نفى الرئيس التونسي قيس سعيد اليوم (الإثنين)، وجود مشاورات مع الأحزاب بشأن تغيير الحكومة الحالية برئاسة إلياس الفخفاخ، وذلك في رد قوي على حركة النهضة الإسلامية برئاسة راشد الغنوشي التي صعدت اليوم من خطابها المناهض للحكومة. وأكد خلال اجتماعه اليوم مع رئيس الحكومة، الياس الفخفاخ، وأمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، أنه لم تجر أي مشاورات مع الأحزاب بخصوص تغيير الحكومة، واصفا ما تم تداوله بهذا الشأن بالمغالطات والافتراء. وقال في هذا الإطار "هناك جهات تريد مغالطة الرأي العام، والحديث عن وجود مشاورات بين رئيس الدولة وعدد من الأحزاب، هذا من قبيل الافتراء.. لم تحصل مشاورات مع أي كان طالما أن رئيس الحكومة كامل الصلاحيات". ورأى مراقبون أن هذا الموقف يُعد ردا واضحا على ما ذهبت إليه حركة النهضة الإسلامية، التي أكدت اليوم أنها كلفت رئيسها راشد الغنوشي بإجراء مفاوضات بحثا عن تشكيلة حكومية جديدة. وقال عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى حركة النهضة خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم للإعلان عن نتائج اجتماعات الدورة الـ 41 لمجلس الشورى، التي انتهت في ساعة متأخرة من مساء أمس(الأحد) ، إن رئيس الحكومة، الياس الفخفاخ "أصبحت وضعيته صعبة". وتابع قائلا إن حركة النهضة "دعت سابقا إلى توسيع الحزام السياسي للحكومة الحالية، لأن وضع البلاد كان يقتضي ذلك، لكن رئيس الحكومة رفض ذلك"، لافتا في المقابل إلى أن "غياب التضامن داخل الائتلاف الحكومي أضعف وضعية الحكومة داخل البرلمان". وشدد على أن حركة النهضة "اقتنعت بناء على معطيات توفرت لها، بأن البلاد تحتاج إلى وضع حكومي بديل...،لذلك قرر مجلس الشورى تكليف رئيس الحركة راشد الغنوشي بإجراء مفاوضات بحثا عن تشكيلة حكومية جديدة". وأوضح في هذا السياق قائلا ""نحن نبحث على مشهد حكومي بديل"، داعيا في المقابل كافة "الأطراف السياسية إلى تحمل مسؤوليتها تجاه البلاد". وبهذا الموقف، تكون حركة النهضة الإسلامية (54 مقعدا برلمانيا)، قد حسمت موقفها تجاه الحكومة الحالية التي تعالت الأصوات خلال الأيام القليلة الماضية للمطالبة برحيلها بسبب "شبهة تضارب المصالح" التي تُلاحق رئيسها إلياس الفخفاخ. ومع ذلك أثار هذا الموقف ردود فعل مُتباينة، حيث وصف هشام العجبوني، القيادي في حزب التيار الديمقراطي الذي يُشارك في الحكومة الحالية بوزيرين، قرار مجلس شورى حركة النهضة بأنه " غريب، وانقلاب على الدستور"، لافتا في تصريحات إذاعية إلى أن حركة النهضة " لم تستثمر يوما في نجاح الحكومة". ومن جهته، اعتبر الصادق جبنون، الناطق الرسمي باسم حزب قلب تونس،أن الحكومة الحالية برئاسة الياس الفخفاخ "تحمل منذ تكوينها أسباب سقوطها "، مشيرا في نفس الوقت إلى أن حزبه لم يُفاجأ بقرار مجلس شورى النهضة. أما زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب التي تُشارك في الحكومة الحالية بوزيرين، فقد أكد في تصريحات إذاعية أن قرار مجلس شورى حركة النهضة "هو محاولة من النهضة لإبراز أنها الحزب الذي مازال يمسك بخيوط المشهد السياسي". وتعكس ردود الفعل هذه تفاقم الخلافات بين مكونات الائتلاف الحاكم في تونس، وبين حركة النهضة ورئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، وكذلك أيضا بين الرئيس قيس سعيد، وحركة النهضة، ما يعني أن المشهد السياسي العام في البلاد دخل في أزمة حقيقية ستكون لها تداعيات مباشرة على رئيس الحكومة الحالية إلياس الفخفاخ. وتم تكليف الفخفاخ بتشكيل الحكومة التونسية، بعد فشل الحبيب الجملي الذي اقترحته حركة النهضة الإسلامية، في انتزاع ثقة البرلمان لتشكيلة حكومته، حيث أعلن تشكيلة حكومته في العشرين من فبراير الماضي بعد نحو شهر من المفاوضات والمشاورات الشاقة مع مختلف الأحزاب السياسية، تخللتها خلافات حول الحقائب الوزارية. وحازت تشكيلة الحكومة الجديدة برئاسة الفخفاخ على ثقة البرلمان في 27 فبراير الماضي بأغلبية 129 صوتا. وتضم الحكومة 29 وزيرا، حصلت حركة النهضة الإسلامية فيها على 7 حقائب وزارية، وحزب التيار الديمقراطي على 3 وزارات، بينما حصل حزب تحيا تونس وحركة الشعب على حقيبتين وزاريتين لكل واحد منهما، وحقيبة واحدة لكل من حزب البديل وحزب نداء تونس، فيما آلت بقية الوزارات إلى شخصيات مستقلة.
مشاركة :