قرار الحكومة الإسرائيلية الأخير تأجيل ضم أراض في الضفة الغربية، معللة ذلك باستمرار مشاوراتها مع الإدارة الأمريكية في هذا الصدد. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن تأجيل موعد الضم الذي حدده بنفسه سابقا، والذي كان من المفترض أن يتم في الأول من شهر يوليو/تموز الجاري."تأجيل الضم أم ضم جزئي؟" أبدت العديد من الصحف الفلسطينية اهتماما كبيرا بقرار التأجيل، مشددةً على ضرورة استعادة الوحدة بين الفلسطينيين لمواجهة مثل هذه المخططات. وتحت عنوان "نتنياهو: تأجيل الضمّ أم ضم جزئي؟"، يقول أشرف العجرمي في صحيفة الأيام إن "الخيارات المطروحة الآن في الواقع تنحصر بين القيام بضم جزئي يشمل بعض المستوطنات والكتل الاستيطانية الكبيرة مثل معاليه أدوميم وغوش عتصيون على اعتبار أنه جرى الحديث عن ضمها لإسرائيل في إطار تبادل الأراضي بين فلسطين وإسرائيل في التسوية السياسية المنشودة، وبين تأجيل الضم لعدة شهور لاستكمال التشاور مع الإدارة الأمريكية، ولاستكشاف ردود الفعل العملية المترتبة على الإقدام على الضم الآن وبشكل أحادي الجانب". ويضيف الكاتب: "والآن أصبح نتنياهو بين نارين: نار وعوده لناخبيه ولقطاعات اليمين بأن يلتزم بموعد الأول من تموز، ونار عدم وجود ضوء أخضر أمريكي واحتمال تدهور الأمور على الجبهة الفلسطينية وعلى جبهة التطبيع مع دول الخليج التي على ما يبدو أبلغت واشنطن بصعوبة الاستمرار في العملية التطبيعية إذا ما أقدمت إسرائيل على الضم بشكل أحادي".خطط ضم الضفة الغربية: هل تدفع إسرائيل الفلسطينيين إلى "خيار الجنون الثوري"؟ كما يقول باسم برهوم في صحيفة الحياة: "من دون أن نطمئن أو ننخدع بالبلبلة الجارية في إسرائيل بشأن موضوع الضم، فقد آن الأوان لأن نشكر كل الدول والحكومات والقوى والأحزاب في العالم التي انحازت إلى منطق الحق والعدل .. إلى مبدأ احترام القانون الدولي". ويضيف الكاتب أن "هذا الحراك، وهذه المواقف الدولية لن تكون فعالة على المدى الطويل إذا لم تقترن بعمل جدي على الأرض، سواء كان بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحلّ قضية اللاجئين الفلسطينيين حلا عادلا بموجب المبادرة العربية والقرار 194". أما صحيفة القدس فتقول في افتتاحيتها: "نتنياهو يدرس حاليا بدل ضم منطقة الأغوار، ضمّ المستوطنات الكبيرة بالضفة ... وهي مستوطنات كبيرة وفي كل منها عشرات آلاف المستوطنين وهي تمزق الضفة كليا وتقطع أي تواصل بين شمالها وجنوبها وشرقها وغربها". وتضيف الصحفية: "هذا الواقع المأساوي والمدمر يستدعي وقفة فلسطينية حقيقية وجادة، وعدم الاكتفاء بتعليق أو وقف الاتفاقات مع إسرائيل رغم أهمية ذلك ... السؤال الاساسي والجوهري هو: لماذا استمرار الانقسام وتبادل المهاترات أحيانا، ولماذا لا تتم استعادة الوحدة لكي نقضي على مخططات الضم وما الذي يحول دون ذلك ويمنع تحقيق هذه الوحدة وقد طال الانقسام وتعمق؟"."ضم الضفة يسير ببطء"مصدر الصورةGetty Images وتحت عنوان "تأجيل الضمّ لا يعني إلغاءه"، يقول علي حيدر في صحيفة الأخبار اللبنانية إن نتنياهو " كان يسعى لأن يكون أمس يوماً تاريخيا يسجل فيه اسمه إلى جانب بن غوريون الذي أسس إسرائيل"، مضيفاً أن تاريخ الضم قد "تحول إلى مناسبة لإيجاد طرق النزول عن الشجرة والبحث عن السردية التي تبرر تأجيل الضم". ويضيف الكاتب: "لكن ما ينبغي تأكيده أن تأجيل الضم لا يعني إلغاءه، بل هو هدف صهيوني بالدرجة الأولى، وإذا ما تعثر تنفيذه حالياً، فسيبقى هدفاً يسعى إليه العدو لأنه قائم بذاته بغض النظر عن الظروف، فهو تتويج لمسار الاستيطان الذي يتطلب إضفاء الشرعية عليه في نهاية المطاف". ويؤكد الكاتب أنه "في كل الأحوال، تبقى الكلمة الفصل للشعب الفلسطيني. فلو وقف العالم بأسره إلى جانب الضم، فإن رفض الشعب الفلسطيني وترجمة موقفه عملياً كفيل بتغيير المعادلات بما فيها الموقف الدولي وحتى الإسرائيلي". وفي صحيفة الدستور الأردنية، يعلق عريب الرنتاوي على قرار تأجيل الضم بالقول: "الحذر .. الحذر، وعلينا أن نتصرف وكأن الضم حاصلٌ غدًا، لا شيء ينبغي أن يتغير على برامج عملنا: ملاحقة إسرائيل ومطاردتها سياسيا ودبلوماسيا وحقوقيا؛ وتصعيد المقاومة الشعبية؛ وحشد المواقف الإقليمية والدولية؛ والمقاطعة بكل أشكالها؛ واستمرار التحلل من الاتفاقات؛ والاستعداد لمواجهة مرحلة شديدة السخونة". ويضيف الرنتاوي: "وبدل أن يكون التأجيل، الذي لا نعرف إلى متى سيستمر، فرصة لـنتنياهو لترتيب أوراقه، علينا أن نجعل منه، فرصة لاستكمال الاستعدادات التي لم نتخذها بعد". كما يؤكد بسام أبو شريف في صحيفة رأي اليوم اللندنية أن "ضمّ الضفة يسير ببطء حتى لا يثير ضجة، وهذا الأمر يتطلب إثارة أكبر ضجةٍ ممكنة شعبيا، وفي كل مكان خاصة أوروبا وأمريكا، ويتطلب قبل كل شيء توجيه ضربات تقنع المستوطنين بأن أحلامهم لن تتحقق".
مشاركة :