مفاوضات لبنان مع صندوق النقد تصل إلى طريق مسدود | | صحيفة العرب

  • 7/4/2020
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - أفضت الخلافات داخل السلطة الحاكمة في لبنان بشأن وضع تصور واضح يخرج البلد من أزمته الاقتصادية الخانقة إلى تعليق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. ويتحادث لبنان منذ شهر مايو مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على مساعدة لتمويل خطة لإنقاذ الاقتصاد، لكن تجميد المحادثات في هذا التوقيت يهدد بحسب الخبراء بجر لبنان نحو انهيار اقتصادي غير مسبوق سيزيد في حدة احتجاجات الشارع. وكشف وزير المالية اللبناني غازي وزني، عن تعليق المحادثات مع صندوق النقد الدولي، قائلا في تصريحات لصحيفة ”الجمهورية” المحلية الجمعة، إن المفاوضات مع الصندوق علقت في انتظار بدء لبنان “تنفيذ الإصلاحات بأسرع وقت ممكن، والتوافق على مقاربة الأرقام بشكل موحد”. وأضاف الوزير “ما يُعمل عليه اليوم هو تحديد الخسائر وحجمها بكل القطاعات”، مؤكدا أنه سيظل على اتصال مع صندوق النقد الدولي لحين استئناف المحادثات. ويعود تعثر المفاوضات ووصولها إلى طريق مسدود إلى عدم اتفاق القوى السياسية على بدء الإصلاحات الاقتصادية، وكذلك حول حجم الخسائر الاقتصادية. ويقول مراقبون إن هذه الخطوة الجديدة لن تؤثر فقط على العلاقة بين لبنان وصندوق النقد الجهة المالية المانحة فحسب، معتقدين أنه إذا انسحب الصندوق فإنه يجب على بيروت ألا تتوقع أن تحقق أي تقدّم في علاقة بدول كانت تساعدها في السابق لإنقاذها. وعبر في وقت سابق الكثير من الدبلوماسيين الغربيين عن أن أي تمويل غربي طارئ للبنان لن يكون إلا في إطار برنامج من صندوق النقد، لكن شريطة أن يكون القرار لبنانيا. وحذرت الأوساط الغربية في المقابل، من صعوبة كبيرة تعترض ساسة لبنان خاصة في ما يتعلق بإقناع المانحين، الذين ضخوا في السابق مساعدات بمليارات الدولارات، لكنهم الآن متوجسون من إمكانية أن ألا تقوم الحكومة اللبنانية تطبيق خطة الإصلاح. وقال وزير المالية في هذا الصدد “علينا الخروج بمقاربة موحدة متفق عليها مع كافة القوى السياسية وبالتنسيق بين الحكومة ومجلس النواب، لأن الوقت لم يعد يسمح بالمماطلة ويجب أن نتفق بأسرع ما يمكن”. وعلى مدى الأسبوع الماضي، طفت إلى السطح خلافات لبنانية داخلية بشأن المحادثات مع صندوق النقد، دفعت اثنين من أبرز أعضاء فريق المفاوضات مع الصندوق للاستقالة. والاثنين، استقال مدير عام وزارة المال آلان بيفاني من منصبه، وبرر استقالته في حينه بقوله إن المصالح الخاصة تقوّض خطة الحكومة لإنقاذ اقتصاد البلاد من الانهيار. وقبل استقالة بيفاني بنحو أسبوع، استقال هدري شاؤول مستشار وزير المالية والعضو في فريق المفاوضات مع صندوق النقد من منصبه لأسباب مماثلة. ويرى مراقبون أن المحادثات مع صندوق الدولي تعرّضت إلى ضربة قوية ترجمتها استقالة كل من بيفاني وكذلك شاؤول الذي اتهم علنا الطبقة السياسية بأنها غير جادة بشأن الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد. وفي السياق نفسه يعتبر محللون أن غياب إرادة الإصلاح وكذلك الاقتتال الداخلي بين الحكومة والبنك المركزي يعدان من بين الأسباب التي تهدد بعرقلة التمويل الطارئ الضروري لدعم الاقتصاد المتعثر في البلاد. وفي الآونة الأخيرة، ظهرت إلى العلن خلافات واتهامات متبادلة بين الحكومة ومصرف لبنان (المركزي)، الذي حمّله رئيس مجلس الوزراء حسان دياب مسؤولية انهيار أسعار صرف الليرة. ويعلل صندوق النقد الدولي تعثر المفاوضات بأنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان قادة لبنان وشعبه قادرين على التفاهم بشأن الإصلاحات اللازمة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد وإعادته إلى مسار النمو. وفي أكثر من مرة لم تخف المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستينا جورجيفا أن التعاون مع لبنان يُمكن أن يأخذ منحى آخر يختتم بتقديم مساعدات مالية إلى بيروت، لكن شريطة وجود جدية ووضوح في النهج الذي تتبعه الحكومة. ويواجه لبنان، الذي يئن تحت واحد من أكبر أعباء الديون في العالم، أزمة اقتصادية حادة أعجزته عن سداد ديونه الدولية. وفجرت الأوضاع المعيشية الناتجة عن الأزمة احتجاجات واسعة في 17 أكتوبر الأول الماضي، وما زالت مستمرة في شوارع العاصمة ومدن أخرى. ويرجح المراقبون أن ينفجر الوضع الاجتماعي في الأيام القريبة القادمة، خاصة بعد كل ما أثارته الجمعة حالتا الانتحار، يرجح أن تكونا مرتبطتين بضائقة معيشية جراء الانهيار الاقتصادي المتسارع في البلاد. وأمام مبنى في شارع الحمرا المزدحم في بيروت، يضم مقهى ومتجراً شعبياً ومسرحاً، أقدم مواطن (61 عاماً) من منطقة الهرمل (شرق) على الانتحار بإطلاق رصاصة من مسدس كان بحوزته. وبالطريقة نفسها، وجدت في قرية جدرا القريبة من مدينة صيدا ، جثة شاب معلقة داخل غرفة في منزله. وقال رئيس بلدية جدرا جوزيف القزي إن الشاب، وهو أب لطفلة صغيرة ويعمل سائق حافلة صغيرة، أقدم على شنق نفسه بوساطة حبل علّقه في سقف غرفة الجلوس بينما كانت عائلته خارج المنزل. وكان الشاب يعاني من ظروف مادية صعبة جراء الوضع الاقتصادي المتعثّر.

مشاركة :