هل انتهى الرسم حقا؟ | فاروق يوسف | صحيفة العرب

  • 7/6/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هناك شعور لدى بعض الرسامين بأن كل شيء قد تم رسمه. لم يعد هناك ما يُرسم. ذلك شعور إيجابي وإن كشف عن شيء من العجز. فما الذي يمكن رسمه بعد رامبرنت؟ ما الذي يمكن التعبير عنه بعد فنسنت فان غوخ؟ ما الذي يمكن تحطيمه بعد بيكاسو؟ ما الذي يمكن احتواؤه بعد سيزان؟ صار من اليسير أن يرسم المرء كما لو أنه مودلياني أو جورج براك أو أنسليم كيفر. ولكن تلك المحاولة ستكون مصدر شعور عميق بالإحباط. البعض يقول “إن الرسم انتهى. الاستمرار فيه يعني إنتاج المزيد من الأعمال المزوّرة التي يسطو رساموها على تجارب الآخرين”، هل علينا أن نتوقّف عن الرسم ونكتفي بما تضمّه المتاحف من روائع فنية؟ لا أعتقد أن أحدا يميل إلى الإجابة بالإيجاب على ذلك السؤال. ذلك هو اعتراف مدو بالفشل لن يقوى عليه أحد. إذن لم ينته الرسم. ولكن صار من الصعب أن نرسم. تلك هي الحقيقة التي واجهها الإسباني أنطونيو تابيس والإيطالي روبيرتو بوري، وهما رسامان مجيدان بشجاعة بحيث صارا يستعيران موادا من الواقع ليقوما بلصقها على سطح اللوحة باعتبارها جزءا من عملية الرسم. ليست تلك المواد إضافات من الخارج بقدر ما وهبها الرسامان خيالا جعلها تبدو كما لو أنها تنبعث من داخل اللوحة. تلك محاولة حفّزت الرسامين إلى البحث عن أثر الرسم في اللوحة. صار الرسم محاولة لاقتفاء الأثر. يشعر المرء وهو ينظر إلى اللوحة أن سطح تلك اللوحة يخفي الرسم الذي تلاشى وصارت مهمة الرسام محصورة في البحث عن أثره. هناك جمال خفي غير أن متعة البحث عنه من شأنها أن تخلق جمالا حيا هو ما يشترك الفنان والمشاهد في تخيله. صار البعض من الرسامين يكتفي بالحذف بحثا عن الرسم الذي يقع تحت السطح. وصار على المشاهد أن يرى ما لم يُرسم.

مشاركة :