سوريا تشهد أزمة إنسانية عميقة بعد وقف المساعدات الأممية | | صحيفة العرب

  • 7/12/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

معرة مصرين (سوريا) - مع نهاية مدة تفويض الأمم المتحدة لإيصال المساعدات الإنسانية للنازحين تتفاقم المخاوف من أزمة إنسانية عميقة لاسيما في ظل استمرار تفشي فايروس كورونا المستجد. وبعد نجاتهم من المعارك الأخيرة في شمال غرب سوريا، يخشى نصر أحمد سلطان على أطفاله العشرة من المجاعة وتفشي كوفيد – 19، في حال توقف إيصال المساعدات عبر الحدود، غداة فشل مجلس الأمن في تجديد آلية إدخالها جراء فيتو روسي صيني. وانتهت الجمعة مدة تفويض الأمم المتحدة لإيصال المساعدات عبر الحدود إلى الملايين من السوريين، على وقع انقسام سياسي أثار تنديد كبرى المنظمات الانسانية والدولية. وبدأت برلين وبروكسل مبادرة أخيرة لمحاولة إنقاذ هذه الآلية على أمل إجراء تصويت جديد نهاية الأسبوع. وكانت الصين وروسيا اللتان تدعمان نظام الرئيس بشار الأسد قد رفعتا حق النقض (الفيتو) في وجه مقترح لتمديد فترة هذه المساعدات. وبتصويت الجمعة، تكون موسكو قد استخدمت الفيتو للمرة الـ16، وبكين للمرة العاشرة حول نصوص مرتبطة بسوريا منذ بدء الحرب في 2011 سواء لإنقاذ الرئيس بشار الأسد من عقوبات أو غير ذلك. ومن داخل خيمة متواضعة شبه خالية من الأثاث، في مخيم للنازحين قرب مدينة معرة مصرين، شمال إدلب، يبدي نصر (45 عاماً)، خوفه على عائلته في حال توقّف المساعدات ومع تسجيل أولى الإصابات بوباء كوفيد – 19 في إدلب. ويقول “تركنا بيوتنا وأرضنا ورزقنا ولم يعد لدينا إلا هذه المساعدات التي يعطوننا إياها، وفي حال انقطعت نصبح عرضة للمجاعة”. وفرّ نصر مع عائلته من جنوب إدلب على وقع هجوم واسع شنته قوات النظام السوري بدعم روسي بدءاً من ديسمبر على مناطق في إدلب ومحيطها. وتوقّف الهجوم الذي دفع نحو مليون شخص إلى الفرار من مناطقهم، إثر وقف لإطلاق النار أعلنته روسيا وتركيا الداعمة للفصائل المقاتلة والجماعات الجهادية هناك، بدأ تطبيقه في 6 مارس. وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل أخرى أقل نفوذاً على نصف مساحة إدلب ومحيطها، حيث يقيم ثلاثة ملايين نسمة، نصفهم نازحون من مناطق أخرى. ووفقاً للأمم المتحدة، يعتمد نحو 2.8 مليون شخص في المنطقة على المساعدات عبر الحدود لتأمين احتياجاتهم اليومية الأساسية. ولم يتمكن مجلس الأمن من تجديد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود، المعتمدة منذ العام 2014 ومن دون موافقة دمشق، بسبب تعنت روسيا وتشبثها بحصر نقاط إدخال المساعدات بمعبر باب الهوى (إدلب) وإزالة نقطة العبور الثانية وهي باب السلامة في منطقة أعزاز (حلب). وتعتبر روسيا أساساً أنّ التفويض ينتهك السيادة السورية. ونجحت مطلع العام في فرض إرادتها على الأمم المتحدة بتقليص نقاط إدخال المساعدات إلى اثنتين بدلاً من أربع، ولمدة ستة أشهر بينما كانت تمدد سنوياً منذ إنشائها. وأشار دبلوماسيون إلى أن التصويت المحتمل الأسبوع القادم سيكون خاضعا لإملاءات روسيا لتجنب فيتو جديد. ومع تسجيل إصابة ثلاثة من الكوادر الطبية على الأقل بفايروس كورونا المستجد في إدلب منذ الخميس، في تطوّر يثير مخاوف من وقوع كارثة صحيّة إذا ما تفشّى الوباء في مخيّمات النازحين المكتظّة والتي تفتقد لخدمات المياه والصرف الصحي، يقول نصر بانفعال “إذا لم يتم إدخال الأدوية إلى المخيمات، سينتهي أمرنا” مضيفاً “ستقضي الكورونا علينا”. وعلى بعد أمتار، يسأل النازح عبدالسلام يوسف (47 عاماً)، وهو أب لعشرة أطفال بغضب “مع تسجيل إصابات عدة بالكورونا، كيف يمكننا الالتزام بالحجر داخل المخيمات إذا كانت الناس لا تملك قوتها اليومي مع وقف المساعدات؟”. ويعتمد النازحون خصوصاً على المساعدات لتأمين الطعام والمياه والحصول على الخدمات الاستشفائية والتعليمية لأطفالهم، بحسب الأمم المتحدة. ونبّهت رئيسة منظمة “سايف ذي تشيلدرن” إنغر أيشينغ في بيان ليل الجمعة إلى أن “المعابر الحدودية هي الطريقة الوحيدة لإيصال المساعدات الإنسانية الحيوية، والتي يعتمد الأطفال عليها للبقاء”. ولم تثمر خمس عمليات تصويت في مجلس الأمن منذ الثلاثاء، استخدمت خلالها روسيا والصين حق النقض (فيتو). وتقول موسكو إن 85 في المئة من المساعدات تمر عبر باب الهوى وبالتالي يمكن إغلاق معبر باب السلامة. ويرفض الغربيون هذه الحجج معتبرين أن لا بديل يتمتع بالصدقية لهذه الآلية حالياً وأن البيروقراطية والسياسة السوريتين تمنعان نقلاً فعالاً للمساعدات إلى المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق. وأكدت الولايات المتحدة، الأربعاء، أنّ الإبقاء على معبرين في سوريا “خط أحمر”. ولكن دبلوماسيين عدة ذكروا الجمعة أن الحل الذي تسعى إليه ألمانيا وبلجيكا بات يرتكز على الإبقاء على معبر باب الهوى فقط والتخلي عن باب السلامة ما يعني الخضوع لأجندات روسيا. وانتقدت مجموعة الأزمات الدولية “تسييس” إيصال المساعدات. ومن جانبه، صرح ريتشارد غوان من “مجموعة الأزمات الدولية” أنّ “روسيا ومعارضيها في مجلس الأمن يرون في هذه النقاشات وسيلة لتسجيل نقاط سياسية لكن الأمر ليس لعبة”.

مشاركة :