يملي حسن نصرالله على الحكومة اللبنانية ما تفعله من أجل إنقاذ الشعب اللبناني ولبنان من الأزمة الاقتصادية التي قد تؤدي إلى المجاعة. عام 2006 استعمل نصرالله خبرته العسكرية في إشعال نار حرب أحرقت لبنان ودمرت بنيته التحتية وشردت مئات الآلاف من سكانه بعد أن هدمت بيوتهم وجعلتهم مثار شفقة دولية. لقد اعترف نصرالله بعدها بأنه قد أخطأ في حربه الخاسرة. ولكنه لم يعترف بأن ذلك الخطأ قد حدث بسبب جهله بالأمور العسكرية وضعف درايته مما دفعه إلى ارتكاب واحدة من أبشع الحماقات التي لا يزال لبنان حتى اللحظة يدفع ثمن غبائها. لم يستعد لبنان عافيته بسبب تلك الحرب المكلفة. غير أن نصرالله سرعان ما استعاد لغة التهديد والوعيد وهو يتحدث بثقة الخبير العسكري عن ميزان القوى الذي يميل لصالح حزبه استعدادا للحرب. ولو حدث ذلك في أي دولة غير لبنان لاستدعي الرجل وفق مذكرة اعتقال وقدم إلى محكمة قد تفضي إلى سجنه أو تحكم بعرضه على لجنة طبية باعتباره مجنونا. ولكن السلاح الذي لم ينتصر على إسرائيل كان موجها إلى اللبنانيين، حكومة وشعبا. وكان احتلال بيروت عام 2008 من قبل فصائل حزب الله مجرد تمرين لما يمكن أن يحصل لو تم توجيه نقد إلى الحزب أو إلى زعيمه أو إلى إيران التي ترعاه وتموله وتديره ويدين لها بالولاء. يومها صار واضحا أن حزب الله يستقوي على اللبنانيين في فرض وجوده غير المرخص باعتباره ميليشيا تقف فوق القانون. في ظل الأزمة المالية الحالية التي تعصف بلبنان وتهدد أبناءه بالمجاعة ظهر نصرالله باعتباره خبيرا اقتصاديا. إنه لا يقدم نصائح بقدر ما يضع خطة عمل للحكومة، تتمكن من خلالها من معالجة المشكلات التي ترتبت بسبب الفساد الإداري والمالي الذي اخترق جسد الدولة اللبنانية وكانت تدخلات حزب الله في الدورة المالية واحدة من أهم مظاهر ذلك الفساد. نصرالله وضع النقاط على الحروف في خارطة طريق مكتملة وما على الدولة اللبنانية سوى الشروع بالتنفيذ. لذلك فقد تحدث بثقة الخبير الاقتصادي ذي الكفاءة والمعرفة بشؤون الاقتصاد. لست هنا بصدد مناقشة مشروعه في الاتجاه بالاقتصاد اللبناني شرقا أي ناحية الصين كما أنني لست معنيا بتفكيك حذلقته اللغوية حين تحدث عن الجهاد الزراعي فكل ذلك عبارة عن لغو فارغ ولكنني أقف أمام الوضع الهزيل الذي وصلت إليه الدولة اللبنانية حين صار مسموحا لرجل جاهل أن يوجهها من غير أن يملك أي من أطرافها الجرأة والشجاعة على أن يوقفه عند حده. على الأقل من خلال مساءلته عن الصفة السياسية التي تتيح له القيام بذلك. غير أن تركيبة الحكم في لبنان تسمح لنصرالله بالقيام بما هو أسوأ وذلك لأن سيد المقاومة هو من وضع رئيسي الجمهورية والحكومة في منصبيهما كما أن رئيس مجلس النواب هو شريكه الطائفي في الجريمة. ولأن نصرالله هو صانع تركيبة الحكم فإنه يتبوأ منصبا أكبر من أن يُسمى. مرجعيته في ذلك الدور الذي يلعبه سيده خامنئي في إيران. إنه يمهد الطريق لإقامة الجمهورية الإسلامية في لبنان والتي سيكون مرشدها. الرجل الذي يلقي خطاباته من خلال الشاشات مختبئا في مكان مجهول يمهد من خلال خططه الاقتصادية لتطبيع الجوع خدمة لمصالح أسياده. فهو يرى أن على لبنان باعتباره بلد المقاومة أن يقتسم مع إيران زعيمة المقاومة في المنطقة آثار العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. فليس من حق اللبنانيين من وجهة نظره أن يعيشوا حياة كريمة فيما يعاني الإيرانيون من تداعيات الحصار الاقتصادي المفروض على بلادهم بسبب سياسات نظامهم الخطرة على السلم والآمن العالميين. حسن نصرالله باعتباره خبيرا اقتصاديا يرى في الأخذ بالنموذج الإيراني حلا لكل أزمات لبنان.
مشاركة :