أبقى البنك المركزي التركي سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، مما أثار دهشة المستثمرين الأجانب، لكن القرار لم يخلّف تأثيرا ملحوظا على الليرة، بعد تسع مرات من الخفض. باتت أسعار الفائدة عند 8.25 في المئة بعد أن كانت 24 في المئة في يوليو الماضي، في حملة من التسهيلات المالية التي جاءت إثر قرار الرئيس رجب طيب أردوغان بإقالة محافظ البنك السابق مراد تشتين قايا واستبداله بمراد أويصال. بعد اعتماد سياسات الحكومة الاقتصادية المؤيدة للنمو لسنوات عديدة بتعديلات غير تقليدية على السياسة النقدية، أدى المرسوم الرئاسي إلى إقناع المستثمرين الأجانب بأن البنك المركزي فقد استقلاله عن السلطة ثم أدى تخفيض أسعار الفائدة إلى هجرة المستثمرين الأجانب بعيدا عن الأسهم والسندات التركية. لقد فقدت الليرة 20 في المئة من قيمتها أمام الدولار منذ يوليو الماضي، لتصل إلى 6.85 قبل وقت قصير من إقالة قايا لكنها انحدرت إلى 7.26 مقابل الدولار في مطلع مايو الماضي، وهو مستوى منخفض غير مسبوق. ووفقا للبيانات الرسمية، فإنّ حصة السندات المحلية التركية التي يمتلكها المستثمرون من غير المقيمين انخفضت إلى النصف منذ يناير لتصل إلى حوالي 5 في المئة من الإجمالي، وهو أدنى مستوى منذ سنة 2005. كانت تبلغ النسبة أكثر من 25 في المئة في منتصف 2013، لكنها انخفضت إلى أقل من النصف منذ يناير لتبلغ حوالي 10 في المئة من الإجمالي. ووفقا لبيانات المركزي، في الوقت نفسه، تقلصت ملكية الأجانب للأسهم المتداولة في بورصة إسطنبول إلى 23 مليار دولار من حوالي 82 مليار دولار سنة 2013. وسُجّل أحدث نزوح بسبب حظر البيع على المكشوف. وخلال الأسبوع الحالي، أعلنت شركة أم.أس.سي.أي الرائدة في تزويد المؤشرات عالميا، أن مؤشر تركيا قد يُخفض من سوق ناشئة إلى مستوى فيتنام وبنغلاديش والمغرب وصربيا. ويقول محللون إن مثل هذا القرار يمكن أن يدفع إلى مزيد من النزوحات بنحو 5 مليارات دولار. ومنذ 2019، أربك المركزي، الذي يعمل على دعم جهود الحكومة لتحفيز النمو إثر أزمة العملة في 2018، توقعات المستثمرين مع تخفيضاته في أسعار الفائدة بمستويات لم تكن متوقعة. واستمرت عملياته خلال أزمة كورونا، مما قلل من جاذبية الاستثمار في السندات المحلية. مؤشر أم.أس.سي.أي للأسواق الناشئة قد يُخفض تصنيف تركيا، وقد يدفع ذلك إلى نزوح المزيد من الاستثمارات بنحو 5 مليارات دولار وبالتزامن مع ذلك عمل المركزي مع السلطات الأخرى لمنع البنوك المحلية من التداول مع المؤسسات المالية الأجنبية في سوق المقايضات الخارجية في محاولة لتعزيز قيمة العملة. واعتمدت سوق المقايضات المحلية في بورصة إسطنبول كبديل مع تعديلات على متطلبات الحد الأدنى من الاحتياطي للمساعدة في تشجيع الإقراض للأفراد والشركات. وقد وافق بنك خلق وبنك وقف وبنك زراعات على الزيادة السريعة في القروض ومع التعديلات على متطلبات الحد الأدنى من الاحتياطي، نمت قروض المستهلكين والشركات بنسبة 20 في المئة خلال العام الماضي. وكشف اتحاد بنوك تركيا أن 920 ألف مواطن استخدموا قروض الإعانة لأول مرة خلال أبريل. ووفقا لوكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، حاليا تبلغ القروض المتعثرة 5.4 في المئة من إجمالي القروض، ويمكن أن تتضاعف خلال السنة المقبلة. وتوقع محللون أن يخفض المركزي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 8 في المئة الخميس الماضي. ووفقا لمتوسط تقديرات استطلاعات الاقتصاديين والمحللين التي أجرتها بلومبرغ ورويترز، توقع البعض تخفيضا قدره 50 نقطة أساس. واستندت التوقعات على ممارسات البنك السابقة. وكان التضخم السنوي عند 11.4 في المئة الشهر الماضي، وهو أعلى بنحو 4 في المئة عن هدف المركزي في نهاية العام. وتوقع استطلاع شهري أجري هذا الشهر مع عدد من الاقتصاديين أن يبلغ التضخم 9.5 في المئة في ديسمبر. ومع قائمة الأخطاء الطويلة التي ارتكبها صانعو السياسة المالية والمؤسسات الاقتصادية التركية، سيتطلب إصلاح سمعة البنك خطة محكمة طويلة. ويشير تداول الليرة إلى أن العديد من المستثمرين كانوا متفائلين بأن تخفيض سعر الفائدة سينتهي مع تخفيض نهائي، ولكنهم أدركوا أن مزيدا من التخفيضات منتظرة في المستقبل، مما يؤخّر عودة تركيا إلى موقعها الاقتصادي. ويتساءل العديد من الاقتصاديين عما إذا كان بإمكان المركزي رفع أسعار الفائدة قريبا، مشيرين إلى اعتراضات أردوغان على ارتفاع تكاليف الاقتراض. الرئيس يدعي أن أسعار الفائدة الأعلى تضخمية، أنها تتعارض مع أسس التفكير الاقتصادي التقليدي. وقد أدت سياساته إلى اندلاع أزمة العملة قبل عامين.
مشاركة :