تعتبر المساجد في دولة الإمارات منارات ثقافية وحضارية تعكس صورة مشرقة عن التعايش والإخاء السائد في المجتمع المحلي، وتسهم في تعزيز رسالة التسامح ومد جسور التقارب بين مختلف الثقافات والشعوب حول العالم. وتولي الإمارات عناية كبيرة لبناء المساجد وضمان تطويرها وتحديثها المستمر، حيث يشير تقرير صادر عن الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء إلى ارتفاع عدد المساجد من 6747 في عام 2017 إلى 9083 مسجداً في عام 2019 وبنسبة 34.6%. وأوضحت الهيئة أن 41% من المساجد في الدولة أنشأها الأهالي، فيما أنشأت "الأوقاف" 26.8% من هذه المساجد، والبقية أنشأتها جهات أخرى. ولفتت التقرير إلى أن أكبر عدد من المساجد في الدولة يوجد في إمارة الشارقة بـ2723 مسجداً، تليها إمارة أبوظبي بـ2331 مسجدا، ثم إمارة دبي بـ2166 مسجدا، ثم إمارة رأس الخيمة بـ1042، تليها إمارة الفجيرة بـ318 مسجداً، ثم إمارة عجمان بـ316 مسجداً، ثم أم القيوين بـ187 مسجداً. رسالة حضارية وإلى جانب دورها الديني، تؤدي المساجد في دولة الإمارات رسالة حضارية تدعو إلى التعايش والتسامح والانفتاح على الآخرين، خاصة مع تحول عدد كبير منها إلى معالم سياحية مصنفة كأبرز الأيقونات الجمالية في العصر الحديث، وهو الأمر الذي جعلها مقصداً للزوار القادمين من جميع دول العالم ومن مختلف الديانات والأعراق. ويعد جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي أكثر المساجد المعاصرة روعة وسحراً في العالم، وقد تم بناؤه بتوجيهات من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ليكون معلماً يحتفي بالحضارة الإسلامية، ومركزاً بارزاً لعلوم الدين الإسلامي. ويتميز المسجد بمجموعة من الصفات المعمارية التي تجعله من أروع التحف المعمارية على مستوى العالم، إذ تبلغ مساحته الإجمالية 22,412 متراً مربعاً، ليكون بذلك من أكبر مساجد العالم، كما يضم المسجد 82 قبة، وتعدّ القبة الرئيسة أكبر قبة مسجد في العالم، ويبلغ ارتفاعها 85 متراً وقطرها 32,8 متراً. ويحتوي الجامع على 1,096 عموداً في المنطقة الخارجية و96 عموداً في القاعة الرئيسة للصلاة التي تتضمن أكثر من 2,000 لوح رخام مصنوعة يدوياً، وغطيت بأحجار شبه كريمة تضم "لابيس لازولي" وعقيقاً أحمر وحجر أميثيست، فيما استخدم في منطقة المحراب ذهب من عيار 24 قيراطاً وأوراقاً ذهبية وزجاجاً وفسيفساءً. تصميم إبداعي بدوره، يعتبر جامع الشارقة الكبير الذي افتتح عام 2019 أيقونة معمارية تمتد على مساحة إجمالية تصل إلى مليوني قدم مربعة مع الحدائق الخارجية، ويحتل موقعاً استراتيجياً حيوياً على شارع الإمارات. ويتسع المسجد في الداخل والخارج لنحو 25.5 ألف مصل، موزعين على أكثر من مساحة وفضاء، كما يعتبر المسجد نموذجاً فريداً للفن الإسلامي الحديث من حيث ما اشتمله من فنون النحت والأعمال الخشبية واستخدام الرسم بالخط العربي في تكوين لوحات تشكيلية إبداعية، إضافة إلى التصميم الإبداعي الأساسي للمسجد والذي يحتوي على 81 قبة ما بين متوسطة، ومنارتين بارتفاع 75 متراً، فيما بلغ ارتفاع القبة الرئيسة 45 متراً بقطر بلغ 27 متراً، ما جعله تحفة معمارية فريدة من نوعها وجعله كذلك مقصداً مهماً للسياحة الثقافية بالدولة. ويضم المسجد مكتبة ضخمة تحتوي على أمهات الكتب في فروع العلوم الإسلامية المختلفة، والسُنة النبوية الشريفة، وقد تم تجهيزه ليستقبل الزوار من غير المسلمين ومحبي المعرفة من مختلف أنحاء العالم. وثائق تاريخية وفي إمارة الفجيرة يؤكد مسجد الشيخ زايد بحجمه الكبير وتصميمه الرائع، حضوره كواحد من أهم المعالم الإسلامية اليوم، ويلوح في الأفق للداخل إلى الفجيرة والمتجول فيها، بالتشكيل الفني الجميل للقباب فيه التي يبلغ عددها 65 قبة، وتتدرج بارتفاعاتها بتناسق وانسجام، تتخللها أشكال وعناصر أخرى كالشبابيك والقناطر، ويبرز من وسطها 6 مآذن تمتد برشاقة نحو السماء. وإلى جانب الجوامع الحديثة تزخر دولة الإمارات بسلسلة من المساجد والجوامع الأثرية التي بقيت شامخة على مدى قرون من الزمن مثل مسجد "النطلة"، في مدينة العين الذي تشير بعض الوثائق التاريخية إلى أنه أنشئ قبل ما يقارب 1200 عام، ومسجد البدية الذي يقع على الطريق الساحلي بين مدينتي دبا وخورفكان، ويعود تاريخ بناؤه إلى عام 1446 وفق دراسة أجرتها إدارة التراث والآثار بالفجيرة، إلى جانب مسجد العقروبي في الشارقة الذي تم بناؤه في عام 1904، والجامع الكبير في رأس الخيمة الذي شيد بين عامي 1777 و1803. تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :