بكين 12 يوليو 2020 (شينخوا) قال تشاي جيون المبعوث الصيني الخاص للشرق الأوسط إن الوباء محك يختبر الصديق الحقيقي والشريك الحميم في الشدائد، مشيرا إلى أن "التعاون الجيد والفعلي والدافئ دلل مرة أخرى على الصداقة المخلصة ذات الثقة المتبادلة والمستقبل المشترك بين الصين والدول العربية". وشارك تشاي رأيه مع أكثر من 40 خبيرا وعالما من الصين وثماني دول من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يوم السبت عبر دائرة الفيديو في ندوة افتراضية للتعاون بين الصين والشرق الأوسط في ظل مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، حيث تركزت الندوة على تعزيز التعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط بشكل عام، والدول العربية بشكل خاص، لمكافحة كوفيد-19، وآفاق هذا التعاون في مرحلة ما بعد الوباء. -- التحديات والفرص وذكر تشاي أن "الوباء ينطوي على تحديات وفرص في آن واحد"، مشيرا إلى أن كل دولة تواجه مهام شاقة لمكافحة الوباء وتثبيت دعائم الاقتصاد وضمان معيشة الشعب تزامنا مع ظهور تأثيرات الوباء العميقة تدريجيا. ولفت إلى ضرورة تعزيز التعاون بين الصين والدول العربية في الصحة والطب وكذلك في القطاعات الجديدة الناشئة التي برز دورها في ظل الوباء، مثل التجارة الالكترونية والتعليم عن بعد والتطبيب عن بعد وغيرها. ومن جانبه، قال شيه فو تشان رئيس الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إن التجارة بين الصين ومصر والإمارات والسعودية ولبنان وغيرها من الدول العربية حافظت على نمو ايجابي خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام رغم الصدمة الكبيرة الناجمة عن الوباء. وفي هذا السياق، أشار لوه لين الأستاذ بجامعة اللغات والثقافة ببكين، إلى أن التجارة بين الصين والدول العربية في الربع الأول حققت نموا بمقدار 2.63 بالمئة، لتصل إلى حوالي 61.34 مليار دولار أمريكي، ما يدل على أن التجارة توطد أسس الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية، بينما يتوقع أن ترتقي التجارة الصينية العربية إلى مستوى جديد من المنافع المتبادلة خلال مرحلة ما بعد الوباء. وأكد لي تشنغ ون سفير شؤون منتدى التعاون الصيني العربي، أن خطوات التعاون العملي بين الصين والدول العربية لم تقف أمام تحديات الوباء، بل شهدت نموا وتوسعا في المجالات التقليدية والقطاعات الجديدة الناشئة في ظل الوباء. وتابع لي أنه في ظل التقلب الكبير لأسعار النفط العالمية، زادت الصين حجم وارداتها من النفط الخام من السعودية إلى ما يقارب الضعف من 5.16 مليون طن إلى 9.16 مليون طن في شهر مايو وحده، بعد أن زادت وارداتها النفطية من الدول العربية بنسبة 10 بالمئة في العام الماضي. وأضاف أن الشركات الصينية تتعاون مع شركائها في الإمارات والسعودية لإقامة مختبرات الفحص السريع لفيروس كورونا الجديد، بينما تعزز إحدى الشركات الصينية للتجارة الالكترونية العابرة للحدود أعمالها في الدول العربية أثناء الوباء لخدمة المزيد من السكان المحليين. وقال وو سي كه، المبعوث الصيني الخاص الأسبق للشرق الأوسط، إن المشاريع التعاونية الكبيرة بين الصين والدول العربية قطعت شوطا كبيرا لمواجهة تحديات الوباء وتميل إلى إعادة الإنتاج وضمان التوظيف ومعيشة الشعب، ويتوقع أن توفر الخبرات التعاونية المكتسبة في المعركة ضد الوباء أفكارا وسبلا جديدة للتعاون الثنائي في مرحلة ما بعد الوباء، مضيفا