زيادة الضريبة الحكومية على راديو السيارات تثير استياء المصريين وتهكمهم | | صحيفة العرب

  • 7/6/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة – استقبلت شريحة واسعة من المصريين موافقة البرلمان على مقترح حكومي بزيادة ضريبة استخدام راديو السيارات بنوع من التذمر والاستهجان ودون أن يخلو من عادة التهكم السائدة، بالرغم من أن القيمة التي سوف يدفعها أصحاب المركبات زهيدة، ولا تتعدى ستة دولارات سنويا، لكن استقبال الشارع لها أربك الحكومة. وضاعف مجلس النواب غضب المواطنين بالموافقة السريعة على مقترح حكومي آخر، يقضي بخصم 1 في المئة من رواتب الموظفين بالجهاز الإداري للدولة، في محاولة لتحقيق عائد سنوي من جيوب الناس يصل إلى نحو خمسة مليارات دولار، لتغطية بعض بنود العجز في الموازنة العامة. وتترسخ قناعة لدى قطاع كبير من المصريين بأن ما تقدمه الحكومة لهم باليد اليمنى تستقطع منه ما تريد باليسرى، حيث زادت مخصصات أجور الموظفين، وبعد أيام قليلة قررت استقطاع جزء من رواتب العاملين في القطاع الحكومي. وتشعر شريحة من المصريين بالقلق من عودة الحكومة إلى سياسة فرض الضرائب كحل سهل لتجاوز الأزمات الاقتصادية دون البحث عن وسائل أخرى لتعظيم الإيرادات العامة، والإنفاق على المشروعات القومية. واعتبر جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان في جنوب القاهرة، أن غضب الناس مبرر بعدما وجدوا أن الحكومة أصبحت تشاركهم في ملكيتهم الخاصة، وكأن سواق السيارات يستأجرون منها أجهزة الراديو، وعليهم دفع مقابل ذلك بشكل سنوي، ما يعني أن هناك مسؤولين لديهم فهم خاطئ لمفهوم الضريبة عموما. واستغرب مؤيدو الحكومة إصرارها على اتخاذ قرارات تبدو صحيحة في توقيتات خاطئة، فالشارع يقف خلف القيادة السياسية لمجابهة التحديات الإقليمية، ثم تقوم الحكومة بتأليب الناس عليها بسهولة. وبرر معارضون موقفهم بأن هناك إصرارا على تحميل الشارع فاتورة مواجهة تداعيات جائحة كورونا، بحيث يتم تجميع المبالغ التي تم إنفاقها خلال الأشهر الماضية من جيوب المواطنين، وبالتالي لا بديل عن الوقوف مبكرا ضد أية محاولات جديدة لفرض المزيد من الأعباء تحت أي مسمى. وعبر محمد عادل، المعلم بمدرسة حكومية، عن استهجانه لأن يذهب قرابة نصف العائد من ضريبة الراديو إلى دعم الإعلام الرسمي الذي لا يشاهده أحد ويتم التحكم في محتواه ولا يتحدث بلسان الشارع، وكأن الحكومة تريد رفع يديها عن الإنفاق عليه لإخفاقه في مهمته، وتلقي العبء على المستمع والمشاهد لتحمل المسؤولية. ولم يتردد عادل في التعبير عن شعوره بالصدمة من تصريحات مسؤولين ونواب برلمان، بأن ميزانية الهيئة الوطنية للإعلام تقترب من مليار جنيه، والمطلوب من الشعب أن يشارك في دعمها، وهناك أسر لا تجد قوت يومها، وأرباب عائلات فقدوا وظائفهم بسبب وباء كورونا، ومعلمون يتسولون رفعا في رواتبهم ببضع عشرات من الجنيهات. واللافت أن أغلب الذين تذمروا من رفع ضريبة الراديو لا يمتلكون سيارة من الأساس، لكنهم