الأستاذ الدكتور:عبير حمادة * تقترب الأيام شيئا فشيئا من موسم أداء مناسك الحج – الركن الخامس للإسلام- والذي يعتبر على قدر عال من الأهمية التي تضع على عاتقنا نحن الأطباء عامة وأطباء الأمراض الصدرية خاصة شيئا من الاهتمام لتقديم النصائح التي يمكن بها أن يقي الحاج نفسه من بعض الأمراض التي قد تعيقه في أداء المناسك كما ينبغي. ومما لا شك فيه أنه قد تزداد فرصة الإصابة ببعض الاضطرابات المرضية أثناء موسم الحج ،وذلك نظرا لتزايد أعداد الحجاج من جميع أنحاء العالم على اختلاف العوامل البيئية التي يعيشون بها و بالتالي زيادة فرصة تناقل العدوى وانتشارها بينهم،ومن الأمراض الشائعة في موسم الحج الأمراض التنفسية سواء كانت أثناء فترة الحج أو بعد عودتهم من الأراضي المقدسة.الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي:أولا: الحجاج كبار السن و الأطفال المصاحبون لذويهم أثناء الحج أكثر عرضة من الفئات العمرية الأخرى.ثانيا: الحجاج المدخنون. ثالثا: الحجاج الذين يعانون من أمراض مزمنة بالجهاز التنفسي مثل: حساسية الصدر – السدة الرئوية المزمنة – تمدد الشعب الهوائية – تليف الرئة. رابعا: الحجاج الذين يعانون من أمراض مزمنة أخرى مثل: داء السكري- أمراض الكلى –أمراض الكبد- أمراض القلب- أمراض الكولاجين – أخيرا من يتناول أدوية تقلل المناعة مثل: الكورتيزون – العلاج الكيماوي أو الاشعاعي لعلاج الأورام و غيرهم. العوامل المؤثرة على الجهاز التنفسي في الحج:تنقسم العوامل المؤثرة على الجهاز التنفسي عموما إلى قسمين: أولا : عوامل في الحاج نفسه مثل الصحة العامة له وهل يعاني من أمراض مزمنة أم لا – حالة جهاز المناعة للجسم – التدخين سواء الإيجابي أو السلبي – نوعية الغذاء- ما مدى اتباع الحجاج للسلوكيات الصحية. ثانيا : عوامل في البيئة المحيطة مثل الازدحام – تهوية غير جيدة – تلوث الهواء – وجود غبار أو أتربة في هواء التنفس – مخالطة المرضى دون إتباع أساليب الوقاية اللازمة التهابات الجهاز التنفسي الحادة:تعتبر التهابات الجهاز التنفسي الحادة من أبرز أمراض الجهاز التنفسي التي تصيب الحجاج في موسم الحج أو بعده و أكثرها شيوعاً، وذلك نظرا لانتشارعدوى الفيروسات و البكتيريا أثناء موسم الحج بالإضافة إلى الازدحام بين الحجاج أثناء أداء المناسك. وتنقسم التهابات وعدوى الجهاز التنفسي إلى تلك التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي وتسبب أمراض( الزكام – الانفلوانزا – إلتهاب الحنجرة – والتهاب القصبات الهوائية)، كما تشمل أيضا عدوى الجهاز التنفسي السفلي والمقصود هنا هو التهاب الرئة ( ذات الرئة) وهو أقل شيوعاً لكنه يمثل خطرا عى الحاج إذا أهمل العلاج،وتنتقل هذه الأمراض عن طريق الرذاذ المتطاير مع السعال أوالعطس أوالكلام، كما تنتقل عن طريق لمس الأسطح الملوثة باليدين ثم مسح الأغشية المخاطية بالأنف أو الفم أو العينين قبل تنظيف أو تطهير اليدين. وتتطلب هذه الأمراض سرعة العلاج واتخاذ الإجراءات الوقائية السريعة لمنع حدوث المضاعفات والحد من انتشار المرض.مرض الربو ( حساسية الصدر) بالحج:تعتبر حساسية الصدر من الأمراض المزمنة التي تتميز بحدوث ضيق مفاجيء بالشعب الهوائية والتي تؤدي بدورها إلى صعوبة بالتنفس مما قد يعوق الحاج في أداء المناسك، ولذا يجب على المريض الذي يعاني من مرض حساسية الصدر أن يراجع الطبيب قبل سفره وأن يأخذ معه جميع الأدوية الخاصة به كما ينبغي علية إعلام طبيب الحملة المصاحب لهم في الحج،وإذا انتهت الأدوية يمكنه صرفها من الصيدلية أو المستشفيات القريبة له ما دامت حالتة مستقرة، أما إذا ظهرت عليه أعراض من تهيج القصبات أو ضيق التنفس فيجب عليه مراجعة الطبيب المختص.ويعتبر بخاخ الفينتولين هام جدا لمرضى حساسية الصدر وهو يسمى دواء إنقاذ حيت أنه يساعد المريض ويوسع الشعب الهوائية بسرعة شديدة، ويستخدم فقط عند الحاجة إليه أي في وجود هجمة ربوية حادة، أما البخاخات التي يجب أن تستخدم بانتظام و بصورة يومية لعلاج حساسية الصدر هي البخاخات التي تحتوي على مادة الكورتيزون مع بعض العقاقير الأخرى حسب حالة المريض ورؤية االطبيب المعالج. وتكمن أهمية هذه البخاخات في أنها توقف تدهور حالة القصبات الهوائية وتحافظ على كفاءة الرئة بصورة جيدة مع مرور الزمن مع منع حدوث أزمات متكررة. كما ننصح بوجوب حمل بطاقة التعريف للأمراض المزمنة فهي بمثابة هوية الانسان وتمثل ركيزة هامة في سرعة العلاج وجودة الخدمة المقدمة للحاج إذا ما تعرض لمضاعافات أثناء أداء المناسك.