أنور البدي يكتب: الهروب إلى عالم آخر

  • 7/7/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الطرقات مظلمة، المكان موحش، السكون يوحي أن سكان هذه الدور هاجروا المكان! كم هي الغربة عن الأوطان مؤلمة، أن نتوه في طرقات بلاد لانعرفها، ونجهل لغة التواصل مع سكانها. هكذا كان منزل عبير.. غربة مصطنعة،وكأنها أرملة عزف أبناؤها عن زيارتها، كل شخص عاش عالمه المنفرد وغاص في شاشة جهازه، هارباً من واقعه.. بدوا لايجيدون التواصل مع بعضهم، وكأنهم أقاموا في هذا المنزل مجبرين! عالم يشوبه الظلام والتخفي خلف أسماء مستعارة.. كيف أتخلص من وحدتي وغربة المكان؟ من يرجع إخواني وأخواتي إلى وطنهم وحياتهم الواقعية؟ لعلي أعرف أنقل لكم إدمانهم العالم الافتراضي.. تتجنبون الغربة في منازلكم. تأثير الإنترنت في نسق التفاعل الاجتماعي وتراجع النشاط الاجتماعي والاغتراب عن مجتمعهم الواقعي خارج الحدود والعالم الافتراضي. استخلصت الدراسة مدى تأثير الإنترنت في تغيير العلاقات الاجتماعية وأشكال تفاعلهم وأساليب تواصلهم، فريق من الباحثين يرى أن هذه الوسيلة عملت على تغيير حياة المجتمعات إلى الأفضل باختزال المسافات الجغرافية والثقافية والمعرفية، ومنهم من يرى عكس ذلك، إذ أسهمت هذه الوسيلة في تفتيت العلاقات الاجتماعية بين الأفراد، فحول قوتها وحميميتها إلى فتور وبرود، ومرسخة في الوقت نفسه التباين الثقافي والطبقي. الأعراض: توصلت الدراسات إلى أن الاستخدام المتواصل للانترنت نجم عنه تراجع في اتصال الأفراد مع أسرهم، وتراجع في نشاطاتهم الاجتماعية مع محيطهم الاجتماعي، كما توصلت الدراسة أيضا إلى وجود علاقة بين طول مدة الاستخدام وبين شعور الفرد بالكآبة والتوحد. أما الدراسة الأخرى الجديرة بالذكر في هذا المجال فهي دراسة ((ديماغيو)) وزملائه عن الدلالات الاجتماعية للانترنت، حيث قام هؤلاء الباحثين بمراجعة مستفيضة للدراسات التي تناولت الانترنت من منظور اجتماعي، وقد تبين لهم من خلال هذه المراجعة أن هذه الدراسات التي توصل لها أصحابها إلى وجود تأثيرات اجتماعية سلبية للإنترنت في حياة الأفراد الاجتماعية أكثر من تلك التي تؤكد التأثير الإيجابي له في حياته. وهناك دراسة أخرى للباحثين ال بيلامي و شيرل هالوفيتر (2001) كانا قد أجرياها على (114) طالباً وطالبة في المستوى التعليمي الجامعي نفسه ولكن بهدف معرفة تاثير الانترنت في خلق حالة من الإدمان لدى مستخدميه، وقد استخدم الباحثان مقياسان لهذه الغاية، مقياس كمي يقوم على مقدار الوقت الذي يقضيه شباب في غرف المحادثة في الإنترنت، ومقياس آخر تكون من أربعة بنود؛ يقيس درجة التوجه نحو الانترنت، وقد توصلت الدراسة إلى أن توجه الشباب نحو الانترنت وإدمانهم عليه يرتبط بالنوع الاجتماعي، وببعض التغيرات الشخصية كالسيطرة والثقل الاجتماعي والعلاقات الشخصية للمفحوصين. إن هذه التغيرات عملت على تفتيت العلاقات الاجتماعية بين الأفراد وحولت ماكانت تتمتع به من دفء وحميمية إلى برودة وفتور، وغيرت أنماط تفاعلهم الاجتماعي، وفتحت أمامهم سلوكية أضرمت بقيمهم وأخلاقهم، فضلاً عما أوجدته بينهم من مشكلات جديدة غير مألوفة من قبل حسهم الاجتماعي والوجداني واغترابهم المنزلي وعزلتهم الاجتماعية وانتشار قيم الاستهلاك بينهم، فضلاً عن العوالم المتخلفة التي أوجدتها لهم ليعيشوا فيها كعوالم بديلة عن عوالمهم الحقيقة، علاوة على مساهمتها في انتشار نوع جديد من الإدمان بين مستخدمي هذه الوسائط الاتصالية. لذلك لاتجعل هذه الوسيلة نقمة، وأحسن استخدامها.. ولاتجعلها تسلب واقعك وتعيش الغربة الاجتماعية.

مشاركة :