النقد يضيف للنص الأدبي ولا يتعالى عليه

  • 7/14/2020
  • 22:10
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

نفى الناقد والأكاديمي د. معجب العدواني أن يكون النقد الأكاديمي متعاليا على النص الأدبي، أو أن هوية النص تضيع أمام رؤية الناقد، مؤكدا أن النقد قدم إضافات كبيرة للأدب السعودي من خلال تعدد الدراسات والرسائل الجامعية التي قدمت في حقول الأجناس الأدبية كالشعر والرواية والقصة القصيرة والسيرة الذاتية، وأن أعمال النقاد تتميز بمواكبة المنجز الإبداعي والتفاعل معه، ما ينفي تهمة الاستعلاء عن النقد، وأضاف إنه لن تضيع هوية النصوص الثمينة إذا قدر لها أن تكون مجالا للنقد.تحاول طرح رؤية نقدية ليس بمفهومها المتعارف عليه، لكنك لا تغادر روحك الأكاديمية.. هل للمزاجية دور في ذلك؟- من المهم أن يكون للروح الأكاديمية دورها في الكتابة النقدية، وأعتقد أنه لا مناص من تأثيرها الشامل في معظم ما أقدمه ويقدمه غيري نقديا، ولا أسعى إلى مغادرة ذلك أو نبذه؛ لأني أفدت من البعد العلمي الذي تستند عليه البحوث الجامعية؛ حيث تحيط بي الحياة الأكاديمية من بحوث ومحاضرات ومؤتمرات من كل جانب، ولن أستطيع اجتيازها ببساطة، لكن المزاجية ليست مؤثرة فيها، ولا دور لها في ذلك، ومع هذا لا أستبعد أن تكون هناك بعض الاستثناءات المحدودة.هوية النصالنقد الأكاديمي متهم بالاستعلاء على النص وسحبه إلى المنطقة النقدية الأكاديمية، وبالتالي ضياع هوية النص أمام رؤية الناقد، ما رأيك؟- مع أن من يتهم النقد غير قليل، فإني أرى أن ذلك يمثل حالة إنسانية؛ تجعل من الصعب علينا إصدار رؤى عامة، ومن ثم قد يمتنع علينا قبول تلك الأحكام أو الاستناد إليها، ومن الملحوظ أننا لا نجد هذا الاتهام في دول مجاورة أخرى، وما يمكن الاستناد إليه أن النقد الجامعي قدم إضافات كبيرة للأدب السعودي، إذ نلحظ تعدد الدراسات والرسائل الجامعية وتنوعها، التي قدمت في حقول الأجناس الأدبية كالشعر والرواية والقصة القصيرة والسيرة الذاتية، إلى جانب ما يكتبه زملاء آخرون بصورة علمية، وهم لا ينتمون إلى الحقل الجامعي، وهي أعمال مواكبة لذلك المنجز، فالفضاء واسع جدا، ويفوق ما قد يكتب في تغريدة أو مقالة صحفية دقة وإحكاما، فتفاعل البحث الجامعي مع النصوص الأدبية في صيغة ما ينفي تهمة الاستعلاء عنه، ولن تضيع هوية النصوص الثمينة إذا قدر لها أن تكون مجالا له.استقبال الثقافاتلماذا أصبح هم المثقف أن يستقبل الثقافات دون أن تكون لديه عملية إرسال تبادلية؟- ينبغي أن نفرق بدقة بين الاستقبال والتفاعل؛ استقبال الثقافات أمر حتمي لا مناص منه شئنا أم أبينا، لكن ذلك لا يعني سلبية عامة، ولا يعد حالة إيجابية كذلك، فالإنسان مخلوق يتفاعل مع مَنْ حوله، المهم هو كيفية التفاعل التي تراوح بين الاستسلام والمشاركة، بين السكون والإسهام، ولنا في غيرنا من الأمم وفي المراحل التاريخية، التي عشناها مثالا مناسبا، ما يمكن عمله يظل تمثيلا لذات حضارية بالصورة التي تمكن من الإفادة من تجارب الأمم الأخرى.دائرة النخبويةهل تمكن المثقف السعودي من الخروج من دائرة النخبوية الوهمية، التي أحاط نفسه بها منذ عشرات السنين حتى أفقدته الكثير من شعبيته وغيبت تأثيره الاجتماعي؟- المثقف الحق لا يكون باحثا عن الشعبية، وإن مال إلى هذا النمط فلن تتحقق غاياته التي يهدف من خلالها إلى كسر المألوف، الذي قد يصادم ما يعتاده الناس ويألفونه، وهناك معادلة أخرى تقوض المبدأ السابق، وتستند إلى دور المثقف وطريقة حضوره، وتقتضي منه أن يهدف إلى الاقتراب من الجماهير؛ كي يقدم خلاصة تجربته الإنسانية بصورة تمكنه من التعايش والتواصل، وهو ما يتفق مع سؤالك الذي وصفت فيه الاتجاه الأول بالوهمية، وفي حقل الثقافة يميل أغلب مَنْ يطلق عليهم المثقفين، وحتى أشباههم وأشباه أشباههم، إلى ترسيخ حضورهم، وتعينهم على ذلك وسائل التواصل الاجتماعي؛ قد يجهد بعضهم نفسه من أجل كتابة جملة أو اثنتين، ثم ينتظر مَنْ يطلع عليها ومَنْ يعجب بها أو يعيد ترديدها، فيذهب وقته سدى معتقدا أنه قد أنجز عملا خارقا، مع التقدير لمَنْ يحرص على ممارسة الفعل الثقافي المنشود بدأب وهمة، البقاء للأجود، ذلك الذي يتمكن من أداء مهمته بصورة جيدة، ومن ثم تقييم تجربته في ذلك، أما الحكواتية الذين يعجزون عن إنتاج مقالةرصينة، أو كتابة جملة صحيحة فمصير منتجهم الفناء.ملتقى النصلماذا غبت عن ملتقى النص؟- ملتقى النص أحد فعاليات النقد المهمة في المملكة، وغبت عنه لندرة الوقت.الدوائر السائدةلماذا أصبح الكاتب يفتقد الخروج على السائد المستقر إبداعيا، ولا يقدم للقارئ فهما مغايرا لهذا السائد؟- الخروج من الدوائر السائدة إبداعيا من أبجديات الكتابة، فإذا كانت الأمور لا تحتاج إلى تحديث، وليست مفتقرة إلى تطوير أبنية، فإن الكتابة الإبداعية التي ترمي إلى خلق جديد تصبح غائبة، وكتابة النص خروج عن السائد، والابتعاد عن قوانين الأجناس الأدبية خروج كذلك، وإذا افتقد الكاتب هذين الملمحين أضحت كتابته خالية من ملمح التطوير؛ ولذلك فلا غرابة أن نلمح -على سبيل المثال- روائيا معاصرا يكتب رواية قديمة، أو شاعرا شابا ينتج قصيدة عتيقة؛ لكن ذلك قد يمثل مرحلة تأسيسية ينبغي اجتيازها، فهما بحاجة إلى مزيد من العمل من أجل القدرة على اجتياز القوانين، وخلق المبتكر، وإن لم يحدث هذا الأمر فإن جيلا قادما غيرنا سيقوم بذلك.

مشاركة :