كشف علماء فضاء في مؤتمر علمي عقد في بريطانيا أمس (الإثنين)، عن إمكان وجود جزيئات حية على المذنب «تشوري» الذي حط عليه قبل أشهر المسبار «فيلة» (فيلاي). وفي حال التأكد من هذه الفرضية، ستتعزز النظرية العلمية التي تنص على أن «المذنبات كان لها دور مهم في ظهور الحياة على كوكب الأرض». ويعتقد العلماء أن هذه الأجرام الصغيرة أحضرت المياه إلى الأرض بعد تعرض الكوكب لوابل منها، أدى إلى تشكل البحار والمحيطات، وتأتي الفرضية الجديدة لترجح أن المذنبات أحضرت الجزيئات العضوية الحية المركبة إلى الكوكب. والمذنبات أجرام صغيرة من المجموعة الشمسية، تتألف من نواة صلبة جليدية ومواد عضوية وصخور، ويغلفها الغبار والغاز. وتراقب المركبة الأميركية غير المأهولة «روزيتا» (رشيد) منذ آب (أغسطس) الماضي، «تشوري» عن قرب، في ما يقترب من الشمس بسرعة تبلغ 32.9 كيلومتراً في الثانية. وكشفت المعلومات التي جمعتها مهمة «روزيتا» حتى الآن، أن قشرة المذنب السوداء غنية بالمواد العضوية، وأظهرت الصور وإحتمال جود بحيرات مياه متجمدة وتحتوي على مواد عضوية. وأفاد الباحث في جامعة «كارديف» ماكس ويليس وزميله شاندرا، ومدير«مركز علوم الأحياء الفضائية» في جامعة «باكينغهام» ويكراماسينغ، أن «وجود هذه العناصر يتوافق مع وجود جزيئات حية». وقال ماكس ويليس في بيان إن «روزيتا أظهرت أن المذنبات ليست أجساماً باردة ميتة، بل انها ميدان ظواهر جيولوجية، وإمكان أن تكون مناسبة للجزيئات الحية أكثر من القطبين الشمالي والجنوبي على كوكب الارض». وأوضح الباحثين أن رصد «فيلاي» لجزيئات عضوية مركبة بكثرة على سطح المذنب، يشكل دليلاً على وجود حياة. وذكر شاندرا أن «الجزيئات الحية تعيش وتتطور تحت سطح المذنب مؤدية إلى تشكل جيوب من الغاز العالي الضغط يكسر طبقة الجليد السطحية، ويخرج الجزيئات العضوية إلى السطح». ورجح الباحثان أن الجراثيم تعيش في شقوق الجليد وتحتوي على أملاح مضادة للتجمد تتيح لها التكيف مع البرد، وتنشط حيث تنخفض درجة الحرارة إلى 40 درجة تحت الصفر. واقترب المذنب في ايلول (سبتمبر) الماضي إلى مسافة 500 مليون كيلومتر من الشمس، إذ بلغ سطحه درجات الحرارة تلك، ومنذ ذلك الوقت بدأ يصدر إنبعاثات من الغاز. ويواصل المذنب اقترابه من الشمس ليصل في 13 من آب المقبل، إلى مسافة 186 مليون كيلومتر. وكلما اقترب منها أكثر، ترتفع حرارته وتتزايد انبعاثاته من الغاز والغبار، ويرجح الباحثان ان يكون ذلك ناجماً عن ارتفاع وتيرة نشاط الجزيئات الحية. في حال جرت الأمور بأمان، ستكون المركبة «روزيتا» التي تحلق جوار المذنب و«فيلاي» الموجود على سطحه، أول من يراقب تلك الظاهرة. واطلقت مهمة «روزيتا» في اذار (مارس) من العام 2004، وسافرت في الفضاء 10 سنوات قطعت خلالها 6.5 بلايين كيلومتر وهي تتعقب المذنب، إلى أن وصلت إلى جواره وأرسلت «فيلاي» إلى سطحه في 12 من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، في عملية بالغة التعقيد جرت على بعد أكثر من 500 مليون كيلومتر عن سطح الارض، هي الأولى من نوعها في تارخ غزو الفضاء. وبعد ساعات على هبوط فيلاي على سطح المذنب دخل في «غيبوبة»، لأنه حط في هوة لا تصلها أشعة الشمس كثيراً، لكنه عاد إلى العمل قبل أسابيع مع اقترابه من الشمس. ويبدي العلماء منذ سنوات اهتماما بالغاً بالمذنبات، معتبرين أنها شاهدة على نشأة النظام الشمسي الذي يقع فيه كوكبنا، وستزود العلم الحديث بمؤشرات ذات أهمية قصوى حول أصل المجموعة الشمسية، وربما عن أصل الحياة في الكون.
مشاركة :