يستعد المرشح الجمهوري دونالد ترامب لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية المزمع إجراؤها في الثالث من نوفمبر القادم تقريبا بلا إنجازات على مستوى السياسة الخارجية وبالتزامن مع تعثر اقتصادي كبير فرضه انتشار وباء كورونا في الداخل. ويعتبر فشل إدارة ترامب في طي الملف الأفغاني وضعف أدائها أيضا في سوريا إلى جانب انهيار المفاوضات النووية مع كوريا الشمالية نقاط ضعف قد تصب في صالح المنافس الديمقراطي جو بايدن. واشنطن – شددت الولايات المتحدة الأربعاء على أنها مازالت منفتحة على الحوار لتسوية النزاع النووي مع كوريا الشمالية، وذلك على نحو مناقض لتصريحات المسؤولين الكوريين الشماليين، فيما يرى مراقبون أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحاجة من أي وقت مضى إلى “إنجاز خارجي” قبل موعد الانتخابات الرئاسية قد يهديه إياه الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. وأجرى الممثل الخاص لشؤون السلام والأمن في شبه الجزيرة الكورية لي دو هون ونظيره الأميركي نائب وزير الخارجية ستيفان بيغون محادثات الأربعاء في وزارة الخارجية في سول، واتفقا على مواصلة المهمة الشاقة لحث كوريا الشمالية على العودة إلى طاولة الحوار. وذكر دو هون “لقد أكدت في اجتماعنا على أن الحوار والمفاوضات هما السبيل الوحيد لتسوية تلك المشكلة وأن كوريا الجنوبية والولايات المتحدة يجب أن تركزا جهودهما على استئناف الحوار”. وأكد بيغون مجددا الموقف الأميركي المرن في تحقيق اتفاق متوازن وتعهد بمواصلة الجهود لجعل ذلك ممكنا. وأضاف “تؤيد الولايات المتحدة بقوة التعاون بين الكوريتين ونعتقد أن ذلك يلعب دورا مهمّا في تحقيق بيئة أكثر استقرارا في شبه الجزيرة الكورية”. وتابع “نتطلع لدعم الحكومة الكورية بشكل كامل، فيما تمضي قدما في هدفها مع كوريا الشمالية لتحقيق التعاون بين الكوريتين”. وكان بيغون قد وصل إلى كوريا الجنوبية الثلاثاء في زيارة تستمر ثلاثة أيام، وسط تصاعد التوترات الناجمة عن هدم بيونغ يانغ مؤخرا مكتب الاتصال الكوري وتهديدات بتحويل سول إلى بحر من النار، بسبب منشورات دعائية يتم إطلاقها عبر الحدود من قبل نشطاء كوريين شماليين منشقين. وتأتي زيارة المسؤول الأميركي إلى سول عقب دعوة الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه مؤخرا لعقد قمة جديدة بين ترامب وكيم قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، وهو ما اعتبرته أوساط جمهورية فرصة سانحة للإدارة الأميركية من أجل تحقيق “منجز” على صعيد السياسة الخارجية يمكن تقديمه للناخبين الأميركيين قبيل توجههم لصناديق الاقتراع. ويقدم ترامب لقاءاته مع الزعيم الكوري الشمالي على أنها نصر لسياسته الخارجية، وأنه تمكن خلالها من منع حرب مع كوريا الشمالية، إلا أن تهديد بوينغ يانغ بإغلاق مكتب الاتصال المشترك مع كوريا الجنوبية بعد توقف المفاوضات أعاد مجددا التوتر إلى شبه الجزيرة الكورية وسحب ربما ورقة انتخابية كان ترامب يعول عليها في حملته الانتخابية لتجديد ولايته. ولم يستبعد مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون في تصريحات إعلامية الأسبوع الماضي أن يلجأ ترامب إلى عقد قمة أخرى تجمعه بالزعيم الكوري الشمالي يعدّل من خلالها الأوتار داخليا. وقال بولتون “كما تعلمون لدينا في أميركا عبارة (مفاجأة أكتوبر) قبيل الانتخابات مباشرة، فإذا شعر الرئيس أنه في مشكلة عميقة جدا، فلقاء جديد له مع صديقه كيم جونغ أون قد يبدو كشيء يمكنه أن يحول مسار الأمور”. وقبل لقائهما التاريخي في المنطقة المنزوعة السلاح جنوب الدولة الشيوعية، اجتمع ترامب وكيم مرتين؛ الأولى في سنغافورة في عام 2018 والثانية في هانوي في عام 2019، لكنّ أيّا من القمتين لم تحقق النتائج المرجوة. وفي 30 يونيو 2019، خطا ترامب بضع خطوات برفقة كيم في الأراضي الكورية الشمالية، في سابقة لرئيس أميركي، ودعا كذلك كيم لزيارة الولايات المتحدة. ويوم 12 يونيو 2018، أبدى الرئيس الأميركي انسجاما مفاجئا مع وريث سلالة كيم التي تحكم بيد من حديد كوريا الشمالية منذ أكثر من 60 عاما. وبعد لقائه الأول وجها لوجه مع كيم، علق ترامب بالقول “كانت زيارة رائعة”. وانتهت القمة بإعلان مشترك ينص “على نزع كامل للسلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية”، وهي صيغة مبهمة فسرها كل طرف بطريقة مغايرة. وأكد ترامب الذي يتباهى باعتماد نهج دبلوماسي غير تقليدي، أن عملية نزع السلاح النووي يمكن أن تبدأ “سريعا جدا”، بعد عقود من التوتر حول طموحات بيونغ يانغ النووية، إلا أن المفاوضات انتهت إلى الفشل. وفي 28 فبراير 2019، انتهى اللقاء الثاني بين الرجلين في هانوي في فيتنام بالفشل إذ تعثرت خصوصا عند مطالبة بيونغ يانغ برفع العقوبات عنها. والأسبوع الماضي بددت كوريا الشمالية الآمال باستئناف المفاوضات في أي وقت قريبا مع الولايات المتحدة حول وقف برنامجها للأسلحة النووية. وقالت تشوي سون هوي النائبة الأولى لوزير الشؤون الخارجية، إن واشنطن تستخدم فقط الحوار مع بيونغ يانغ “”ليس أكثر من أداة للتعامل مع أزمتها السياسية الخاصة”. وكان مسؤولون بالإدارة الأميركية قد عارضوا توجه ترامب للتفاوض مع الزعيم الكوري الشمالي منذ البداية قائلين إن الأخير لن يتخلى عن ترسانته النووية وإن جنوحه للمفاوضات ليس إلا لتخفيف ضغوط العقوبات الأميركية المسلطة عليه.
مشاركة :