عنوان المقال استعرته صدر بيت شعري للمبدع والشاعر الحقيقي خالد الفيصل من قصيدة أخّاذة المعاني والصور قالها في رثاء العظيم فيصل بن عبدالعزيز.. "تلفتت روس الرجاجيل وين أنت وين العظيم، وعود الشوف مطعون" اليوم، بعد اليوم، وإلى أمد بعيد وزمن طويل كم "ستتلفت" الرؤوس في المحافل الدولية، والاجتماعات الأممية لتبحث عن رجل الحكمة والرأي الناضج والتجربة العميقة سعود الفيصل؛ تستنير برأيه وتسترشد بحكمته في معضلات السياسة، يخرجها بوعيه من منزلقات خطرة تكاد تعصف بالتقارب والتفاهم والحوار الذي يؤمن الاستقرار للشعوب ويوفر لها الأمن الحياتي والاقتصادي والاجتماعي "ستتلفت" الرؤوس وتشخص الأبصار بحثاً عن المنقذ العاقل المتزن يمنحها الرأي ويدلها إلى الطريق الآمن فلا تجده في المحفل الدولي فتنكسر حزينة تائهة خائبة. لقد فقدت الدبلوماسية رجلاً فذاً عميق الرؤية ثاقب البصيرة تمرّس في العمل واشتهر بالصدق والوضوح ورفض أن يفهم السياسة على أنها فن الخداع والمراوغة والكذب والدجل والتسويف والمقايضات والبيع والشراء بمصائر الأمة ومكتسباتها ومستقبلات الشعوب التواقة إلى العدل والحرية والانعتاق من الظلم والاستبداد والقهر، والتطلع إلى حياة مستقرة تتوفر فيها عوامل الإنتاج والعطاء والبذل من أجل الإنسانية ورخاء واستقرار العالم وصناعة حضارته وثفافته. لقد مرّت الدبلوماسية العربية بالذات بواقع مخيف من التردي في الممارسة، وتحوّلت إلى شعارات جوفاء بليدة ورخيصة ومزايدات مضحكة، أنهكت الأمة القضية العربية الكبرى، وأضاعت القضايا المصيرية الأخرى ووضعتها في سوق النخاسة، وصار بعض السياسيين العرب تجار دجل ونجوم صالونات ومهرجين يضحكون على شعوبهم ويرتكبون الخطايا ويقترفون الجرائم في حق أمتهم والإنسان. سعود الفيصل كان استثنائياً في السياسة العربية والدولية، كان معلماً وملهماً ومرشداً في فن الصدق والتعامل، اعتلى المنابر ورفع صوت الصدق والوضوح والصراحة فاحترمه العالم، كل العالم، وعرف أن هذا الرجل يتكلم باسم دولة لا يمكن أن تخضع للإملاءات أو الضغوط أو تقبل المقايضات والمساومات. لقد أعطى سعود الفيصل لوطنه شبابه وصحته وراحته، وسيحفر في ذاكرة التاريخ والمجد بطلاً عظيماً. لمراسلة الكاتب: RashedFAlRashed@alriyadh.net
مشاركة :