بالنسبة للأمراض الصدرية المزمنة وأهمها: الربو ( حساسية الصدر )، وبهذا الصدد فإنه يوجد بطاقة تسمى خطة عمل الربو مسجل بها بيانات المريض ووسيلة التواصل مع الطبيب المعالج والأدوية الدائمة التي يستخدمها مع ذكر الأعراض التي قد تحدث مضاعفات، ويتوجب عندها أن يكون هناك علاج إضافي طارئ، كما يذكر فيها علامات الخطر التي يجب عندها المريض الذهاب مباشرة إلى المستشفى. مرض الكورونا: يسمى ايضا متلازمة الشرق الأوسط التنفسية وتشمل الأعراض النمطية مثل الحمى والسعال و/ أو ضيق التنفس. وهناك ايضا بعض الأعراض المَعدية والمعوية مثل: الإسهال و القيء وآلام البطن، وربما يتسبب في حدوث إلتهاب بالرئة وفشل في التنفس مما يتطلب التنفس الاصطناعي والدعم في وحدة العناية المركزة.مرض السل أو الدرن الرئوي:مرض السل من الأمراض القديمة جدا التي تصيب الجهاز التنفسي وأعضاء الجسم الأخرى، ويعتبر السل الرئوي من الأمراض الرئوية المعدية والتي تنتشر بسرعة أثناء موسم الحج، كما أن أعراضه تشمل سعال مع بلغم بصورة متكررة وتدوم أكثر من أسبوعين دون الاستجابة للعلاج المعتاد مع وجود فقدان للشهية ونقصان بالوزن وارتفاع طفيف بدرجة حرارة الجسم خاصة أثناء الليل مع وجود تعرق شديد، وإذا كان المريض مازال في مرحلة الدرن إيجابي البصاق فيجب منعه من الذهاب إلى الحج حيث أنه في هذه الحالة يكون معديا بصورة مباشرة، أما إذا كان قد بدأ علاجة وأصبح البصاق سلبي فيجب استشارة الطبيب المعالج قبل السماح له بالسفر.طرق الوقاية والحد من انتشار وانتقال الأمراض التنفسية: شرب سوائل بكثرة، والتغذية الصحية السليمة،ولبس الكمامات وخاصة في الأماكن المزدحمة، وننصح الحجاج المصابين بالإنفلونزا أو الزكام باستخدام هذه الكمامات؛ لأن هذا قد يقلل من فرص نقلهم العدوى للحجاج الآخرين،مع تجنب المكوث في الأماكن المزدحمة قدر الإمكان، والمداومة على غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون أوالمواد المطهرة الأخرى التي تستخدم لغسل اليدين، خصوصًا بعد السعال أوالعطاس، واستخدام دورات المياه، وقبل التعامل مع الأطعمة وإعدادها، وعند التعامل مع المصابين أو الأغراض الشخصية لهم، وتجنب ملامسة العينين والأنف والفم باليد، فاليد يمكن أن تنقل الفيروس بعد ملامستها الأسطح الملوثة بالفيروسات، وتهوية مكان الإقامة باستمرار، والحفاظ على النظافة العامة بشكل عام، والحرص على تبليغ طبيب البعثة المرافقة إذا وُجد شخص في مكان الإقامة يعاني كحة مستمرة لفترات طويلة. وإذا كنت مصابا بالسل فيجب إبلاغ البعثة الطبية الخاصة بحملتك لمتابعتك خلال فترة الحج، وعند العودة إلى بلدك، يفضل استشارة الطبيب المختص إذا ظهرت أي أعراض مثل: الحمى السعال أو ضيق في التنفس، وأخذ اللقاحات الواقية قبل الذهاب للحج،والتطعيمات أو اللقاحات التي تقي الجهاز التنفسي قبل موسم الحج.هناك لقاحات هامة جداأولاً: لقاح الأنفلونزا الموسمية وحقيقة هو لقاح فعال جدا خاصة أنه يقي ايضا ضد فيروس H1N1 ( إنفلونزا الجنازير)،وينبغي على الحاج أن يأخذ هذا التطعيم قبل الذهاب الى الأراضي المقدسة بفترة لا تقل عن 10-15 يوماثانيا: لقاح بكتيريا المكورة الرئوية و الذي يقي من الالتهاب الرئوى. و قد أوجبت منظمة الصحة العالمية هذا اللقاح لكل الاشخاص الأصحاء الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما و الأطفال أقل من 19 عاما. أما الأشخاص الذين يعاون من أي من الأمراض المزمنة فيجب عليهم أخذ اللقاح عند عمر الخمسين عاما. و أخيرا فقد أوصت منظمة الصحة العالمية المرضى الذين يعانون من امراض نقص المناعة الموروثة أو المكتسبة – و من هو تحت الغسيل الكلوي الدائم فيجب أن يأخذوا اللقاح حتى و لو كانت أعمارهم دون الخمسين عاما.______*استشاري الأمراض الصدرية بمستشفى الحمادي بالرياض أستاذ دكتور م. الأمراض الصدرية – كلية الطب – جامعة بنها – مصرمرتبطالمشاركة
مشاركة :