منذ أكثر من ثلاث أشهر اضطر إيهاب الشبلي إلى إغلاق مطعمه للوجبات السريعة في بلدية حي الأندلس الشهيرة وسط العاصمة الليبية طرابلس، أسوة بالمئات من أصحاب المطاعم والمقاهي وذلك تنفيذا لقرار الحكومة القاضي بوقف أنشطتهم ضمن الإجراءات الاحترازية المتعلقة بحظر التجول خوفا من تفشي مرض فيروس كورونا الجديد "كوفيد-19". كما تسببت الحرب في طرابلس وغرب ليبيا بشكل عام قبل الإغلاق الحكومي، في تأثر سلبي طال الأنشطة التجارية خاصة المطاعم والمقاهي في العاصمة طرابلس، حيث يتواجد فيها أكثر من ثلثي المطاعم والمقاهي على مستوى ليبيا. كما أدى سقوط القذائف العشوائية التي طالت بعض المطاعم خاصة في جنوب طرابلس، لإغلاق عدد كبير منها، إلى جانب تدمير بعضها تماما. وقال إيهاب محمد صاحب مطعم مشهور في طرابلس في حديثه لوكالة أنباء (شينخوا) "مطعمي مثل المطاعم الأخرى تسببت الحرب التي اندلعت العام الماضي في أضرار غير مباشرة به نتيجة عزوف الناس بسبب الوضع الأمني عن التنقل بحرية في طرابلس خوفا من القصف العشوائي، وبالتالي تأثرت طلبيات مطعمي بشكل واضح". وأضاف إيهاب "ومع دخول شهر مارس الماضي وبداية الضجة التي رافقت تفشي مرض فيروس كورونا الجديد في معظم دول العالم، صدر قرار الحكومة بإغلاق المطاعم والمقاهي، وهنا قضي تماما على مشروعي الخاص الذي يوظف 15 عاملا ويقدم لهم دخلا محترما". وعن توقعه عن التطور الإيجابي عقب تخفيف إجراءات الحظر، والسماح لهم بممارسة أعمالهم، أجاب "قمت بإعادة فتح مطعمي بعد قرابة أربع أشهر من الإغلاق، وحاليا أشعر بتفاؤل وتنفسنا الصعداء". وأردف بالقول "هذا التفاؤل ممزوج بالحذر والريبة، لأن شروط فتح المقاهي بأن يتم تقديم الوجبات عبر خدمة التوصيل أو الطلب خارج المطعم، وهو أمر يخفض كثيرا من عدد الوجبات وبالتالي سنواجه صعوبات في استمرار الفتح بهذه الطريقة". وعن أبرز العقبات المتوقعة، أوضح مالك المطعم " لدي 15 عاملا، والأن أعمل بنصف العدد فقط، لأن الطلبات ليست مرتفعة، وإلى جانب إيجار المطعم المرتفع، كلها عوامل تجعلنا نغامر وربما لن نصمد طويلا في ظل إجراءات مشددة قيدت حركة الزبائن وإقبالها على المطاعم". وأكدت مريم التهامي وهي تقوم باستلام طلبها من المطعم، لدينا شوق لأكل المطاعم، الحرب قللت من الذهاب اليها، وبعد ذلك جاء مرض كورونا الذي تم إغلاق المطاعم تماما على إثره/ مشيرة إلى الارتفاع الملحوظ في أسعار الوجبات. وقالت "ارتفعت أسعار بعض الوجبات بين 25% الى 50% عن السعر السابق، وهو أمر يرهقنا كمواطنين، ويجعلنا نفكر كثيرا قبل الذهاب لشراء الوجبات الجاهزة". وقامت السلطات الليبية في غرب وشرق البلاد خلال الأيام الماضية، بالسماح لمعظم الأنشطة التجارية خاصة المطاعم والمقاهي باستئناف أعمالها، لكن وفق ضوابط مشددة. وتركز الضوابط الجديدة، على عدم السماح للزبائن بتناول الطعام داخل المطاعم والمقاهي، والاقتصار على خدمات التوصيل والطلب الخارجي، إلى جانب تقليل عدد العمال بواقع النصف، وفرض ضوابط مشددة تتعلق بعمليات التعقيم والتطهير والالتزام بارتداء الكمامات والقفازات لجميع العمال، وفرض غرامات مالية كبيرة على المخالفين تصل إلى الإغلاق وسحب الرخصة التجارية. ويسمح لهم بالعمل من الساعة 12:00 ظهرا وحتى الساعة 19:00 مساء بالتوقيت المحلي يوميا. ويرى عمر حسن (عامل مطعم) بأن الفتح الجزئي اشعره بالفرح الكبير، لأنه ظل بدون عمل لأكثر من 3 أشهر، وهو لا يملك وظيفة حكومية تؤمن له راتبا شهريا. وأضاف عمر في حديثه لـ (شينخوا) "فقدت الأمل وشعرت بأن إغلاق المطاعم سوف يستمر طويلا، خاصة وأني تدربت وتلقيت دورات في الطهي منذ سنوات، وهو العمل الوحيد الذي اتقنه ومصدر دخلي من ورائه". وتابع "حاليا ومع بدء تدريجي للعمل، نشعر بالسعادة لأن هذا الأمر إيجابي، وسيجعل الأمور تعود إلى طبيعتها مع مرور الوقت، خاصة والعالم أجمع قام بالسماح للمطاعم باستئناف أعمالها". وحول مدى تأثير الضوابط على عمل المطاعم، أجاب مبتسما "نعود للعمل ولو لساعات قليلة ووفق شروط صارمة، أفضل من المكوث في المنزل دون الحصول على المال نظير توقف عملنا". وبلغ عدد المصابين الإجمالي في ليبيا بمرض "بكوفيد-19" نحو 1117، من بينهم 269 حالة شفاء و34 وفاة، منذ تسجيل أول حالة في شهر مارس الماضي لمواطن ليبي عائد من السعودية. وشهدت العاصمة طرابلس وغرب ليبيا هجوما عسكريا من طرف قوات "الجيش الوطني" بقيادة المشير خليفة حفتر في أبريل من العام الماضي، انتهى بانسحاب قوات الجيش إلى سرت (450 كلم) شرق طرابلس. وتعاني ليبيا من فوضى أمنية وصراع على السلطة منذ عام 2014، بين حكومة الوفاق الوطني في طرابلس المعترف بها من المجتمع الدولي، وحكومة موازية في شرق البلاد يدعمها مجلس النواب وقوات "الجيش الوطني" بقيادة المشير حفتر.
مشاركة :