اتفق اقتصاديون على أن تقلص التدفقات النقدية خلال الأزمات، يمثل التحدي الأكبر للشركات العاملة بالسوق، في مختلف القطاعات، خاصة الصغيرة والمتوسطة منها، مؤكدين أن برامج الدعم المختلفة التي قدمتها حكومة المملكة للقطاع الاقتصادي خلال أزمة جائحة كورونا، أسهمت بشكل كبير في تجاوز معظم الشركات لتداعيات الأزمة، بل وحققت بعض القطاعات استفادة منها.جاء ذلك خلال جلسة افتراضية نظمتها السوق المالية السعودية «تداول» لمناقشة التحديات المالية التي تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة قبل وأثناء جائحة «كورونا» وأبرز متطلبات وشروط الإدراج في السوق الموازية «نمو»، بالتعاون مع «منشآت» وغرفة الشرقية.دعم تداولفكشف المدير التنفيذي وعضو مجلس إدارة السوق المالية «تداول» المهندس خالد الحصان عن حصول مجموعة شركات سعودية كبيرة ومتوسطة وصغيرة على دعم السوق المالية المتمثل بالتمويل اللازم، بهدف تمكينها والتصدي للتحديات المالية التي تواجهها، مؤكدًا أن «تداول» لعبت دورًا بارزًا في دعم تلك الشركات من خلال إنشاء منصة سوق «نمو» التي تهدف بشكل رئيسي وبالتعاون مع شركائها بالمنظومة التي تضم كلًا من وزارة التجارة و«منشآت» لتذليل الصعاب أمام الشركات لإدراجها بشكل عام في سوق المال عن طريق محفزات حكومية للشركات المدرجة، مثل إيجاد وزن إضافي للشركات المدرجة في السوق بعمليات المشتريات الحكومية حيث صدرت الموافقات اللازمة باللائحة التنظيمية لنظام المشتريات.سقف القروضوأضاف الحصان، إنه تم رفع سقف القروض للصناديق الحكومية كصندوق التنمية الزراعية والصندوق الصناعي بهدف دعم الشركات المدرجة، وكذلك تذليل الصعاب أيضًا بهيئة الزكاة من خلال إنشاء مركز مختص لمساعدة هذه الشركات، إلى جانب تعاون تم مؤخرًا بين «تداول» و«منشآت» بالتوقيع مع ثلاث شركات لتحمل التكاليف الخاصة لدعم هذه الشركات بالمستشار المالي لطرح الشركات في سوق «نمو» من خلال برنامج «إيليت».عمود فقريوقال المدير التنفيذي بـ «تداول» إن الشركات الصغيرة والمتوسطة تعتبر العمود الفقري لكثير من اقتصادات العالم وبينها المملكة؛ إذ أصبحت تشكل جزءًا كبيرًا منه بحكم عددها وتنوع قطاعاتها، مستطردًا: ولهذا شكلت السوق المالية ركيزة أساسية وقطاعًا مساندًا لنمو ودعم واستدامة كافة أنواع الشركات الصغيرة والمتوسطة وأيضًا الكبيرة.وأشار الحصان إلى أن الأزمات تضغط وتؤثر على الشركات خاصة تلك التي في طور النمو مثل الشركات الناشئة والصغيرة، مضيفا: لكن أزمة «كورونا» حققت النفع لبعض المؤسسات وجعلتها تحقق فرصة جيدة للنمو مثل الشركات المتخصصة في التقنية والخدمات عبر الإنترنت والأغذية، وحصولها على التمويل لتحقيق نمو أسرع بكثير من الشركات الأخرى، حيث نمت في قيمتها السوقية بصور لا أحد كان يتوقعها.أبرز التحدياتمن جانبه أوضح نائب المحافظ للتمويل في الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة «منشآت» محمد المالكي، أن التدفقات النقدية أحد أبرز التحديات التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب تحديات ظهرت مع جائحة «كورونا» مثل تغيّر سلوك المستهلك من ناحية الاعتماد بشكل كامل على الشراء من التطبيقات وخدمات المواقع الإلكترونية بدلًا من التعامل مع المتاجر بشكل مباشر، حيث أصبحت المنافسة على الخدمة والمنتج وليس قرب المكان كما هو معتاد سابقًا، وهذه كلها عوامل شكلت ضغطًا على عامل التدفقات النقدية، ورفعت حاجة الشركات إلى مواصلة دفع المبالغ المستحقة كالمصروفات التشغيلية التي تتضمن رواتب الموظفين والإيجارات وقيمة الفواتير.وأشار إلى أن الدولة قدمت العديد من المبادرات المتنوعة بلغت قيمتها 180 مليار ريال، وشملت مبادرات مالية كالإقراض بتمويل بلغ 50 مليارًا وإعفاءات وتأجيل تسديد رسوم ومستحقات الدولة على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى تقديم حلول تمويلية تجاوزت قيمتها الـ 13 مليارًا و200 مليون ريال والتكفل برسوم ضمانات برنامج «كفالة»، مع تحمل رسوم نقاط البيع عن كل من الشركات الصغيرة والكبيرة في القطاع الخاص ومبادرات حكومية أخرى.الإدراج والتحفيزوأكد المالكي أنه فيما يتعلق بالإدراج وتحفيز المنشآت الصغيرة والمتوسطة على الإدراج قامت «منشآت» بإطلاق برنامج «طموح» الذي يستهدف المنشآت التي تنمو بشكل سريع في السوق ومؤهلة للإدراج في الأسواق المالية، حيث يعمل على تقديم برامج تدريبية وتثقيفية لملاك هذه المنشآت على أساس التعرف على تطبيقات الحوكمة ومتطلبات الإدراج والمسؤوليات التي يجب تقديمها في هذا المجال، حيث تخرجت من هذا البرنامج 50 منشأة تبلغ إيراداتها 2 مليار و200 مليون ريال، مؤكدًا أن التمكين هو أحد الأدوار التي تلعبها «منشآت» من تقديم الاستشارات وتنمية القدرات وتقديم الدعم للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.قلة التدفقاتوقال رئيس مجلس الإدارة في غرفة الشرقية عبدالحكيم الخالدي إن التحديات كبيرة جدًا ليست على مستوى الشركات الصغيرة والمتوسطة وإنما على كافة قطاع الأعمال، سواء في المملكة أو العالم، وما زلنا في خضم جائحة كورونا التي لا نستطيع إحصاء آثارها إلا بعد فترة من الزمن وعودة حركة كل من التصدير والاستيراد بين الدول، موضحًا أن أكبر تحد واجهته الشركات التي تعتبر قدرة تحملها متدنية جدًا هو قلة التدفقات المالية جراء إيقاف الأعمال الذي تم في كثير من دول العالم بما فيها المملكة وحركة التصدير والاستيراد، ما أثر سلبًا على كثير من القطاعات بالذات على المنشآت التي ليست لديها قدرة على تحمل المتغيرات في الاقتصاد في ظل عدم وجود التمويل الملائم.وأضاف: ولكن الحكومة السعودية اتخذت عددًا من حزم الدعم التي قدمتها لقطاع الأعمال لحماية وتقليل أثر الجائحة على الشركات والمحافظة على الاقتصاد الوطني، مشيرًا إلى أن نظام حاضنات الأعمال سيرى النور قريبًا.
مشاركة :