هل أصبح الصمت هو الوسيلة السليمة لتجنب المشاكل مع الأقارب والأصدقاء وكل من تجمعنا معه صلة ؟ هل اصبحنا نخشى ان نتحدث حتى لا نفهم خطاء ؟ هل لدينا الكثير من الكلام يجب ان يقال كانصيحة او نقض وفضلنا ان نصمت ولا نقوله خوفا من سؤ الظن ، او نتهم بالتدخل فى الشؤون الشخصية للآخر؟ لقد اصبحنا فى الكثير من الأحيان نخشى ان نتحدث ، وان تفسر تصرفاتنا وكلماتنا بحضور سوء النية السائد عند الجميع. لقد تغيرت المشاعر وتغيرت انواع المشاركة والاحساس بالاخر فلم يعد احد يلتمس الاعذار للاخر, او حتى ان يكلف الفرد نفسه من التحقق من الصديق ومن العدو , من الخائف عليه ومن المتشفى فيه . ولم تعد ايضا النصيحة حين نسمعها من احد المقربين تفسر على انها حب , بل لا احد يتقبلها ويعتبرها تدخل فى شؤونه الشخصية . لقد تغيرت علينا مشاعر القريب فما بالك من الغريب وساد التنمر بين افراد العائلة الواحدة لتصيد الاخطاء فى الحديث والكلام فزادت الفجوة وزاد الاتساع ما بين الافراد. واصبحت العلاقات الاجتماعية فاترة باردة ليس فيها اى دفىء اوحميمية , كذلك العلاقتنا الاجتماعية اصبح يشوبها التوجس والخوف ان تفسر تصرفاتنا كلامنا بغير معناه وندخل بمشاكل وتبريرات بغنى عنها يكفى مشاكل الحياة التى تحيط بنا على ان ندخل فى صراعات لنثبت صحة مقصدنا وحسن نيتنا . لماذا اصبحنا هكذا ؟ كنا فى السابق يتزاور الاقارب ويجتمعوا والكل يسعى بود تجاه الاخر وكان يتقبل النصيحة ويتقبل النقد والتوجيه بكل سعة صدر . وكان الجيران سند لبعضهم البعض ودائما مع بعض فى الفرح والحزن وكان الجار حافظ سر جاره ويخشى عليه والاقرب له من اهله فى كل شىء وكل جار يتفقد احوال الاخر ويسال عليه ويوده ويقدم له الدعم والمساعدة اذا احتاج الامر ذلك . وكان الاخوات ايضا يد واحد مجتمعين مع الاسرة دوما بكل حب ودفىء يتشاورون فيما بينهم فى ادق التفاصيل تجمعهم صفو محبتهم وخوفهم على بعض ودفىء العائلة وانتمائهم الشديد لها . الان اصبح كل شىء من الذكريات التى يتداولها كبار السن فيما بينهم ليشغلوا بها اوقاتهم بالحكى فيما قد مضى من ذكريات قد كان وكان ويقصوها على ابنائهم واحفادهم متأملين ومتطلعين لعودة ذلك الزمن الجميل مرة اخرى . فما السبب يترى الذى جعلنا هكذا؟ ما الاسباب التى ضيعت المحبة الخالصة بينا؟ لماذا تاخذنا الدنيا بعيدا عن مشاعرنا تجاه بعض تاخذنا من لحظات السعادة والامسيات وجمال القرب من بعضنا ؟ لما الشعور بالغربة والوحدة ونحن فى بيت واحد مجتمع واحد وطن واحد ؟. هل التقنية الحديثة هى من فعلت بنا ذلك عبر التصفح على المواقع وانفراد كل واحد بعالمه الوهمى الخاص به على شبكات التواصل . حتى المشاعر والمحبة لم نعد نعبر عنها الا من خلال الكلمات المكتوبة والصور فقدنا بسببها لغة التعبير لغة المشاركة واصبح النت هو المتنفس لمشاعرنا وتواصلنا والونس لوحدتنا . ام السبب الظروف المادية والاحوال الاقتصادية التى جعلتنا نلتهى بيومنا فى توفير مستلزماتنا ومتطلبات حياتنا. فلا احد يدرى بالاخر ولا يعرف عنه اى شىء ولا يلجاء له ويسال عليه الا اذا كان هناك مصلحة فقط متى انقضت اصبح كل فى طريق . ام البعد عن الدين وتعاليمه التى تحثنا على الترابط والاخاء والمحبة الخالصة فى الله لما لذلك من دور مؤثر في تغيّر النفوس واحتقان البعض ضد الآخرين . ام الزمن هو من فعل بنا ذلك وما به من متغيرات ومفاجأت ما كنا نتوقعها يوم ، وهل نعيب على الزمن تغيرنا ام نعيب على انفسنا اننا هجرنا انسانيتنا تخلينا عن مشاعرنا واصبح التفكير المادى هو سيد الفكرة وهو المسيطر عليها كما يقول الشاعر نعيب زماننا والعيب فينا ومالزماننا عيب سوانا ونهجو ذا الزمان بغير زنب ولو نطق الزمان لنا هجانا. فالمتأمل لحالنا نجد ان الزمن والمشكلات والظروف ليست هى السبب ولكننا نحن السبب فى كل تغير نحن بايدينا من دمرنا الجميل من المشاعر الانسانية التى كنا نجتمع عليها ضيعنا منا لحظات الانس والقرب من احبائنا ، حيث كانت تفترق الاجساد وتبقى القلوب مجتمعة والارواح تغذى شوقها بلقاء وتجمع اخر. اين نحن منا اين نحن من غذاء قلوبنا ومشاعرنا فلنقف وقفة حداد على ذكرياتنا وعلى اوقات لن تعوض أننا بحاجة إلى وقفة جادة قبل أن يتفكك المجتمع أكثر، وتنهار علاقاتنا وتتوقف عواطفنا . فيجب تعويد جيل اليوم الصاعد الذي يُعد جيل التقنية ونمط الفردية بالحياة . على تقوية العلاقات الأسرية ، كأن يخصص يوم بالأسبوع للاجتماع الأُسري ، ويوم بالشهر لاجتماع الأقارب، حتى يتم التجانس والتفاهم والتواد والتراحم، ونبقى دائما كالجسد الواحد، ونستطيع أن ننهض بأعباء ومشاكل وضغوط الحياة معا، بل ونسعد بتعايش سلمي واحترام متبادل وحياة كريمة هانئة وسط محبينا واقاربنا وننعم بالعزوة واللمة المجتمعة على المحبة الخالصة التى لا يشوبها شائبة دعوا انسانيتكم ومحبتكم ونبضات قلوبكم هى مرشدكم لكل تقارب فيما بينكم حتى نسعد بكل غالى وعزيز وقريب لدينا حتى نشعر بحياتنا بقرب محبينا
مشاركة :