أن قطاع الصحة سيجد أولية بينما تشهد قطاعات الابتكار العلمي والاقتصاد الرقمي والتجارة الالكترونية آفاقا مشرقة أيضا. -- التعددية والحوكمة العالمية وقال الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالسعودية، إن "المعركة ضد كوفيد-19 ستكون طويلة وصعبة". وأعرب عن أمله في مواصلة التعاون الصيني العربي في مكافحة الوباء ومواصلة الدعم السياسي المتبادل بين الصين والدول العربية، مشيرا إلى ضرورة العمل المشترك بين الجانبين للتمسك بالتعددية والحوكمة العالمية. وتابع الفيصل أن دعم الأمم المتحدة والقانون الدولي والمنظمات الدولية الأخرى بما في ذلك منظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة العالمية، يعد مجالا هاما للتعاون بين الصين والدول العربية، وهو جزء لا يتجزأ من مقاومة الجانبين الفعالة ضد الأحادية لضمان الإصغاء إلى جميع الأصوات وإعلاء قيمة التعاون الدولي. وقال تشاي جيون إن التعاون والتضامن يمثلان السلاح الأمضى أمام الجائحة التي تجتاح العالم، مؤكدا أهمية التمسك بنظام التعددية الذي تمثل الأمم المتحدة جوهره، ومعارضة تسييس ووصم الوباء ودعم منظمة الصحة العالمية في لعب دورها الرئيسي في معركة العالم ضد الوباء. وقال دينغ لونغ الأستاذ بجامعة الاقتصاد والتجارة الدولية في بكين، إن بعض الدول تستغل الفيروس كأداة سياسية لتشويه صورة الصين في العالم وتحقيق مصالح سياسية خاصة بها، ما يعد سلوكا أنانيا خاطئا وخطيرا، يضر بجهود دول العالم في مكافحة الوباء والتغلب عليه، مشيرا إلى ضرورة تعاون الصين والدول العربية جنبا إلى جنب لرفض هذه الأفكار الخبيثة وحماية التعاون الثنائي من تأثيرها. --الحزام والطريق والمستقبل المشترك وقال عصام شرف رئيس الوزراء المصري الأسبق "إن حضارتنا تواجه تهديدات صحية وعالمية أخرى"، مشيرا إلى أهمية وجود آلية تعاونية قادرة على مكافحة الجائحة الجارية فضلا عن مواجهة التهديدات العالمية الأخرى. وتابع شرف أن مبادرة "الحزام والطريق" قادرة على توفير هذه المنصة الدولية لتعزيز التعاون الدولي ودفع الجهود المشتركة لتطوير الاقتصاد، حيث أنها قد "تحولت من مبادرة صينية إلى مبادرة عالمية شاركت فيها أكثر من 160 دولة ومنظمة دولية". كما أضاف أن فكرة بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية قائمة أيضا في الحضارة العربية العريقة، و"لا بد ان نعمل مع بعضنا البعض وننسق أوجه تنوعنا لحفظ مستقبلنا". وذكر لي تشنغ ون أن الصين والدول العربية اتفقت في آخر اجتماع وزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي والذي عقد في مطلع يوليو الجاري، على مواصلة تنفيذ التعاون في إطار "الحزام والطريق" والعمل المشترك لبناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية، فضلا عن عقد القمة الصينية-العربية في السعودية في وقت مناسب، ما يجسد الاتجاهات الثنائية القوية لتعزيز العلاقات الصينية العربية. وأكد لي أن جهود بناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية ستضيف هواء نقيا في العالم الممتلئ بالتحديات، وتجلب قوة عادلة إلى منطقة الشرق الأوسط، وترشد نحو اتجاه عملي للعلاقات والتعاون بين الصين والدول العربية. أضاف أن هناك لحظات مؤثرة عديدة في التعاون الصيني العربي لمكافحة الوباء، جسدت العلاقات الودية والصداقة الشعبية بين الجانبين، ما يمثل نموذجا للتعاون العالمي في ظل المعركة ضد الوباء.
مشاركة :