ليس بمقدوري هنا مناقشة وتحليل أرقام اقتصادية عن العجلة التي عادت للدوران هذا الأسبوع، لكنني قادر على تحسس الحيوية في الاقتصاد، الشارع البريطاني مثال متميز عن الاقتصاد الحيوي، لذلك فضلت الاكتشاف في الساعات الأولى لإنهاء الحجر الإلزامي في لندن. خرجت بوصفي مراقبا لمشاهدة آثار الكدمات التي تركها كورونا على ضاحيتي على الأقل، بعد أربعة أشهر من الإغلاق التام، لكنني تحسست بشكل يبعث على الأمل الحياة التي دبت ثانية في كل شيء، فالناس قبل المتاجر قادرة على الاستمرارية رغم كل المخاوف، أما المتاجر فهي لا تتحمل أكثر من الأشهر الكئيبة التي مرت. صحيح أيضا ليس كل شيء عاد كما كان، لكن العجلة دارت ولن تتوقف هذه المرة، ربما تدور ببطء أو تزيد سرعتها أو تبطئ ثانية، لكن الاقتصاد لا يحب الخمول، لذلك كانت كل تجارب الركود التي مر بها بمثابة تمرين على استعادة الحيوية. في اليوم الأول لإنهاء الحظر الإلزامي ركزت وسائل الإعلام البريطانية على احتفالية عطلة نهاية الأسبوع وأحصت ما يقارب 15 مليون قدح من الشراب تم احتساؤها في ليلة السبت الماضي، ولنا أن نتخيل بعدها عندما نضيف لها عددا مماثلا من أقداح القهوة، كم شغّلت تلك الأقداح من حانة ومصنع للجعة والقهوة وكم نادلا وعاملا صنع وساهم في ذلك. هذا الكلام يختص فقط بالمقاهي والحانات والمطاعم التي عادت إلى فتح أبوابها، ماذا عن المتاجر؟ لا تنسوا الحلاقين عندما تكدس المنتظرون أمام صالونات بقيت مغلقة لعدة أشهر. وعندما تفتح المكاتب بنفس طاقتها السابقة ستضاف دورة جديدة لتقوية عجلة الاقتصاد التي عادت للدوران. هذا يعني أن الانتعاش القوي المسجل في البيانات المستندة إلى الاستطلاعات، يوفر دليلا آخر على أن الانتعاش أسرع قليلا مما توقع المحللون الاقتصاديون الأكثر تشاؤما من أطباء كورونا. ما يهم أكثر بالنسبة للوظائف وبقاء الشركات على قيد الحياة هو مدى قيام الشركات بكسب ما يكفي من المال من أجل البقاء ودفع رواتب الموظفين. الأرقام أكثر حداثة من المؤشرات الاقتصادية الرسمية، حسب تعبير صحيفة فايننشيال تايمز، على الرغم من أنها تجريبية أيضا وهناك تغيرات في مدى دلالتها على الاتجاهات اللاحقة الموثقة في البيانات الرسمية. ونقلت الصحيفة عن مادافي بوكيل، نائب رئيس وكالة موديز للتصنيف الائتماني، قوله إن البيانات في الوقت الحقيقي “تحفز الآمال في انتعاش اقتصادي سريع (…) لكنها مفرطة في التفاؤل. من المرجح أن يكون التعافي أقرب إلى كونه كدحا طويلا ووعرا بدلا من كونه تعافيا سريعا”. صحيح أن جزءا كبيرا من الاقتصاد العالمي ما زال مقيدا ولا يزال السفر والتجارة الدولية في حالة ركود عميق. لذلك يعتقد الباحث الاقتصادي نيكولا نوبيل أن “نرى انتعاشا أوليا حادا في الاستهلاك يتبعه انتعاش أبطأ بكثير، في الوقت الذي تفضل فيه الأسر الاحتفاظ بمدخرات احترازية بسبب عدم اليقين ومخاطر الدخل”.
مشاركة :