غياب أردوغان يزيد من فرص إجراء انتخابات مبكرة

  • 7/9/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو أن التأخير في جهود تشكيل حكومة ائتلافية في تركيا يتيح للرئيس رجب طيب أردوغان كسب الوقت، ويزيد فرص إجراء انتخابات مبكرة ربما يستعيد فيها حزبه «العدالة والتنمية» غالبيته ويترك المعارضة في حالة من التخبط. ولم تبدأ بعد المحادثات الرامية لتشكيل حكومة ائتلافية، على رغم مرور شهر على الانتخابات التي فقد فيها حزب «العدالة والتنمية» للمرة الأولى الغالبية التي تمكنه من الحكم بمفرده. ومازالت أحزاب المعارضة ممزقة، كما هو شأنها دائما، ويعكف أردوغان من الظل على بحث أفضل السبل للحفاظ على قبضته على السلطة. وألقت انتخابات السابع من حزيران (يونيو) الماضي تركيا في حالة من الغموض السياسي لم تشهدها منذ الحكومات الائتلافية غير المستقرة في التسعينات، كما قوضت إلى الآن طموحات أردوغان لتحويل منصب الرئيس، الذي تولاه العام الماضي، وهو منصب شرفي إلى حد كبير، إلى منصب يتمتع بالسلطات التنفيذية الكبيرة التي كان يتمتع بها. ولا يبدو أن الرجل، الذي هيمن على الساحة السياسية في تركيا لأكثر من عشر سنوات، مستعدا لتقاسم السلطة. ورغم نداءاته المتكررة للإسراع في تشكيل حكومة جديدة، فإن مصلحته، ومصلحة حزب العدالة والتنمية الذي أسسه، تكمن على الأرجح في إجراء انتخابات جديدة، وفي فشل محادثات تشكيل حكومة ائتلافية. وقال عضو كبير من حزب «العدالة والتنمية»، على دراية بتفكير أردوغان، «سيكون من الصعب تشكيل ائتلاف، ومن المستحيل أن يستمر. ثمة حاجة لإجراء انتخابات مبكرة على نحو عاجل يعبر خلالها شعبنا عن رغبته». ويأمل حزب «العدالة والتنمية»، في حال إجراء انتخابات مبكرة، بأن يستعيد غالبية بسيطة على أساس أن الناخبين الذين تخلوا عن الحزب في حزيران (يونيو) الماضي يرفضون أي احتمال للعودة مجددا إلى مشاحنات الحكومات الائتلافية التي أغرقت تركيا في أزمة اقتصادية في التسعينات. وهذا الاحتمال يزعج شركاء تركيا في حلف «شمال الأطلسي» الذين يحرصون على الاستقرار في بلد يتاخم إيران والعراق وسورية، وخصوصا أن متشددي تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) يتمركزون على بعد مئات الأمتار من الحدود التي يجتازها لاجئون جيئة وذهابا. ويبدو أن ابتعاد أردوغان عن الأضواء يصب لصالحه، وبخاصة أن الدستور يحظر على الرئيس المشاركة في السياسات الحزبية. وبينما يتشاحن آخرون ويتبادلون الانتقادات، فإن الرجل الذي استعدى الكثيرين بسبب أسلوبه الحاد بات يلتزم الآن الصمت، وكأنه لم يتأثر بما يحدث حوله. وقال رئيس مؤسسة «سونار» لاستطلاعات الرأي حقان بايراكجي «المعارضة مهترئة ... أردوغان يروج على أنهم (المعارضة) يتشاحنون فيما بينهم». وأظهر استطلاع للرأي، أجراه مركز «ابسوس» بعد وقت قصير من ظهور نتائج انتخابات السابع من حزيران (يونيو)، أن نسبة التأييد لحزب «العدالة والتنمية» كانت ستزيد بنحو أربعة في المئة لو كان الناخبون يعرفون النتيجة مسبقا. لكن