إن مشكلة الزيادة السكانية فى مصر تتطلب المزيد من الفكر والجهد للسيطرة عليها من خلال تخفيض عدد المواليد بتقليل معدلات الإنجاب من 3.5 طفل لكل أسرة إلى 2 طفل لكل أسرة بحلول 2030م.يزيد عدد سكان مصر حاليا عن مائة مليون نسمة بخلاف مواليد المصريين بالخارج ومجهولى النسب. بعد أن كان عدد السكان 21 مليونًا فى عام 1950م.بلغت الزيادة السنوية فى عدد السكان خلال الـ 4 سنوات الأخيرة 2.5 مليون، وفى حالة استمرار تلك المعدلات سوف يصبح عدد سكان مصر 125 مليون نسمة فى سنة 2030، وفى عام 2050م يكون 175 مليون نسمة.الأمر الذى يشكل خطرا كبيرا على التنمية، فالزيادة السكانية تجهض التنمية وتزيد من الفقر والبطالة.كما أن معدلات الزيادة السكانية لا بد أن يواكبها نمو اقتصادى ونظام تعليمى وفنى وفتح أسواق جديدة بثلاثة أضعاف معدل النمو السكانى على الأقل كى يكون قادرا على تحقيق التنمية المنشودة.وهو ما يفوق معدلات النمو المتسارع الذى يشهده الاقتصاد المصرى الذى شهد تحولات هيكلية عميقة وإصلاحات حققت ثمارا طيبة للغاية سواء على صعيد النمو الاقتصادى أو زيادة الاحتياطى النقدى أو على صعيد تنفيذ مشروعات ضخمة فى البنى التحتية والتصنيع والإنتاج والتصدير والزراعة وجميع المجالات التى تسهم فى تحقيق الرفاهية للمواطن.إلا أن الزيادة السكانية وفق المعدلات السابقة قادرة على التهام معدلات النمو الاقتصادى مما حدا بالحكومة إطلاق بعض المبادرات مثل (اثنين كفاية) بغرض تعزيز مفهوم الأسرة المناسبة التى يمكن تنشئة أبنائها فى بيئة تعليمية وحالة صحية ومستوى معيشى مقبول، ولتصويب بعض المفاهيم الخاطئة والسائدة بالمجتمع.وأننا لا نكف عن دق ناقوس الخطر لأن المبادرة المطروحة من الحكومة وأى مبادرات جديدة لن تحقق المراد لسببين رئيسيين الأول: نسبة الأمية التى تقترب من 26% من السكان، والثانى: تراجع دور بعض علماء ورجال الدين بفكرة تحديد النسل لضعف ثقافاتهم وعدم قناعتهم.تتعاظم معدلات الأمية فى محافظات الوجه القبلى يليها الوجه البحرى، وبالتالى تنعدم الثقافة ويسود الجهل فى المجتمعات الأكثر فقرا مما يجعلها بيئة خصبة لترسيخ المعتقدات والمفاهيم الخاطئة الموروثة.إن الساحة تعج بالكثير من الأحاديث والأقوال والفتاوى التى تحرم تحديد النسل كونه مخالفا لشرع الله.ويتم نشر وتداول ذلك من خلال بعض دور العبادة والمدارس أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعى خاصة اليوتيوب الذى استطاع عن طريق الفيديوهات البسيطة اختراق الأمية وترسيخ الجهل فى بعض المواقع التى تزيد فيها نسبة الأمية والفقر والمرض.نعتقد أنه لا يمكن تحقيق نتائج على الأرض بتخفيض عدد المواليد وتحجيم الزيادة السكانية فى مصر إلا إذا تضامن علماء ورجال الدين والمعلمين والأطباء والإعلام والمجتمع المدنى فى قيادة حملة توعوية طويلة المدى ومتطورة من خلال المساجد والكنائس والمدارس والوحدات الصحية والقوافل، واستخدام الوسائل الالكترونية المرئية والمسموعة لمواجهة الأفكار والفتاوى المنشرة على المواقع المختلفة التى تبث روح الخوف لدى الناس من مخالفة التعاليم الدينية، وتحثهم على عدم تحديد النسل.إن تبنى المؤسسة الدينية مبادرة التنوير وتصحيح المفاهيم الخاطئة وإبراز أهمية تحديد النسل وفوائده على الأسرة والمجتمع هو السبيل الوحيد للحد من الزيادة السكانية وتمتع الجميع بنتائج النمو الاقتصادى والرفاهية المأمولة.
مشاركة :