"دائما ما كان يبحث من خلال كتاباته عن قارئ يفهم القصة ويحصل على الفائدة منها، وقد تكون تلك الفائدة أن يُعلم القارئ شيئا ما من خلال فتح أعينه على تفاصيل لا يمكن رؤيتها بالنظرة الأولى للأشياء، كما أنه ظل قانعًا أن الكتابة يجب أن يكون لها طعم، لذا اهتم كثيرًا بالتفاصيل، واهتم بفكرة التعايش لذا فكتاباته عن الصعيد نابعة من معايشته لحياة الصعيد"؛ هكذا تحدث محمد نجل الروائي الراحل محمد مستجاب، في إحدى ندوات معرض القاهرة الدولي للكتاب العام الماضي. مستجاب، الذي تحل ذكرى وفاته اليوم الجمعة، تنوعت أعماله بين القصة القصيرة والرواية والكتابة الصحفية، تميزت كتباته بالاستخدام الراقي للمفردات اللغوية، حاز جائزة الدولة التشجيعية عن رواية "من التاريخ السري لنعمان عبدالحافظ" والتي حققت له نجاحا وصوتا مميزا في عالم الإبداع السردي.ولد بمركز ديروط بمحافظة أسيوط عام 1938، حصل على الشهادة الثانوية، ثم التحق بمعهد الفنون الجميلة لكنه لم يكمل تعليمه، سافر إلى العراق وعمل بها بضعة أشهر، ثم عاد إلى القاهرة وعمل بمجمع اللغة العربية حتى بلغ سن التقاعد.خرج مستجاب من البيئة العمالية حيث عمل في المشروع القومي لمصر "السد العالي" أيام الزعيم جمال عبدالناصر، ووفق رواية ابنه فإنه "قبل أن يعمل في المجمع كان يعمل في السد العالى، وكانت له الكثير من الحكايات في السد العالى ومع العاملين قبل أن يقابل وزير الثقافة الأسبق ثروت عكاشة على سلالم قصر ثقافة أسوان، حيث قام ثروت عكاشة بالتأشير له لنقله للعمل في مجمع اللغة العربية في وزارة الثقافة.نشر أول قصة قصيرة وكانت بعنوان "الوصية الحادية عشرة" في مجلة الهلال في أغسطس 1969، وقد جذب إليه الأنظار بقوة، وأخذ بعد ذلك ينشر قصصه المتميزة في مجلات عدة. صدرت روايته الأولى "من التاريخ السري لنعمان عبدالحافظ" عام 1983 وترجمت إلى أكثر من لغة. تلتها مجموعته القصصية الأولى "ديروط الشريف" عام 1984، ثم أصدر عدة مجموعات قصصية منها "القصص الأخرى" عام 1995 ثم "قصص قصيرة" عام 1999، ثم "قيام وانهيار آل مستجاب" عام 1999 التي أعيد طبعها ثلاث مرات بعد ذلك. ثم "الحزن يميل للممازحة" عام 1998 وأعيد طبعها أيضًا عدة مرات. ثم أصدر روايتين هما "إنه الرابع من آل مستجاب" عام 2002 و"اللهو الخفي" التي صدرت قبل شهرين من وفاته. وحولت إحدى قصصه إلى فيلم سينمائي عنوانه (الفاس في الراس)، كانت له كتابات صحفية ثابتة في عدد من المجلات والجرائد العربية أشهرها زاويته "نبش الغراب" في مجلة العربي الكويتية وقد جمعها في كتاب حمل نفس الاسم صدر سنة 1999.وتحت زاوية "بوابة جبر الخاطر" كتب في جريدة أخبار الأدب وجمعها أيضا في كتاب من جزءين حمل نفس الاسم وصدر عام 1999.كتاباته الثابتة في عدد من الصحف والمجلات أبرزها "الأسبوع" المصرية و"الشرق الأوسط " و"سيدتي" و"المصور" وقد جمع هذه المقالات في كتب عدة منها "حرق الدم"، و"زهر الغول"، و"أبو رجل مسلوخة"، و"أمير الانتقام الحديث"، و"بعض الونس"، و"الحزينة تفرح". توفي يوم 26 من يونيو 2005م عن عمر ناهز 67 عاما بعد أن أصيب بفشل كبدى.
مشاركة :