زاد نجاح الحكومة اليونانية في التعامل مع تفشي وباء كوفيد - 19 شعبية رئيس الوزراء المحافظ كيرياكوس ميتسوتاكيس الذي أتم أمس عامه الأول في السلطة، فيما يرى محللون أن التحدي الآن يكمن في إبقاء البلاد صامدة أمام الانكماش الاقتصادي. يقول نيكوس مارانتزيديس الأستاذ في قسم الدراسات البلقانية في جامعة ثيسالونيكي (شمال) لـ"الفرنسية"، إن "الحكومة لا تزال تستفيد من مرحلة (شهر العسل)". وأضاف "ما زال الوقت مبكرا (لاستخلاص النتائج). إذا بلغ الانكماش 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وضربت البلاد موجة ثانية من الوباء، فإن الأمور ستسوء". ويشدد الخبير السياسي في جامعة كريتي مانوليس ألكساكيس على أن الاقتصاد اليوناني الذي لا يزال في طور التعافي "لن يكون قادرا على مواجهة إغلاق جديد". وفرضت اليونان، القريبة من إيطاليا التي تعاني ضعفا في نظام المستشفيات، حجرا منزليا صارما في 23 آذار (مارس) قبل أن تستأنف تدريجيا نشاطها الاقتصادي في أوائل أيار (مايو). وحذر أليكساكيس من أنه "إذا لم يكن لدى الحكومة خطة محددة لإدارة الركود الذي قد يؤدي تأثيره في الخريف إلى حدوث اضطرابات اجتماعية، فإن الانتخابات المبكرة ستكون الخيار الوحيد". وخصص ميتسوتاكيس 24 مليار يورو من الصندوقين الوطني والأوروبي لدعم الاقتصاد. لكن المعارضة بزعامة تسيبراس تشير إلى أن هذه الأموال مخصصة للشركات بشكل رئيس ولا تساعد الموظفين الذين بات عديدون منهم يواجهون البطالة. وقد يرتفع معدل البطالة الذي يبلغ حاليا 16 في المائة، نتيجة تداعيات الأزمة الصحية خصوصا في القطاع السياحي، محرك الاقتصاد. ويقول العاملون في القطاع السياحي إن نصف الفنادق لا يزال مغلقا بعد نحو ثلاثة أسابيع من فتح الحدود. وأثار إغماء فتاة تعاني سوء التغذية في جزيرة رودس في نهاية حزيران (يونيو)، موجة تأثر إذ تبين أن والدتها خسرت عملها بعد أن قرر صاحب العمل عدم فتح فندقه هذا الصيف. وذكر تسيبراس الأسبوع الماضي أنه "إذا لم يخرج ميتسوتاكيس من فقاعة واقعه الافتراضي، أخشى أن نضطر في الخريف إلى توزيع الوجبات المجانية في بعض الجزر". ويقول نيكوس مارانتزيديس "لقد صقل كيرياكوس ميتسوتاكيس منذ فترة طويلة صورة تكنوقراطي جاد وزعيم مخلص لحزبه (الديمقراطية الجديدة) وتعززت بعد وصوله إلى السلطة وأثناء الوباء". وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب الديمقراطية الجديدة يتقدم بأكثر من 15 في المائة على حزب سيريزا اليساري المعارض بزعامة رئيس الوزراء السابق ألكسيس تسيبراس (2015 - 2019). وأيد أغلبية الذين تم استطلاع آرائهم (67 في المائة) سياسة ميتسوتاكيس (52 عاما)، بحسب الاستفتاء الذي أجرته شركة مارك ونشرت نتائجه الأحد الماضي في صحيفة "بروتو تيما" الأسبوعية. وقال ميتسوتاكيس باعتزاز خلال جلسة للحكومة أخيرا "من النادر إنجاز هذا القدر من الأمور خلال فترة قصيرة كهذه. أعتقد أن أغلبية المجتمع اليوناني توافق على ذلك". كما تذكر الحكومة من ضمن ما حققته وقف الآلاف من المهاجرين الذين حاولوا في آذار (مارس) عبور الحدود اليونانية التركية. غير أن عدة منظمات غير حكومية تتهم السلطات اليونانية بصد طالبي لجوء أو إساءة معاملتهم. ودعا الاتحاد الأوروبي أخيرا اليونان إلى التحقيق في هذه الحوادث المزعومة. إلا أن قضية الهجرة لم تؤثر في شعبية الحكومة التي تمكنت من تخفيض الرسوم والضرائب بعد أعوام من إجراءات التقشف الصارمة خلال الأزمة المالية (2010 - 2018). ويعزز توافد السياح إلى اليونان المخاوف من حدوث موجة ثانية من الوباء الذي تسبب في 192 وفاة في هذا البلد. ونبه مارانتسيديس إلى أن فرض الحجر من جديد "سيكون سيناريو كارثيا". وإضافة إلى المشكلات الاقتصادية، تجهد الحكومة صعوبة في إيجاد تسوية لمسألة شائكة أخرى تتعلق بدمج 120 ألف طالب لجوء، بينهم نحو 30 ألفا يتكدسون في مخيمات بائسة. وشددت الحكومة سياستها لثني المهاجرين الجدد عن القدوم، فكثفت الدوريات على الحدود مع تركيا وألغت المساعدات التي كانت تمنحها الحكومة اليسارية السابقة. ويزداد الإحباط بين طالبي اللجوء الذين تم احتجازهم في المخيمات بسبب الوباء منذ منتصف آذار (مارس)، فقتل شاب من ساحل العاج يبلغ من العمر 19 عاما طعنا بالسكين خلال مشاجرة مع أفغاني في مجموعة خيم مرتجلة أقيمت قرب مخيم موريا في ليسبوس. وانتقدت منظمات غير حكومية بينها أوكسفام، أخيرا سياسة الهجرة اليونانية "المصممة لترحيل الناس بدلا من تقديم الأمان والحماية لهم".
مشاركة :