انتقدت النسخة الأوروبية من مجلة «بوليتيكو» السياسة ذات الوجهين التي تتسم بها إستراتيجية الاتحاد الأوروبي في التعامل مع دول غرب البلقان. واستهجنت التربيت على ظهور الزعماء الأوتوقراطيين في كل مرة يفوزون فيها بالانتخابات، بعد تقديم مجموعة جديدة من الوعود الفارغة.وبحسب «تيريزا رايتر»، رئيسة الاتصالات في المنتدى الأوروبي ألباخ والمستشارة السياسية السابقة للشؤون الخارجية والأوروبية والدفاع والهجرة والتعاون الإنمائي في البرلمان النمساوي، بعد فوز الحزب التقدمي الحاكم في صربيا بانتصار ساحق في الانتخابات البرلمانية قبل أيام، اصطف العديد من القادة الأوروبيين لتقديم تهانيهم، وغضّوا الطرف عن أن الانتخابات لم يكن بها أي طرف آخر لديه فرصة، أو أن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، زعيم الحزب الحاكم، سيطر على مؤسسات الدولة والمؤسسات الإعلامية واستغل أزمة فيروس كورونا لقمع حقوق المواطنين وحرياتهم.وأردفت: إن ما يثير الغضب في نظام مثل روسيا أو تركيا يعتبر مقبولًا إلى حد ما عندما يحدث في غرب البلقان.وتابعت بقولها: لأكثر من عقد من الزمن، كان ممثلو الاتحاد الأوروبي يتصرفون بنفس الطريقة، حيث يبشرون بأهمية قيم الاتحاد الأوروبي، والديمقراطية، وسيادة القانون وحقوق الإنسان في غرب البلقان، لكن في نفس الوقت يدعمون سياسيين مثل فوتشيتش، الذين يعاملون هذه القيم نفسها بازدراء صارخ.ومضت تقول: لم تحدث سيطرة فوتشيتش المشددة على صربيا بين عشية وضحاها، وإنما تمت على مدى سنوات، حيث تم تبنّيه على أنه أمل الاتحاد الأوروبي في صربيا الأوروبية.ولفتت الكاتبة إلى أن هذه الرسائل المختلطة الصادرة من الاتحاد الأوروبي ساهمت في تعطيل الإصلاحات وتآكل الثقة في الاتحاد الأوروبي بين المواطنين في صربيا، وأماكن أخرى في المنطقة، حيث غضّت الحكومات الغربية الطرف أيضًا عن السلوك غير الديمقراطي باسم الاستقرار السياسي.وأضافت: مع ذلك، لا يزال القادة الأوروبيون ينظرون حولهم في حالة من الحيرة عندما تحرز الدول تقدمًا ضئيلًا أو معدومًا بشأن الإصلاحات الديمقراطية، ويصفون المنطقة بأنها قنبلة موقوتة غير مستعدة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في أي وقت قريب.ونوهت إلى أن السبب في ذلك هو النفاق الأوروبي. ونقلت عن المنبر المدني، حزب المعارضة الصربي الذي قاطع الانتخابات، قوله في تقريره عن مستقبل عملية التوسيع: إذا استمر الاتحاد الأوروبي في تقديم صورة منمقة للوضع في صربيا واستخدم لغة غامضة، فسوف يسهم فقط في زيادة تراجع المشاعر المؤيدة للاتحاد الأوروبي ويثبّط القوى المؤيدة للديمقراطية والإصلاح.واعتبرت الكاتبة هذه الكلمات بمثابة تحذير لقادة أوروبا، مشيرة إلى أن مقامرة الاتحاد الأوروبي بمصداقيته في غرب البلقان خطر حقيقي.وأردفت: سياساتنا في البلقان ذات الوجهين ستعود حتمًا لتؤلمنا. في كل مرة نفضل الاستقرار على انتقال منظم في غرب البلقان، فإننا نقوّض استثمارنا في المنطقة وأمننا، ناهيك عن مستقبل الملايين من الأوروبيين في غرب البلقان.وتابعت: ما نسميه «الدول الفاشلة» هي في الواقع حالات فشلنا فيها. بدلًا من الشكوى من عدم إحراز تقدم، أو إعادة استخدام المناهج القديمة في إستراتيجية البلقان الجديدة، أو مراكمة معايير جديدة للانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، يحتاج الاتحاد إلى إعادة التفكير في نهجه بالكامل.ومضت تقول: يجب على قادتنا أن يتقدموا خطوة إضافية وجعل الإصرار على معايير وقيم الاتحاد الأوروبي مكونًا أساسيًا للعلاقات الثنائية والعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وغرب البلقان في كل اجتماع مع نظرائهم في المنطقة.وأضافت: سيتطلب هذا بالطبع أن يكونوا عاملًا للتغيير في البلقان، بدلًا من إلقاء ثقلهم خلف حزب سياسي أو زعيم واحد. يجب تقديم الدعم للقوى المؤيدة للديمقراطية التي تناضل من أجل الحقوق والحريات الفردية وتحويل مسار بلادها.وتابعت: لا ينبغي أن يساعد الاتحاد الأوروبي زعماء مثل فوتشيتش في تعزيز الوضع الراهن.. يتطلب تغيير المسار المثابرة والنزاهة وقبل كل شيء الشجاعة.
مشاركة :