الجزائر - (أ ف ب): حطّت طائرة هرقل سي-130 حاملة رفات 24 مقاتلاً جزائرياً ضد الاستعمار الفرنسي في مطار الجزائر الدولي بعد الساعة الأولى بعد الظهر بقليل (12 ظهراً بتوقيت جرينتش)، رافقتها مقاتلات من الجيش الجزائري. وكان في استقبال النعوش الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون. واستقبلت نعوش «الشهداء» الملفوفة بالعلم الوطني بحضور حشد من حرس الشرف. ثم حملها جنود واضعين كمامات على سجادة حمراء وعلى وقع صوت 21 طلقة مدفعية. وانحنى الرئيس الجزائري أمام النعوش كل على حدة. وتلا إمام سورة الفاتحة قبل إلقاء قائد اركان الجيش سعيد سنقريحة كلمة جاء فيها: «24 بطلا من أبطال المقاومة وهم دفعة اولى تنقلهم طائرة... من فرنسا حيث كانوا محجوزين»، مضيفا أنهم «أبطال المقاومة الشعبية يعودون الى الأرض التي ضحوا من أجلها بحياتهم وبأرواحهم». وتابع ان هذه الأرواح «سرقها الاستعمار وهرّبها منذ أكثر من قرن ونصف قرن بدون حياء ولا اعتبار ولا أخلاق وهو الوجه الحقيقي البشع للاستعمار». وقال «تمتزج في هذا اليوم مشاعر الألم والفرح، ونعيش لحظات تاريخية». وستنقل النعوش إلى قصر الثقافة حيث ستكشف طوال يوم السبت. وستدفن البقايا البشرية الأحد في يوم الاستقلال في ساحة الشهداء في مقبرة العلية في الجزائر. وتبقى قضية الذاكرة في صميم العلاقات المتقلبة بين الجزائر وفرنسا. وصرحت الرئاسة الفرنسية لوكالة فرانس برس امس الجمعة أن «هذه اللفتة جزء من عملية صداقة والتئام كل الجراح عبر تاريخنا». وأضافت «هذا هو معنى العمل الذي بدأه رئيس الجمهورية مع الجزائر والذي سيستمر مع احترام الجميع من أجل التوفيق بين ذاكرتي الشعبين الفرنسي والجزائري». والرفات القادمة من فرنسا عبارة عن جماجم. وطلبت الجزائر رسميا من فرنسا للمرة الأولى في يناير 2018 إعادة الجماجم وسجلات من الأرشيف الاستعماري. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعهّد خلال زيارة للجزائر في ديسمبر 2017 إعادة الرفات البشري الجزائري الموجود في متحف الإنسان التابع للمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي. وأعلن تبون يوم الخميس أمام أفراد من الجيش العودة الوشيكة من فرنسا لـ«رفات 24 من قادة المقاومة الشعبية ورفاقهم، مضى على حرمانهم من حقهم الطبيعي والإنساني في الدفن أكثر من 170 سنة». وقال «أبى العدو المتوحش إلا أن يقطع آنذاك رؤوسهم عن أجسامهم الطاهرة نكاية في الثوار، ثم قطع بها البحر حتى لا تكون قبورهم رمزا للمقاومة». وأثار المؤرخ الجزائري علي فريد بلقاضي مسألة الجماجم في العام 2011 بعد قيامه بعملية بحث في المتحف. وأعرب عن أسفه لكون الجماجم «محفوظة في صناديق من الورق المقوى المبتذلة تشبه علب متاجر الأحذية». وهو نقد دحضته إدارة المتحف. وطالبت عرائض عديدة وقعها مؤرخون بإعادة الرفات إلى الجزائر. وعشية الذكرى الثامنة والخمسين للاستقلال التي سيتم الاحتفال بها يوم غد الأحد، تظهر هذه الخطوة الرغبة في التهدئة بعد خلاف دبلوماسي بين البلدين مرتبط ببث فيلم وثائقي على التلفزيون الفرنسي في نهاية مايو يتناول الشباب الجزائري الرافض للنظام في الجزائر، حيث تتواصل موجة من الاحتجاجات منذ فبراير 2019. وتتزامن الخطوة مع النقاش العالمي حول انتهاكات القوى الاستعمارية السابقة في العالم بعد وفاة الأميركي الأسود جورج فلويد الذي قتل على يد شرطي أبيض في الولايات المتحدة.
مشاركة :