بين مطرقة الركود وسندان «كورونا»

  • 7/5/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

اضطراب سلاسل التوريد والطلب وعرقلة انسياب عمليات التجارة العالمية والسفر، فضلاً عن عمليات الإغلاق لمدن كاملة وانهيار أسعار الأسهم، الناجمة عن انتشار فيروس كورونا، كلها عوامل تضافرت لتوجه ضربة قاضية للاقتصاد العالمي عموماً ولاقتصاد الدول الكبرى خصوصاً. وبينما راجعت مؤسسة «آي أتش إس»، توقعاتها لنمو الناتج المحلي العالمي لعام 2020 لنحو 0.7%، ويعتبر أي نمو دون 2%، ركود عالمي. وتشير توقعات المؤسسة، لإمكانية مواجهة أميركا واليابان والصين ودول الاتحاد الأوروبي لمخاطر الركود، في ظل تراجع حاد للنمو على المدى القصير وبطء وتيرة التعافي. ورغم اتخاذ البنوك المركزية، لإجراءات طارئة، إلا أن ردة الفعل المالية، لا تزال محفوفة بعدم اليقين. وفي حين يصب التراجع الحالي في أسعار النفط في مصلحة المستهلكين، لا شك أنه يضر بالمنتجين. وفي أميركا، تتوقع مؤسسة «آي أتش أس»، بدء الركود خلال الربع الثاني، بصرف النظر عن النمو القوي الذي عاشته البلاد بداية العام الجاري. ومع زيادة رقعة مخاطر انتشار الفيروس، تراجعت قيمة الأسهم بما يزيد على 25% حتى الآن، لتتراكم خسائر الأسر لمئات مليارات الدولارات. ومن المرجح، تراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، بنسبة كبيرة خلال الربع الثاني، في حين يصحب إنفاق المستهلك، المزيد من الحذر وتأجيل العديد من الأعمال لعمليات الاستثمار، حتى تكون الصورة أكثر وضوحاً. ومن المؤكد انعكاس تأثير حظر التجمعات العامة والسفر، على الاقتصاد الأميركي. وتتوقع المؤسسة، عدم عودة النمو للاقتصاد الأميركي قبيل نهاية السنة الحالية، ومن المنتظر، أن يكون خفض الاحتياطي الفيدرالي لنحو 150 نقطة أساس بجانب الدعم المالي وتدابير السيولة التي اتخذها، ضمن العوامل المساعدة. وفي ظل الوضع الراهن، يبدو أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الأميركي، موعود بتراجع سنوي قدره 0.2% خلال 2020. وفي غضون ذلك، توشك أوروبا على الدخول في دائرة الركود، وحققت منطقة اليورو، نمواً فصلياً في الناتج المحلي الحقيقي، لم يتجاوز سوى 0.1% ونمو سنوي بنحو 1% خلال الربع الأخير من 2019، في أضعف أداء للمنطقة منذ 6 سنوات. وفي حين لم تحقق ألمانيا نمواً يذكر، عانت إيطاليا وفرنسا، من تراجع فصلي واضح والمملكة المتحدة من بطء في نموها، خلال الربع الأخير من 2019. ومن المرجح، تعرض ألمانيا لضربة قاسية بسبب تقلص صادراتها للصين، خاصة التراجع الواضح في مبيعات السيارات الخفيفة. وتتوقع المؤسسة، حالة ركود بمنطقة اليورو، مع تراجع في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال معظم الأشهر المتبقية من العام. وللسنة ككل، فمن المتوقع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1.5% وفي المملكة المتحدة بنحو 0.7%، قبل تعافي ضعيف خلال 2021. وفي اليابان، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة فصلية قدرها 7.1% خلال الربع الأخير من 2019، مدفوعاً بانخفاض حاد في الاستهلاك الأسري واستثمارات القطاع الخاص الثابتة.وبعد تحقيق الناتج المحلي الإجمالي، لنمو بنحو 0.7% في 2019، من المتوقع تراجعه بنسبة قدرها 0.8% في 2020 قبيل تعافيه بنحو 0.6% في 2021 وبنحو 0.5% في2022. يبدو أن الصين التي كانت أول المصابين، ستكون أول المتعافين. ومع أن الوباء انطلق من إقليم خوبي، لكن الضرر الاقتصادي انتشر في أنحاء البلاد نتيجة لتعثر سلاسل التوريد. علاوة على ذلك، أدى نقص الأيدي العاملة، لصعوبة استئناف العمل، خاصة أن عدداً كبيراً من العمال سافروا لقضاء عطلة السنة الصينية مع أقاربهم وتعذرت عودتهم بسبب الكورونا. وتشير أرقام شهري يناير وفبراير، لتراجع كبير في النشاط الاقتصادي، بينما أعلنت الحكومة المركزية، عن سياسات صارمة لتخفيف حدة الآثار الناجمة عن الفيروس على اقتصاد البلاد. وتخطط الحكومة لتنسيق عودة العمل في وقت واحد لكافة أقاليم البلاد. كما تنوي أيضاً، تكثيف المحفزات المالية وتسريع وتوسيع دائرة الإنفاق الاستثماري. وتتوقع «آي أتش أس»، بطء وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني من 6.1% في 2019، لنحو 3.9% خلال العام الجاري، مع توقعات بتعافي الاقتصاد في 2021. خولف انتشار فيروس كورونا، بيئة مشحونة بالكثير من التحديات للاقتصادات الناشئة، حيث لا يتوفر لدى العديد منها الموارد المالية والرعاية الصحية الكافية للتصدي لهذا الوباء. ولحسن الحظ، تعرضت دولة واحدة في المنطقة إيران، لضربة قاسية من الفيروس، رغم أن ذلك ربما يتغير وبسرعة. وفي حين تتحصن دول قليلة إذا وجدت، ضد هذا الدمار الاقتصادي، يبقى هذا الفيروس الأشد تأثيراً على نمو الاقتصاد العالمي منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 - 2009.

مشاركة :