يريدون توصيل رسالة للحكومة مفادها أنهم لن يقبلوا المزيد من الأعباء، في ظل تصريحات متواترة من بعض الوزراء تفيد بأن مساهمة الناس في إنقاذ الاقتصاد بعد جائحة كورونا تعدّ حاجة ملحّة. ويصل عدد المركبات في مصر إلى حوالي 12 مليون سيارة، أيّ أن هناك أكثر من 90 في المئة من المصريين ليس لهم علاقة بضريبة الراديو التي يتم تطبيقها منذ عصر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لكنهم شاركوا في الجدل الدائر حولها، لقناعتهم بأن الحكومة طالما نظرت إلى الضرائب باعتبارها الحل العملي السريع في إنقاذ الاقتصاد ولن تُمانع فرض المزيد منها. وارتفعت حصيلة الضرائب من 260 مليار جنيه عام 2014 إلى 965 مليارا في الموازنة الجديدة، بنسبة بلغت 270 في المئة خلال 7 سنوات فقط، فضلا عن معدلات ارتفاع أسعار الخدمات والسلع الضرورية، مثل الكهرباء ومياه الشرب ومشتقات البترول، وفي كل مرة تطالب الحكومة الشارع بالمزيد من الصبر والتحمل. وتستخدم الحكومة سياسة المخالفين إذا لم يقبلوا بهذا الإجراء قصير المدى لدعم الاقتصاد، وتتحدث بنبرة توحي بأن رفضهم قد يقود البلاد إلى الخطر والعودة إلى الماضي الكئيب، ما يؤثر على أمنهم وسلامتهم ويدفعهم إلى القبول بأي قرار. وقال محمد معيط وزير المالية، خلال جلسة البرلمان الأربعاء، التي أقرت فيها ضريبة الراديو، إن الدولة إذا لم تتم إدارتها بشكل صحيح سوف ينعكس ذلك سلبا على المواطنين، بحيث يجدون أنفسهم “يقفون في طوابير الخبز، وتعود أزمة أسطوانات غاز الطبخ وتنقطع الكهرباء وتختفي السلع من الأسواق”. وتزامنت تهديدات وزير المالية بالعودة إلى ماضٍ سيء للقبول بالضرائب، مع ذكرى ثورة 30 يونيو 2013، التي خرج فيها الملايين من المصريين لإسقاط حكم جماعة الإخوان، حيث شهدت البلاد في عهدهم أزمة انقطاع الكهرباء واختفاء السلع ومشتقات البترول وطوابير الخبز، وتدخل الجيش لتنفيذ مطلب المواطنين برحيل الإخوان. وتلقف أنصار الإخوان تصريحات معيط، لزيادة شحن الشارع تجاه الحكومة، والإيحاء بأنها تهددهم بقطع الخدمات عنهم إذا استمر تذمرهم من فرض ما وصفوه بـ”الجباية” على المواطنين، ما تسبب في زيادة دائرة الرفض للضريبة الجديدة بعد أن استثمرتها دوائر وتيارات مناهضة للحكومة لإثارة الرأي العام. ويعتقد متابعون أن استخدام مسؤولين خطاب الترهيب ضد المتذمرين لن يجدي نفعا مع شعب قال عنه الرئيس عبدالفتاح السيسي قبل أيام، “عندما يقول لا.. لا يمكن لأي قوة أن تقف أمامه”، كما أن رأس السلطة نفسه لا يستخدم هذه النبرة في مخاطبة الشارع لإقناعه بأي قرار صعب. وأوضح جهاد عودة في تصريح لـ”العرب” أن مشكلة الحكومة عندما تتخذ بعض القرارات ولو كانت تصب في صالح الناس أنها تقدمها لهم بأسلوب خاطئ، ومبررات واهية، بعكس السيسي الذي لديه كاريزما خاصة في الحديث إلى الناس بأسلوب عفوي يمتص غضبهم عند تحريك الأسعار أو فرض ضرائب جديدة، لافتا إلى أن أزمة راديو السيارات عكست الفوارق الشاسعة بين الرئيس والحكومة.

مشاركة :