كان سعي نصر حامد أبوزيد لنيل درجة الأستاذية من جامعة القاهرة هو بداية أزمته الشهيرة، التي انتهت بمغادرته مصر إلى المنفى، في عام ١٩٩٥ بعد حصوله على الدرجة بأسابيع.وقتها قدم أبوزيد أطروحته التي حملت عنوان "نقد الخطاب الديني" والتي ناقشتها لجنة من أساتذة جامعة القاهرة برئاسة الدكتور عبدالصبور شاهين، الذي وقتها اتهم في تقريره أبوزيد بالكفر، والذي أرفق اتهامه بالردة تقريرًا تضمن "العداوة الشديدة لنصوص القرآن والسنة والدعوة لرفضهما. والهجوم على الصحابة، وإنكار المصدر الإلهي للقرآن الكريم، والدفاع عن الماركسية والعلمانية وعن سلمان رشدي وروايته "آيات شيطانية"، ما كان سببا في اندلاع معركة فكرية كبيرة بين أنصار أبوزيد وبين من اتفقت أفكارهم مع تقرير شاهين؛ وطالبت لجنة مكونة من ٢٠ عالمًا من الأزهر أبوزيد بإعلان توبته عن بعض الأفكار التي وردت في كتابه "مفهوم النص" والتي رأوا أنها مخالفة لأحكام الدين الإسلامي.وبعد هذه الأزمة بأعوام طويلة، نفى الدكتور عبدالصبور شاهين بشكل قاطع قيامه بتكفير أبوزيد، وفي حوار صحفي أجري معه عام ٢٠١٠ قال "لا يمكن أن أورط نفسي في هذا الاتهام البشع، لأن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقول: "من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما"، ولفت إلى أن ما كتبه في التقرير الذي أقرته اللجنة العلمية وأقره مجلس الجامعة في ذلك الوقت كان تقييمًا علميًا موضوعيًا لأعمال الباحث "فنحن نفحص بحثًا لا باحثًا، ولم أتعرض في تقريري لعقيدة الباحث أو دينه، فهذا أمره إلى الله سبحانه وتعالى ولا شأن لي به".وروى شاهين أن أبوزيد تقدم آنذاك بإنتاجه العلمي للترقية إلى درجة أستاذ، ومن الطبيعي أن يقوم أعضاء اللجنة العلمية بفحص إنتاج الباحث وتقييمه، ويقرأ الأساتذة الفاحصون الإنتاج ثم يحكمون عليه كما يحكم القضاة بكل نزاهة وضمير القاضي، دون اعتبار لأي شيء إلا تحقيق العدالة وأن يصل الحق إلى مستحقيه، وأضاف "وقد قدمت تقريري عندما اجتمعت اللجنة، ثم أرسل هذا التقرير إلى الكلية ثم إلى مجلس الجامعة الذي اعتمد التقرير الجماعي، وكان ملخص التقرير أن الأعمال التي تقدم بها الدكتور نصر حامد أبوزيد تحتاج إلى إعادة نظر، والإنتاج المقدم لا يرقى إلى درجة أستاذ بقسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة القاهرة"، لافتا إلى أن المسألة حتى تلك النقطة هي في غاية البساطة، وأن رسوب طالب ترقية هو شيء طبيعي يحدث كثيرا في كل الجامعات ومختلف التخصصات، لم يكن الأمر في تلك اللحظات يعتبر أزمة "فقد يحالفه في جولة أخرى حين يجتهد ويتلافى أخطاءه التي أخطأها في المرة الأولى".وأكد شاهين في حواره الذي يعود إلى عشرة أعوام مضت أن دوره في المشكلة ودور الجامعة قد انتهى عند تقييم التقرير، وأن اللحظات الحرجة التي تفاقمت لصناعة الأزمة بدأت عندما قرأ الراحل المستشار صميدة عبدالصمد أبحاث أبوزيد، واقتنع بأخطائه التي سجلها التقرير العلمي، وتوجه إلى القضاء ورفع دعوى الحسبة طالبًا إدانته بتهمة الردة، وكان الهدف الأساسي من وراء التقدم بدعوى الحسبة إبعاد أبوزيد عن الجامعة ومنعه من التدريس فيها.صدر حكم المحكمة باعتبار نصر حامد أبوزيد مرتدًا، وأن عليه أن يطلق امرأته، وأيدت محكمتا الاستئناف والنقض الحكم نفسه بعد أن اقتنعت هيئة القضاء بأسباب رفض الدكتور عبدالصبور شاهين لأبحاث أبوزيد.
مشاركة :