الشارقة : عثمان حسن يوهانس فيرمر (1632 - ديسمبر 1675)، هو رسَّام هولندي، من القرن السابع عشر، يعد أعظم الرسامين في العصر الذهبي الهولندي «عصر الباروك»، ولد في بلدة دلفت، تخصص في المشاهد المحلية لحياة الطبقة المتوسطة. في سيرته القليل من اللوحات، حيث ينسب إليه نحو 34 لوحة فقط، لعل أشهرها لوحة «الفتاة ذات القرط اللؤلؤي» وأنجزها في عام 1665.استخدم في معظم لوحاته أصباغاً باهظة الثمن، واشتهر بكونه أحد فناني الضوء المعروفين، وتعددت أسفاره في أوروبا بين إيطاليا وفرنسا وفنلندا، تأثر بفناني تلك الفترة مثل كارافاجيو وهونتهورست، ورمبرانت الذي كان له التأثير الأكبر والأبرز في لوحاته.«الفتاة ذات القرط اللؤلؤي» هي لوحة زيتية بأبعاد 44.5 سم وعرضه 39 سم، موجودة اليوم في متحف معرض موريتشويس في لاهاي، هولندا، شبهت ب «موناليزا هولندا»، وتعرض لفتاة شابة ذات نظرات غامضة وحائرة مع ربطة زرقاء وصفراء حول شعرها، وقرط من اللؤلؤ في أذنها، وتعبر هذه اللوحة مع لوحة أخرى باسم «ذات القبعة الحمراء»، من أبرز إنجازات فيرمر النابض بالحياة، والتي تحدت قدرته كفنان مبدع على مر الزمن.كشفت الدراسات العلمية التي أجريت على اللوحة، عن وجود شكوك حول ماهية القرط، تؤكد أن فيرمر استخدم ببراعة قصديراً مصقولاً، بدلاً من اللؤلؤ، ما أضفى على اللوحة سحراً وإشراقاً مبهراً.وأظهرت فحوص جديدة قام بها المتحف الهولندي في عام 1994 عن وجود تفاصيل صغيرة لا ترى بالعين المجردة على عيني الشابة، وأيضاً وجود ستار أخضر في الخلفية الفارغة للوحة يشبه النسيج المطوي، الذي محيت آثاره بسبب تقادم الزمن، وما هو مهم إجماع معظم هذه الفحوص على براعة فيرمر واستخدامه لتقنية بارعة من الأصباغ في أكثر من طبقة من طبقات سطح اللون، ومع ذلك فقد ظل الغموض يكتنف اللوحة ولم يعثر على هوية صاحبتها ومدى علاقتها بفيرمر. متاحف عرضت اللوحة في متاحف عالمية كثيرة بينها: اليابان في المتحف الوطني للفن الغربي في طوكيو، وبين 2013-2014 عرضت في الولايات المتحدة في متحف الفن العالي في أطلانطا، وفي متحف الشباب في سان فرانسيسكو، وفي نيويورك وفي بولونيا، إيطاليا.واستوحت الكاتبة ترايسي شيفالير اللوحة برواية تاريخية عنونتها باسم «الفتاة ذات القرط اللؤلؤي في عام 1999، وأسمتها «البتول الزرقاء» وتعرض الرواية لملابسات اللوحة من حيث نموذج الشخصية الحقيقية للمرأة المرسومة، وأيضاً من حيث التعبير الغامض لوجه الفتاة الذي يوحي باحتمالات عديدة حول صلة فيرمر وصاحبة الصورة، خاصة في ظل انعدام أي مرجع تاريخي يذكر اسم صاحبة الصورة.كما تم تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي أنتج في عام 2003، من إخراج البريطاني بيتر ويبر، كما حولت إلى عرض مسرحي في عام 2008 بذات الاسم. المراحل المبكرة ركزت الرسومات المبكرة في أعمال فيرمر على تصوير مشاهد الحب، وكان في هذه الفترة ميالاً لاستخدام لونين فقط هما: الأحمر والأخضر، وما أن غادر هذه المرحلة، حتى بدأت أعماله تتخذ منحى جاداً، يبرز حرفته كرسام يعتني بالتفاصيل على غرار رسامي عصره، وكانت ملامح هذه المرحلة تتميز بموضوعاتها الإنسانية، ومن حيث الشكل، فقد اعتنى فيرمر أكثر في تحديد الأشكال والفراغات، وكان للون عنده فلسفة خاصة تعنى بالقيم الضوئية، وحرصه على إبراز الظلال والألوان ومن أبرز لوحات هذه الفترة: «الفتاة الجالسة إلى البيانو»، وفي هذه الفترة كان فيرمر يستخدم الأزرق الشفاف والأصفر المشرق، كما اهتم بإبراز الإضاءة خاصة في منتصف الظهيرة، وهو الذي انتبه إليه النقاد بوصفه -أي فيرمر- من أشد الفنانين اهتماماً بمساقط الضوء، ما أكسب لوحاته مظهراً بلورياً أضفى عليها مسحة من الخشوع والسكينة.يصف الأديب الفرنسي غوستاف فلوبير أعمال فيرمر بقوله:«يخيل إليّ أن ذروة الفن لا تبلغ مداها بإثارة الضحك أو البكاء أو تفجير الغضب والانفعال، وإنما بأن تؤدي ما تؤديه الطبيعة ذاتها، ألا وهو استثارة الأحلام أو استحضارها».
مشاركة :