شكلت خطوة بلجيكا غير المسبوقة المتمثلة في اعتذارها للكونغو الديمقراطية عن فترة استعمارها لها إحراجاً للدول المستعمرة، لا سيما أن الاعتذار جاء على لسان الملك شخصياً في رسالة وجهها إلى الرئيس فيليكس تشيسكيدي، بمناسبة الذكرى الـ60 لاستقلال بلاده، حيث قال الملك لويس فيليب ليوبولد ماري في رسالته «أود أن أعرب عن أسفي العميق لجروح الماضي هذه التي يستعاد ألمها اليوم عبر التمييز الذي لا يزال حاضراً في مجتمعاتنا». ويأتي الاعتذار البلجيكي، في وقت تشهد فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية فتوراً، منذ أزيد من سنة ونصف، حيث يعد الماضي الاستعماري من بين الملفات التي تسببت في هذا الفتور، إضافة إلى ملفات أخرى. الخطوة البلجيكية، اختير لها أن تكون بمناسبة عيد استقلال الكونغو الديمقراطية، وهو المسعى الذي من شأنه أن يضع السلطات الفرنسية أمام حرج كبير في عيد استقلال الجزائر الموافق الأحد المقبل 5 يوليو، أما الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الفرنسي بحق الجزائريين، فهي تفوق بمئات أضعاف تلك التي ارتكبها الجيش البلجيكي في الكونغو الديمقراطية. وعلى الرغم من أن الرؤساء الفرنسيين المتعاقبين على قصر الإيليزيه خلال العهود الثلاثة الأخيرة، نيكولا ساركوزي، وفرانسوا هولاند والحالي إيمانويل ماكرون، اقتنعوا ببشاعة جرائم الاستعمار في الجزائر، إلا أن أياً منهم لم يتجرأ على تقديم اعتذار للدولة الجزائرية. وخلال الذكرى الـ75 لمجازر 8 مايو 1945 قال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون: «سيظلّ وصمة عار في جبين قوى الاستعمار التي اقترفت في حقّ شعبنا طيلة 132 سنة، جرائم لا تسقط بالتقادم رغم المحاولات المتكررة لتبييضها، لأنّ عدد ضحاياها تجاوز الخمسة ملايين ونصف المليون ضحية من كل الأعمار، أي ما يمثل أكثر من نصف سكان الجزائر؛ إنّها جرائم ضد الإنسانية، وضدّ القيم الحضارية لأنها قامت على التّطهير العرقي لاستبدال السكان الأصليين باستقدام الغرباء، كما قامت على فصل الإنسان الجزائري عن جذوره، ونهب ثرواته، ومسخ شخصيته بكلّ مقوماتها». يعتقد مراقبون أن فرنسا غير مستعدة تماماً لتقديم اعتذارها للجزائر، على الأقل في الوقت الراهن، لأن مسؤوليها عرفوا كيف يحضرون النقاش في ملفات أقل شأناً من الاعتذار، فيما يبقى الجزائريون عاجزين عن سن قانون يجرم جرائم احتلال الدولة الفرنسية. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :