إيهاب موسى يكتب: القديسة صوفيا من مصر وإلي مصر تعود

  • 7/14/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ولدت القديسة صوفيا في مدينة منف بمصر وكانت في بداية حياتها تعبد الأوثان فآمنت.  أمر الوالى أقلوديوس بقطع رأسها وأخذت امرأة قبطيه اخري كانت ترافقها جسدها بعد أن أعطت للجنود مالا كثيرا ولفته بلفائف ثمينة، ووضعته في منزلها، وكانت تظهر منه عجائب ومعجزات كثيرة. وكانوا يوم عيدها ينظرون نورا عظيما يشع من جسد القديسة صوفيا وتخرج منه روائح طيبة وتمت معجزات كثيرة من جسد القديسة.سمع الملك قسطنطين (306-337) وأمه الملكة هيلانة بالكثير من المعجزات التي تتم علي اسم القديسة وجسدها في مصر، أمر بنقل جسد صوفيا القبطية إلى مدينة القسطنطينية بعد أن بنى له كنيسة عظيمة ووضعوه فيها تكريما لها. في العام 360م، خليفته الإمبراطور قسطنطين الثاني (337-361م). تم الانتهاء من بناء كنيسة «آيا صوفيا»، وتعني باليونانية "الحكمة الإلهية"بدأ الإمبراطور جستنيان في اعادة بناء هذه الكنيسة عام 532م، واستغرق بناؤها حوالي خمس سنوات حيث تم افتتاحها رسميًا عام 537م.في ديسمبر عام 1452م دخل محمد الفاتح المدينة يوم ثلاثاء، وأمر بأن تجرى أعمال سريعة لتحويل «الكنيسة العُظمى» إلى مسجدٍ عظيم يُصلِّي فيه الجمعة المُقبلة، ولمَّا كان هذا الإجراء مستحيلًا في ظِل النقوش المسيحية التي ملأت الجدران فقد جرت عمليات حميمية لتغطيتها بالجبس ورسم زخارف هندسية ونقوش إسلامية فوقها، وفيما بعد سقطت طبقات الجبس وعادت المشاهد المسيحية للظهور مُجددًا.  كان هذا الإجراء السريع كافيًا ليُصلِّي محمد الثاني فيما أطلق عليه «آيا صوفيا جامعي»، وبعد ذلك جرت زيادات هندسية أضافت المآذن والمحاريب إلى البناء، كما ارتفعوا فيه بمنارتين حتى أكسبه سمتًا إسلاميًّا».كتب محمد الفاتح وثيقة ضخمة تأمر بتحويل الكنيسة إلى جامع، بلغ طول الوثيقة 71 مترًا، واحتوت الوثيقة على أدق التفاصيل فيما يتعلق بالمسجد والمدرسة والدكاكين والمرافق التي أوقفها للإنفاق على المسجد.ولمَّا كانت «آيا صوفيا» كغيرها من كنائس البيزنطيين نحو الشرق، كان على المسلمين أن يُغيِّروا في قِبلتهم قليلًا ناحية الجنوب ليضمنوا أنهم يوجهون وجوههم شطر مكة خلال الصلاة.في عهد محمد الفاتح أقيمت أول مئذنة بـ«آيا صوفيا جامعي»، ومن بعده بنى سليم الثاني المئذنة الثانية في الركن الشمالي الشرقي، أما ابنه مراد الثالث فهو الذي بنى المئذنتين الأخريين ليستقر الشكل النهائي للبناء من الخارج.كانت هذه الأراضي جزءًا من إمبراطورية مسيحية عُظمى كان البناء كنيستها الأم التي يحجُّ إليها الأرثوذكس من كافة أنحاء العالم طيلة 11 قرنًا، وبعدما دخل المسلمون تلك البقاع كان تحويل هذه الكنيسة إلى مسجد من أوائل قراراتهم لمدة 5 قرون، حتى أتى أتاتورك وأمر  بتحويله إلى متحفوهو القرار الذي حمل الرقم 1589، وأصدره مجلس الوزراء التركي في 24 نوفمبر 1934م، ووضع «آيا صوفيا» في خانة الحياد الديني من وقتها حتى بضعة أيام مضت، حينما أعلن الرئيس التركي  الراديكالي رجب طيب أردوغان، ذو الميول الإسلامية، أنه سيُحوِّل «آيا صوفيا» إلى مسجد مُجددًا.وفي العام 2013م جرى، بالفعل، تحويل كنيسين صغيرين كانا يحملان اسم «آيا صوفيا» إلى مسجدين، الأول في مدينة طرابون والثاني في مدينة نيقيا ذات الأهمية التاريخية المسيحية الكبيرة.إنها ليست أول مرة يُدلي فيها الرئيس الراديكالي أردوغان بمثل هذه التصريحات، فلقد اعتبر العام الماضي أن إعادة تحويل المتحف إلى مسجد هو أبلغ رد على قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل..وكان على أي زائر أجنبي ألا يُغادر القسطنطينية إلا بعد أن يزور «آيا صوفيا»، ويستمتع بمعمارها الفريد والكنوز النفيسة التي تحويهاإلا أن هذه المرة لاقت الإجراءات والتصريحات التركية ردود أفعال واسعة بسبب الطبيعة الاستثنائية التي تحكم هذا البناء و تحويل الرئيس الراديكالي اردوغان المتحف لمسجد مرة اخري بعد ان رفع حزبه عده قضايا و حصل علي حكم هذا الشهر يوليو وأمر باقامة الصلاة مره اخري فيه يوم اربعة و عشرين بعد تغطية الرسومات مرة اخري ..فهل يُمكنك تخيُّل مكانٍ يجمع بين رفات قديسة مسيحية مصرية شهيرة وسلطان عثماني قضى  وقتِه في محاربة المسيحيين؟.في القرن الحادي و العشرين أصبح العالم يفتخر الان بالانسانية و التعايش السلمي و ثقافة الاختلاف بمحبة و احترام بين مختلف الشعوب واصبح العالم كله قرية صغيرة و لغة التعاون و المساعدات بين الدول و التبادل التجاري و الثقافي و الفني و العلمي بين الكل هي السمة السائده و لكن للاسف لم ينس الرئيس الراديكالي رجب اردوغان دموية اسلافه فمنهم من قتل كل اخوته لينفرد بالعرش  و منهم من قام بقتل الملايين من الارمن بمذابح مازال العالم يدينها حتي الان .وهكذا اطاح اردوغان بكل شركائه حتي في الحكم و ليس فقط المعارضين و وضع في السجون اكثر من ربع مليون مواطن تركي في اتهامات بانقلاب و حتي قادة جيشه و انقلب علي وزرائه و انفرد بالسلطة و بعقد الصفقات علي حساب الوطن و هاجم جيرانه كلهم اليونان و قبرص والعراق و سوريا و حتي مصر و رعي المرتزقة و عالج الدواعش و اشرف عليهم وأمدهم بالسلاح و التدريب و احتل بهم العراق و سوريا و عندما انتهي دخل بقواته و تمركز في اراض و ارسل قواته الي قطر و ليبيا و الصومال و قبرص .. فهل نطلب من رئيس راديكالي ان يرعي اليونسكو و الثراث العالمي و هل سيفهم ؟؟ لا اظن ان تلك الامور في حساباته فهو فقط لا يعرف الا لغة المال و السلطة و يتاجر في سبيل ذلك بالدين و يسخر كل الجماعات المتطرفة لتحقيق مطامعه سواء الاخوان المسلمين او داعش او المرتزقة السوريين من جبهة النصره او القاعدة او التركمان السوريين ... يلعب بكل الاوراق حتي لو علي حساب الاخلاق و الدين.فتحويل ايا صوفيا في هذا التوقيت و ربط تصريحاته ذلك بقرار ترامب بالاعتراف بالقدس يثبت انه متواطئ يحاول بهذا الربط ان يقدم سابقة ورد فعل المجتمع عليها لاسرائيل قبل ان تقدم علي شيء فاضح بالنسبة للمسجد الاقصي او كنيسة القيامه هناك .الازهر ادان بشدة هذا السلوك المشين لانه يعطي صورة سيئة عن الاسلام الذي امر بعدم المساس بكنائس او صوامع  المسيحيين و هذه الصورة المتسامحه و العادلة هي التي جعلت الكثيرين يقدرون بل ويؤمنون بالاسلام علي مر العصور و هذا المعتوه يريد ان يدمرها في لحظة لحسابات سياسية او مصالح شخصية او للتغطية علي اطماعه في ليبيا .العالم كله بمثقفيه و مؤرخيه و مسلميه و مسيحييه يدين ما يفعله الرئيس الراديكالي اردوغان و لهذ ا أقترح ان نبني كنيسة او متحفا بنفس التصميمات و نستعيد جسد القديسة المصرية و ندشن حملة عالمية تحت اشراف اليونسكو للاشراف علي بنائها و يقدم علي زيارتها كل الاحرار وكل من يقدر الانسانية ليكون ردا قاسيا علي هذا الشخص الراديكالي ليعلم ان انسانية العالم قد تجاوزت هذا السلوك المقيت و الزعامة الفارغة والمتاجرة بالدين و مشاعر البسطاء ...أثق في ان  الرئيس السيسي سيتدخل و سيجعل اتمام بنائها في سنتين بدلا من خمس وأثق ان كل العالم سيجمع التبراعات لبنائها في شهرين علي اقصي تقدير  و الشعب المصري كله سيكون اول المتبرعين بكل طوائفه .أقترح ان يكون مكانها هو الاسكندرية او مقر ميلاد القديسة في منف سقارة حاليا .. مصر و الازهر و الكنيسة و الدولة و الشعب كله من طينة متسامحة حضارية عادلة و كريمة  مختلفة تماما عن من يقتل اخوته و من يقيم المذابح و من يعتقل شعبه و من يطمع في كل دول الجوار ويغزو الاخرين و يعمل كسمسار مرتزقة. ستكون آيا صوفيا الجديده بمثابة هدية مصر للعالم ليتعلم ان الاخاء و التسامح و العدل هي مصر التي يستحق شعبها الزيارة اكثر من المبني نفسه.

مشاركة :