فن العمارة.. الفلسفة الشفائية الحديثة!

  • 7/11/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

نوف الموسى (دبي) استحدثت مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، ما أسمته بـ «التحولات الفنية» من خلال (استكشاف) و(استنباط) الأفكار الجديدة مع المحافظة على تاريخ وثقافة (المبنى) والشكل العام للمدن، ضمن إعلانها عن مسابقة تفاعلية للفنانين، في مجال التصميم، بعنوان (1:100) «واحد إلى مائة». وتؤكد هذه المبادرة على الاهتمام المؤسساتي المحلي بجماليات فن العمارة ودوره الاجتماعي، وما يعكس من تنامي الثقافة البصرية في المجتمعات، خاصة أن مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، من أهم الداعمين للجناح الدائم لدولة الإمارات في معرض بينالي البندقية. ويأتي إطلاق المسابقة ضمن استراتيجية المؤسسة لتفعيل مبادرة فنية جديدة، ستتكشف تفاصيلها في نهاية عام 2015. ويعتبر توجه مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، نموذجاً مهماً، بالتوازي مع عدة مبادرات فنية لتطوير وازدهار فن العمارة، ومنها «بينالي الشارقة»، والسؤال الأهم في الوقت الراهن، فيما يمكن أن تتيحه أوجه الوعي بالعمارة وتجلياتها في إيقاع الحياة اليومية، وكيف يمكن أن نقارنه مثلاً، مع ما طرحته المهندسة المعمارية أليسون كيلنغ، عبر حديثها عن العمارة والموت، واعتقادها اللافت حول أثر العمارة أمام متغير شكل الموت عبر التاريخ، متخذة من هندسة بناء (المستشفى) ودوره في صياغة حالة متصلة بين المريض ومكان الرعاية الصحية محوراً لتحليل التحول الفني في المؤسسات الصحية ودور الرعاية. وضع تصورات نوعية لفن العمارة، كفلسفة شفائية حديثة، في مجال الصحة تحديداً، ليس أطروحة جديدة، وإنما إعادة اكتشاف متجدد لقيمة اهتمام المنطقة المحلية بأبعاد دراسة العمارة وهندستها البصرية، فبالاطلاع على بحث المهندسة أليسون كيلنغ، والتي توصلت عبره إلى أنه قبل مائة سنة، اعتاد الناس الموت في المنزل، وسط رعاية العائلة، جراء أمراض معدية كالالتهاب الرئوي، لتتغير بعدها الحياة في القرن العشرين، ويتم فيها تطوير الأدوية واختراع معدات طبية، ولأن الأخيرة كانت مكلفة وكبيرة، فقد احتاجت إلى مبان ضخمة ومركزية للحفاظ عليها، لتقوم بعدها الدول بوضع أنظمة رعاية صحية شاملة، ومع عمق الاهتمام بالحياة، تم نسيان الموت، الذي اختلف وتغير مع الوقت. وتقدم المهندسة أليسون، وصفاً طموحا لمبنى مستشفى عُرف باسم «لوسبيدالي ديلي إنوشنتي» في إيطاليا، والذي بُني عام 1419 على يد برونالسكي، موضحة أنه يحوي ساحات في الوسط، وتتمتع الغرف الفسيحة والأسقف العالية بضوء الشمس والهواء النقي، مبينة أننا قد نسينا أن ذلك ممكنٌ بالنسبة للمستشفيات الحديثة، مما أكسب عمارة المستشفيات سمعة سيئة. سعت المهندسة أليسون عبر بحثها للتأكيد حول أهمية الوعي بأن «المكان الذي نموت فيه هو جزء أساسي من كيفية موتنا»، حيث أقامت معرضاً في مدينة البندقية، بعنوان «الموت في البندقية»، عرضت فيه خريطة تفاعلية للعقارات التي يتم تخصيصها للموت والاحتضار، إلى جانب بطاقات بريدية حملت قصة المساحات المختلفة من المستشفيات والمشرحة وغيرها. وبالعودة إلى مسابقة مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، سيتم إعطاء جميع الفنانين الذين يقع عليهم الاختيار، نموذجا ثلاثي الأبعاد يصور أحد المستودعات القائمة بحجم (1:100) من حجم الموقع الأصلي، وسيقوم كل فنان باستخدام النموذج، كأساس له لاستكشاف إبداعاته وتفرده في إحداث تحول فني للموقع، وما تقدم عليه المؤسسة من تأسيس لمفهوم الاستثمار البصري للمكان، يساهم في دفع الرؤية المستدامة، من جعل فن العمارة وسيلة لإنتاج الحياة، ويمكن الاسترسال لمفهوم القاعدة البحثية لتأسيس رؤى مستقبلية تخدم مشاريع الدولة في مجال الصحة والتعليم، وهذا ما يقودنا إلى جعل فن العمارة، ضمن أولويات النهوض بالتنمية.

مشاركة :