندما أمثل فإنني أسعى إلى أن أمتلك نفس الكاتب الذي يقرأ ونفس الممثل الذي يؤدّي”. بين الكتابة والإنتاج قدّمت أمل عرفة العشرات من الأدوار في أشكال عديدة بين التراجيدية والكوميديا والغناء والرقص قدّمت أمل عرفة العشرات من الأدوار في أشكال عديدة بين التراجيدية والكوميديا والغناء والرقص بدأت أمل عرفة مشوار الكتابة بمسلسل “دنيا” عام 1999 ثم “عشتار” في العام 2004، فـ”رفة عين” 2012 و”سايكو” 2016، وهي تكتب إلى حد الآن بعض اللوحات من مسلسل “بقعة ضوء” دون أن تضع اسمها عليها، بل تترك ذلك لأسماء أخرى، مبرّرة ذلك بقولها “طالما أنني ممثلة أفضل أن أكون كذلك، والكتابة هي رغبة في إيجاد تكامل أكبر للعمل، الكتابة عندي نافذة، فهناك أشياء لا يمكنني قولها كممثلة فألجأ إلى التعبير عنها بالكتابة”. وعن دخولها عالم الإنتاج التلفزيوني الصعب، تقول “دخلت الإنتاج صدفة، فعندما كنا نصوّر مسلسل: سايكو، أوقفت الشركة المنتجة العمل حتى تتمكّن من إكمال ميزانيته، حينها قرّرت الدخول مناصفة معها في العمل وهو ما حدث. بعض القائمين على العمل أكّدوا أنه مُباع لبعض القنوات العارضة. وعندما أنهينا العمل اكتشفت أن الأمور ليست بهذه السهولة”. وتضيف “الحمد لله أنني أخيرا عرضت العمل واسترجعت رأس مالي ودفعت ديونا كانت في ذمتي تجاه أصدقاء وأقارب. ولا أعتقد أنني سأعيدها بعد هذه التجربة، فلدينا أزمة تسويق تتدخّل فيها العديد من الأمور منها السياسة. أفضّل أن يعمل بالإنتاج أناس أكثر خبرة مني. هو عالم مختلف كليا عن التمثيل يتطلّب قلبا قويا وعلاقات واسعة، كما يجب أن يتمتّع الشخص ببعض الوقاحة أحيانا، أقولها بلطف طبعا، وأنا لا أمتلك هذه المواصفات لذلك لا أجد نفسي في الإنتاج”. وعن ظهورها في تقديم برنامج حواري في قناة “لنا” من خلال برنامج “فيه أمل”، تقول “كنت من أوائل الممثلين الذين قدّموا برامج، وهذا صنع لي حضورا شعبيا هائلا في عصر لم تكن فيه مواقع التواصل الاجتماعي موجودة. بدأت من الفضائية السورية ثم عملت في بعض الفضائيات العربية كـ:أم.بي.سي، وإي.آر.تي، ثم في قناة لنا، حاليا”. أمل عرفة درست المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق وتتلمذت على أيدي خبرات سورية مسرحية كبيرة، لتنطلق مسيرتها المسرحية والتلفزيونية والسينمائية كممثلة وهي لا ترى مشكلة في عمل الممثل في المجال الإعلامي، معتبرة أنه حين يكون لطيفا مع الناس وقادرا على مُحاورتهم بعمق سيتحقّق له النجاح. وتقول “أنا شخصيا بعيدة عن البرامج المحرجة لي ولزملائي في المهنة، أرفض أن أذمّ زميلا أو زميلة أو أن أتحدّث عنهم. ولكن يبدو أن هذه الأعمال رائجة فالناس تحب أن تتابع هذا الشكل من البرامج”. وتضيف أمل عرفة طارحة سؤالا “لماذا يقوم عدد من الممثلين السوريين بتقديم البرامج؟ شخصيا كنت أسأل هذا السؤال، وكنت أرى أن عددا من الإعلاميين يستحقون أن يكونوا نجوما إعلاميين من الدرجة الأولى، وهذه المسؤولية تقع على عاتق القناة الباثة كونها لا تقدّم الظروف المناسبة لصناعة إعلام وصناعة نجوم إعلاميين على العكس من لبنان ومصر والخليج”. ولا تنكر الفنانة السورية تجنّبها اللقاءات التلفزيونية، بقولها “لو كان لدينا نجوم إعلام حقيقيون لكنت تشرّفت بأن يحاورني واحد منهم. وهنا لا أقصد الشهرة بل المهنية. قديما كان هناك مروان صواف وتوفيق حلاق، اللذان كنا نلحظ عند مشاهدتهما كيف يقدّمان الفنان ويحترمانه. في أيامنا حين تحترم ضيفك يتهمونك بالتملّق. هناك قيم كثيرة تغيّرت يجب أن نعيد النظر فيها ونعيد بناءها وأهمها موضوع الاحترام، فحين أشعر أن نجاح زميلي هو بمثابة النجاح لي، عندها فقط يمكن القول إن الأمور باتت تسير بخير”.
مشاركة :