السعوديون أمام تحدي التأقلم مع زيادة ضريبة القيمة المضافة | | صحيفة العرب

  • 7/1/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تفرض التأثيرات العميقة لأزمة وباء كورونا على السعوديين التأقلم مع السياسات الحكومية الجديدة المتعلقة بالتقشف، والتي يجسدها تطبيق زيادة القيمة المضافة، حيث تضاعفت إلى ثلاث مرات، ما يجعلهم أمام حتمية التحكم أكثر في النفقات وتغيير خارطة المصاريف. الرياض - يدخل قرار الحكومة السعودية زيادة ضريبة القيمة المضافة الأربعاء حيز التنفيذ، وسط محاولات من المواطنين للتأقلم مع الوضع الجديد، الذي جاء في وقت حساس يمر به الاقتصاد. وتطرح الخطوة تساؤلات حول إمكانية أن يعود جزء من العوائد التي فقدها أكبر مصدر للنفط حول العالم بسبب فايروس كورونا وتراجع أسعار النفط. ولكنها تعتبر أيضا اختبارا لمدى تحمل المواطنين لسياسة التقشف، التي اضطرت الحكومة اتباعها لإحلال التوازن المالي، ومدى إمكانيتهم التأقلم مع هذا القرار خلال الأشهر المقبلة. وقبل فترة وجيزة من بداية تطبيق القرار اعتبارا من أول يوليو لتعزيز إيرادات الدولة وسط تدهور اقتصادي هو الأسوأ لها على الإطلاق، هرع السعوديون لشراء السلع، من عصائر الفاكهة المستوردة إلى السيارات. وتأتي زيادة ضريبة لثلاثة أمثالها إلى 15 في المئة على خلفية انخفاض إنفاق المستهلكين وتراجع التضخم بسبب إجراءات الغلق العام، التي فُرضت في مواجهة تفشي فايروس كورونا لمدة ثلاثة أشهر وتقرر رفعها بالكامل في 21 يونيو. ولوحظ اكتظاظ المتاجر الكبرى في العاصمة الرياض خلال عطلة نهاية الأسبوع، وسعى المتسوقون لتخزين السلع غير القابلة للتلف. وعرضت متاجر الأثاث والأجهزة المنزلية تخفيضات لجذب المشترين. وقال نجم العتيبي، تاجر سيارات في الرياض، لوكالة رويترز “صار شح في السوق، والمواطنون يشترون قبل الضريبة” وبالتالي يوجد طلب لكنه قليل. وتحدث جابر السهاري، الذي يعمل في متجر للذهب، عن زيادة في الطلب خلال الأسبوعين الأخيرين. وكانت السعودية قد أعلنت زيادة ضريبة القيمة المضافة وتعليق بدل غلاء المعيشة في مايو الماضي، مما أحدث صدمة في أوساط المواطنين والشركات، الذين كانوا يتوقعون مزيدا من الدعم من الحكومة. وقالت سارة، وهي أم سعودية لطفلين، “تكاليف المعيشة تزداد… اشتريت بعض المواد الغذائية والعصائر المستوردة وقمت بتخزينها لأن الأسعار سترتفع”. وتراجع التضخم في الأشهر الأخيرة إلى حوالي واحد في المئة بسبب انخفاض الطلب على المواد غير الغذائية وتراجع أسعار الوقود، لكن بعض المحللين يتوقعون أن يرتفع بنسبة تصل إلى ستة في المئة على أساس سنوي في يوليو بسبب زيادة ضريبة القيمة المضافة. وزادت الحكومة هذا الشهر رسوم الاستيراد لاحتواء العجز المالي المتضخم الذي يتوقع صندوق النقد الدولي أن يتجاوز 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع 4.5 في المئة العام الماضي. وأشارت شركة أرقام كابيتال إلى أن هذه الخطوات قد تخفض العجز الكلي بين 4.5 في المئة وستة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لكنها قد تبطئ وتيرة التعافي الاقتصادي. وقال أبوعمر، وهو وافد مصري، إن زيادة ضريبة القيمة المضافة جاءت بعد خفض الرواتب بنسبة 20 في المئة بسبب أزمة فايروس كورونا. وأضاف “علي الآن أن أعيش بدخل أقل بنسبة 35 في المئة، وهذا سيكون صعبا للغاية في وجود ثلاثة أطفال”. وتنظر السعودية إلى خطوة زيادة ضريبة القيمة المضافة كعامل آخر قد يساعدها على تخفيف آثار تراجع عائدات المالية من تجارة النفط، فضلا عن تداعيات أزمة الوباء. ويتوقع الرئيس التنفيذي لشركة الركاز لاستشارات الضرائب عبدالمحسن الفراج أن تجني الحكومة نحو 40 مليار ريال (10.7 مليار دولار) من ضريبة القيمة المضافة في ما تبقى من هذا العام. ورجح أن تحصل السعودية على عوائد تصل إلى 40 مليارا خلال العام المقبل في حال أبقت الزيادة الجديدة، ولم تقم برفع الضريبة مرة أخرى. وأكدت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أن الإجراءات السعودية وخاصة زيادة ضريبة القيمة المضافة ستساعدها في تعويض جزء من خسائر الإيرادات الناتجة عن الانخفاض الحاد في أسعار النفط وتراجع الإنتاج. ويقول خبراء إن إجراءات التقشف تشمل خفض 8 مليارات دولار من برنامج “رؤية 2030”، وهي خطة طموحة طرحها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد المعتمد على النفط. وتوضّح الخطوة المفاجئة معالم استراتيجية جديدة تقوم على الحد من نظام الرفاهية الاجتماعية السخي سابقا، ما يجعل معظم الشباب في مواجهة واقع جديد يتصف بدخل أكثر انخفاضا مع ما يستتبع ذلك من تراجع في مستوى العيش وتغيير في أسلوبه. وبدأت الدعوات تتعالى للاستغناء عن اليد العاملة الوافدة والاستعاضة عنها بالمواطنين وذلك لتوفير فرص عمل للمواطنين من جهة، والحد من فاتورة التحويلات المالية إلى الخارج من جهة أخرى. وتعتبر فاتورة التحويلات مرتفعة بالنظر إلى العدد الكبير للعمال الأجانب المشتغلين في البلد الخليجي ويقومون بإرسال الأموال إلى أسرهم في بلدانهم الأصلية. وفي ظل هذا الوضع سيكون السعوديون مجبرين على العمل في مهن ظلوا إلى وقت قريب يترفّعون عنها لعدم اضطرارهم لممارستها.

مشاركة :