استطلاعات الرأي، التي جرت بعد ذلك، أوضحت أن نسبة التأييد كانت ستتراجع. وكان من المتوقع أن يكلف أردوغان رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو بتشكيل حكومة ائتلافية جديدة هذا الأسبوع، إيذانا ببدء فترة مدتها 45 يوما للنجاح في مهمته أو إجراء انتخابات جديدة. لكن ذلك لم يحدث، وكرر أردوغان، في وقت متأخر يوم الثلثاء، أنه سيفعل ذلك فور تشكيل لجنة إدارية برلمانية جديدة، مما دفع نواب المعارضة لاتهامه بالمماطلة. وقال رئيس مركز «ميتروبول» لاستطلاعات الرأي أوزير سينكار «أردوغان في حاجة إلى وقت كي يحقق هدفه. هو يحتاج إلى تغيير إدارة حزب العدالة والتنمية أولا. وهدفه الثاني الاستمرار لحين إجراء انتخابات مبكرة تقود إلى حكومة من حزب العدالة والتنمية». وأشار بعض نواب المعارضة في البرلمان إلى أن أردوغان يماطل من أجل بث الفوضى في صفوف المعارضة، وضمان بقاء حزبه في السلطة لحين تعيين كبار قادة المجلس العسكري في آب (أغسطس) المقبل. ويأتي هذا الاجتماع في الوقت الذي تبحث فيه أنقرة تدخلا عسكريا على الحدود السورية، وهي تعلم جيدا إحجام الجيش التركي في السابق عن التحرك خارج الحدود. وكان لجم الجيش، الذي أطاح بأربع حكومات من السلطة في النصف الثاني من القرن العشرين، من بين أولويات أردوغان خلال توليه رئاسة الوزراء على مدى 12 عاما. ورفض المسؤولون في مكتب أردوغان أي إيحاء بوجود مماطلة في محادثات تشكيل حكومة ائتلافية، ووصف أحد المسؤولين هذه الاتهامات بأنها «لا أساس لها». لكن السيطرة على القوات المسلحة، التي ترتاب منذ وقت طويل في جذور أردوغان الإسلامية، ليست الشيء الوحيد الذي يحرص عليه الرئيس التركي؛ فالمحاكم ووسائل الإعلام والجامعات والمؤسسات المالية باتت كلها تحت السيطرة خلال حكم أردوغان. وتولى حزب العدالة والتنمية تعيين الكثيرين من مديري هذه المؤسسات. وقال مدير «برنامج الأبحاث التركية» في «معهد واشنطن» سونر كاجابتاي، في تقرير هذا الأسبوع، «في السنوات القليلة الماضية، حول أردوغان المؤسسات التنظيمية إلى هيئات للرقابة والعقوبات». وأضاف «من دون وجود غالبية لحزب العدالة والتنمية في البرلمان أو الحكومة سيضطر (أردوغان) إلى قبول تراجع تدريجي في سلطاته، في الوقت الذي ستشهد فيه هذه المؤسسات تغييرات في عضويتها»، متوقعا أن يعمل أردوغان جاهدا على إجراء انتخابات مبكرة. ولكن سيتعين أيضا على كبار الأعضاء في حزب «العدالة والتنمية» إقناع بعض الأعضاء الجدد في الحزب بالحاجة إلى إجراء انتخابات جديدة، ربما في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وخصوصا لأن الذين حصلوا على مقاعد برلمانية للمرة الأولى في حزيران الماضي (يونيو) يرون أن إجراء انتخابات جديدة ينطوي على مخاطرة. وقال نائب جديد في حزب أردوغان «ما الذي سيتغير في حال إجراء انتخابات مبكرة؟ ألن تكون مثل الانتخابات التي حصلنا فيها على 50 في المئة ... لنقل إننا أجرينا انتخابات، وحصلنا على العدد نفسه من المقاعد، فكيف سيكون الحال وقتها؟».

مشاركة :