بيروت – أثارت جهات سياسية وهياكل صحية في لبنان أزمة قطاع الأدوية، متهمة حزب الله بتوريد أدوية من إيران وذلك بحماية وتواطؤ من وزارة الصحة التي ظلت من الحقائب التي يسيطر عليها الحزب في السنوات الأخيرة. وظهرت في الأيام الأخيرة بوادر احتقان شعبي من أزمة الأدوية التي تنضاف إلى الأزمات الماليّة والاقتصاديّة التي لم يسبق لها مثيل، حيث بات الآلاف من اللبنانيين يصطفّون أمام الصيدليّات لشراء الأدوية بالعملة الصعبة المرتفعة أمام الليرة اللبنانية لتخزينها خوفا من انقطاعها، أو استبدالها بأخرى إيرانية. واتهمت العديد من الأطراف السياسية حزب الله بالتسبب في هذه الأزمة عبر مواصلته تهريب الأدوية المستوردة إلى لبنان بالدولار المدعوم عبر المعابر غير الشرعية للدول المجاورة وفي مقدمتها إيران مثلما يحصل تماما في قطاع المازوت والمواد الغذائيّة. وأعرب رئيس لجنة الصحّة النيابيّة عاصم عراجي عن تخوفه من “إعادة تصدير الأدوية المستوردة من لبنان”، قائلا إن “بعض أدوية القلب فقدت من السوق المحلية، لكن هناك اجتماعات ستعقد للبحث في هذا الأمر مع المعنيين”. وعن سبب غياب بعض الأدوية من السوق المحلية، رجح عراجي “بأن هناك احتمالات عدة من بينها التخزين لإعادة بيعها في السوق السوداء”، موضحا أن من بين الاحتمالات كذلك “تهريب الأدوية إلى الخارج لبيعها بسعر صرف الدولار في السوق الموازية”. وعن إمكانيّة إغراق السوق اللبنانية بالأدوية الإيرانيّة قال عراجي، إن “الحدود مفتوحة، ومن الممكن أن يدخل الدواء الإيراني إلى البلاد بشكل غير قانوني من خلال المعابر غير الشرعية، خصوصا وأن البلد غير مضبوط”. وتأتي هذه الأزمة بعدما وجه سياسيون معارضون لحزب الله ومن بينهم النائب السابق فارس سعيد سلسلة اتهامات له، بجر البلاد إلى الحضن الإيراني عبر أبواب عدة منها قطاع الأدوية. وتتهم أيضا وزارة الصحة بالضلوع في هذه العملية وذلك بعد تكرر محاولات إدخال الدواء الإيراني إلى لبنان، بتسهيل تام من الأجهزة التابعة إليها. وتقول الكثير من المصادر إن عمليات التوريد تتم بطرق مخالفة للمعايير المتّبعة قانونيا. وقد اتضح ذلك حين طالب نواب بالبرلمان وزارة الصحة بتوضيحات بشأن هذه العملية التي يستغل فيها حزب الله فوضى الأزمة الاقتصادية والمعيشية لخدمة مصالحه ولخدمة أجندات طهران. ولدرء هذه الاتهامات، أكد وزير الصحة اللبناني حمد حسن المحسوب على حزب الله مطلع يونيو، وجود أدوية إيرانيّة، مشيرا إلى أنها “عالية الجودة على المستوى العالمي”، داعيا إلى إبعاد ما وصفها “الكيديّة السياسيّة” عن الواقع الاستشفائي. لكن أمين سرّ تكتل الجمهورية القوية فادي كرم قال إن “وزير الصحة وعدنا بمتابعة الملف عندما كشفنا محاولات تسريب الأدوية الإيرانيّة إلى لبنان بطريقة ملتوية”. وأضاف كرم “التمسنا أن هناك محاولة لإدخال الدواء الإيراني بطرق غير قانونية، وبأدوية غير مستوفية للشروط”. وأردف “كما بدا جليا أن لهذه الأدوية أعراضا جانبيّة خطرة”. وشكك كرم “بوجود مختبرات في إيران قادرة على أن تكون مرجعا لإدخال الأدوية إلى لبنان”، لافتا إلى أن الأدوية التي تصل بلاده “ليست أدوية أصلية وتسمى بيو- سيميلر أيّ مشابهة”. واعتبر كرم أن “إدخال هذه الأدوية إلى السوق اللبنانية له اعتبارات واضحة”، مشيرا إلى دور المسؤولين الإيرانيين في ذلك. ورأى كرم أن “إيران قد تكون تعمل على استخدام اقتصاد لبنان لمصلحتها، لأن هناك أرباحا تجنى من عمليات تهريب الأدوية تصل إلى 150 مليون دولار سنويا”. ورغم هذه الأزمة إلا أن رئيسة نقابة مصانع الأدوية كارول أبي كرم طمأنت اللبنانيين بأنه “لا خوف على الأدوية المصنعة في البلاد”. وقالت “هناك تفاوت بالنسبة لدعم الأدوية”. وأوضحت أن “مصرف لبنان يدعمنا بـِ85 في المئة من كلفة المواد الأوليّة فقط، لكنه يدعم 85 في المئة من كامل كلفة الأدوية المستوردة، وهنا لا يوجد أي توازن في الدعم”. وأردفت أن “هناك 50 في المئة من التكلفة ندفعها بسعر صرف السوق السوداء”. أما نقيب الصيادلة غسان الأمين، فقد أكد أن “200 صيدلية أُقفلت منذ بداية الأزمة الاقتصاديّة”. ورجح أن “يرتفع عدد الصيدليات المغلقة إلى ألف صيدلية”، مشيرا إلى أنها “تمثل 35 في المئة من الصيدليّات في لبنان”. واعتبر الأمين أن “السياسات المتبعة في السنوات الماضية أدت إلى استنزاف الكثير من رأسمال أصحاب الصيدليات”.
مشاركة :