جاء الربيعُ هذا العام ... والدُّنيا تُظلِلها غيامات "وباء كورونا" التى تُزهِق الأنفاس وتخطفُ الأرواح!!!... ورغم هجمة الموت تظلُّ الحياة بربيعها هى الأقوى – فلازالت الطيور تصدح بِأعذبِ الألحان كُلَّ شروق...وتتفتَّح الورود والأزهار كُلَّ صباح – فمع قدوم الربيع، تكْتسى الطبيعة بِرونَقِ الجمال...وقد ذَهَبَتْ برودة الشتاء و لياليها الطوال.•رُبَّما يتساءل البعض – هل يُمْكِننا الحديث عنِ الحُبِ فى زمن الوباء؟!!...وأُجيبَهُمْ – بِدورى مُتسائِلًا – وهل ينحَسِرْ الوباء بِغيرِ مشاعرالتراحُم والتوادْ...؟!!!؟ - إنما جاءت "كورونا" لِتهذيب البشر – و قد سادت البغضاءُ بينَهُم...فلا تجِد غيرَ العداوةَ والنِفاق!!!!!!...فعندما تتضاءل قيم الخير والجمال فى المُجتمعات – ولا ترى غيرَ القُبْحُ و الفساد...!!!عندها يأتي الوباء. •لقد حذَّرَنا الروائى الراحل "الدكتورأحمد خالد توفيق" – رَحِمَهُ الله – مِن الدخول في حالِة "العمى الجماعى" التى تُصيبُ كُلَ من يدخُلْ "سِرداب الظلام" فى روايتهِ الكابوس "فى ممر الفِئران" حيْثُ ينساق الجميع إليهِ فى ظِلْ شِيوع الجشعْ والجهلُ ؟!؟ – عندما تستأثِر فِئة دونَ غيرِها بِالنور لِتُمارِسْ القَهْر – وتترُكْ الآخرين يَتَخبَّطون فى عتَمَةِ السِرداب؟!؟...مُتناسيين أن اللهَ جَعَلَ النور للوجودِ... كالهواءِ للحياة...فعندما يكون النور لِلجميع يَسُودُ الحُبْ – بينما تُعشِّشُ الكراهية في الظلام!؟!...ألمْ تَكُنْ الفِئران هى نذير الشُؤمْ لطاعون "الموت الأسود" فى نوازِل الزمان؟!؟....•قبل تعليقِ الدارسة بِالجامِعات بِأيام – بسبب انتشار الوباء – كُنْتُ في طريقي إلي "الجامِعة العريقة" لِموعِد مع وكيل إحدى الكُليَّات للاتفاق على تنظيم ندوة عن كتابى الجديد "محنة العرب عبْرَ التاريخ" شاهدْتُ على المقاهى المواجِهة لِلجامعة – عددًا كبيرًا مِنَ الشباب و الفتيات يُدخِّنونَ الشيشة و يتبادلون الحديث و النِكات بِأسوأِ الألفاظ!!! تعجبتُ مِنَ المشهد – وقد وقفْتُ أتامل ما يحدُثْ وأنا غيرُ مُصَدِّق – أن هؤلاء من طُلاب الجامِعات!!! – ذكرّْتُ ذلك للسيد الوكيل فأجاب باقتضاب – هروبًا مِنَ الموقِف –"إن مسئوليتنا تَقِفْ عِندَ حدود أسوار الجامِعة من الداخِل!!!ولسنا مسئولين عن خارِجها" – فأين مسئولية المُجتَمع إذًا – لا سيَّما العائِلات – ثم نشكو من تفشى ظاهرة "التحرُّش بالفتيات" ولعلَ الحديث الدائِر الآن عن "المُتَحرِّش الشهير" ليسَ بِبَعيد...كنموذَج لِسوءِ التربية...و تدنِّي الأخلاق؟؟؟!!!.•رُبَّما يكون مِن أسباب ظهور "آفة التحرُّش" ما يَسودُ مُجتمَعِنا الراهن مِن مظاهِر للخَللْ – مِن بينها "عدم إقبال الشباب على الزواج"!؟!...فلِماذا يتغاضى المجتمع عن تِلكَ الظاهرة – دونَ مواجهةٍ لها – وقد تركناها تتفاقم إلي هذا الحد!!! ... فإين دور "الجامِعات و مراكِز الأبحاث" في ابتكار الأفكار و تقديم الحلول لِمثلِ هذه المُشكِلات؟؟!...المُجتمعات تتدهوَر عندما تُهمِل أبنائها وتهتم بِالأشياء!!!فيزداد السوء – مِثلَما نرى مِن تداعيات – لِنجِد أنفُسَنا في مواجهة ما هو أسوأ مِن عدم الزواج "نِزاعات طلاق – نُشوب عداوات"...تُهدَّد كيان الأُسرة بِالفِصام...والمُجتمع بِأشد الأخطار. •...أمَّا عن مُشكِلة فارِق العُمْر بينَ من يُقدِمونِ على الزواج – فالأهم هوالتوافُق و التراضى الذي هو الاساس لِأى عِلاقة جادة لِتكوين "أُسرة مِثالية" - ... يقول المُفَكِر الفلسطيني "الدكتور إسحق الحسيني" في كِتابِهِ اللطيف "مُذكرات دجاجة" الذى قدَّم له عميد الأدب العربى الدكتور "طه حُسين"، ووصفها بِأنها "دجاجة شاعِرة ورحيمة عاقلة" – الكِتاب على نمط الكُتُب التى تنطِقُ بِالحِكمة على لسان الطيور والحيوانات علي غِرار"كليلة و دِمْنة" – يقول الدكتور الحُسينى على لِسان دجاجته "...العُمْرُ ليس عامِلًا من عوامِل التفرِقة بينَ قلوبِ العاشقين – فقد يُحِبُ كبيرٌ صغيرة...وربَّما تُحِبُ كبيرةٌ صغيرًا – فالعاشِق لا يجعل العُمْرُ شرطًا لِعشْقِهِ..."؟!؟ نعم يحِقُّ للإنسان مادامَ حيًِّا...أن يتَزوَّج – "تِلْكَ هى قِسْمَةُ العدل"...التى قسمها الرحمَنُ لِلعِباد – بينما هُم يُسيئونَ الاختيار!!!.•...فإن كان هُناكَ صُنُوفًا مِنَ البشرِ يتَّبِعونَ الهوى...ويُدمِنونَ الأذى!؟!...كأنَّهُم أعوانٌ لِظُلمَةِ الموت!!!... فلِماذا لا يكونُ الحُبُ هو بشير النور لِلحياة؟!؟...علينا جميعًا مُراجعة أنفُسَنا لإصلاح مُجتمعاتِنا – وأن نتداركْ ما حذَّرَ منهُ الأديب الراحِل "الدكتور خالد توفيق" فى رواياته..."يوتوبيا" و "ممر الفِئران"...قبل فوات الأوان!!!."...أعيدوا الاعتبار"لِلمحبة والخير"...فى زمنِ الوباءْ...وفي كُلِ زمان!!!."
مشاركة :