حذرت الأمم المتحدة من أنه إذا لم يتخذ إجراء للتعامل مع ناقلة النفط المتهالكة «صافر»، الراسية منذ خمس سنوات قبالة مرفأ رأس عيسى في الحديدة، فإنه قد يتسرب منها نفط يزيد أربع مرات عما تسرب من الناقلة «إكسون فالديز»، وتسبب في كارثة بيئية قبالة ألاسكا عام 1989 لا يزال العالم يتحدث عنها بعد حوالي 30 عاماً. وقال منسق الإغاثة بالأمم المتحدة مارك لوكوك في اجتماع لمجلس الأمن لبحث المسألة: إنه في يوم 27 مايو بدأت المياه تتسرب إلى غرفة المحركات بالناقلة التي تحمل 1.1 مليون برميل من النفط الخام، مما ينذر باحتمال حدوث تلفيات ضخمة. ورغم تمكن غواصين من شركة «صافر» من إيقاف التسرب، إلا أن لوكوك حذر من أنه من المستحيل تحديد الفترة الزمنية التي يمكن أن تصمد فيها الناقلة. وعبّر مجلس الأمن عن الانزعاج البالغ إزاء الخطر المتنامي المتمثل في احتمال تصدع ناقلة النفط أو انفجارها، مما سيترتب عليه كارثة بيئية واقتصادية وإنسانية لليمن وجيرانه، وناشد «الحوثيين» تسهيل وصول الأمم المتحدة غير المشروط إلى الناقلة بأسرع ما يمكن. ولكن لم يتم تحديد أي موعد لعملية تفقّد السفينة المفترض أن يقوم بها فريق خبراء دوليين، تمهيداً لإفراغها من حمولتها التي يقدّر ثمنها بحوالى 40 مليون دولار. وأكد لوكوك، حول إعلان «الحوثيين» الأسبوع الماضي أنهم سيوافقون على السماح لمهمة الأمم المتحدة إجراء تقييم فني، والقيام بالإصلاحات المبدئية، أنه كان تلقى تأكيدات مماثلة في أغسطس 2019 ثم ألغى الحوثيون المهمة قبل يوم واحد من موعد المغادرة. وأضاف أن فريق الأمم المتحدة يمكن أن ينتشر بالموقع في غضون ثلاثة أسابيع من تلقي كل التصاريح اللازمة، وتابع قائلاً: إن الخبراء يقولون في النهاية إن استخراج النفط هو على الأرجح السبيل الوحيد لإزالة خطر حدوث تسرب من الناقلة التي يبلغ عمرها 44 عاماً. وأضاف: الخطر الذي تمثله صافر ليس مجرد خطر بيئي، رغم أن الخطر البيئي سيكون مروّعاً، ولكنها تمثل أيضاً خطراً مباشراً وقوياً على سلامة وربما على حياة ملايين اليمنيين. وشدّدت البعثة البريطانية لدى الأمم المتّحدة على أنّ هناك حاجة ملحّة لإيجاد حلّ دائم لمشكلة صافر. كما دعا وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، على حسابه في تويتر، الحوثيين إلى الوفاء بالتزاماتهم وتسهيل فحص الأمم المتحدة لخزان النفط في صافر. وقالت رئيسة برنامج الأمم المتّحدة للبيئة إنغر أندرسون: إنّ الناقلة حالتها تتدهور يوماً بعد يوم، مما يزيد من احتمال حدوث تسرّب نفطي. وأضافت: إذا حدث تسرب، وهو ما قد يؤدي إلى تسرب نفطي في مياه البحر الأحمر يعادل أربعة أمثال تسرب «إكسون فالديز» في ألاسكا في عام 1989، ستتضرر النظم البيئية ومصايد الأسماك لفترة طويلة في المستقبل. وأضافت: الأشخاص الذين يعيشون في فقر بالفعل جراء الصراع سيعانون من آثار صحية واقتصادية إضافية. ودعت الحكومة اليمنية إلى المضي في مسار دعم الاقتراح الأخير المستقل حول صافر، المقدم من مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، الشهر الماضي والذي قال: إن الحكومة وافقت عليه شرط أن لا يكون مرتبطاً بأية قضايا أخرى تناقش حالياً. وذكرت أن اقتراح غريفيث يتكون من ثلاث مراحل، الأولى التقييم والإصلاحات الضرورية، والثانية الصيانة الأساسية لتسهيل استخراج النفط، والثالثة التخلص من الناقلة، وأن تستخدم الإيرادات المحتملة من بيع النفط كإسهامات في دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في اليمن تحت إشراف الأمم المتحدة، وقال: إن الحكومة وافقت على المقترح ورفضته الميليشيات. وطالبت المملكة العربية السعودية مجلس الأمن الدولي بأن يبقى يقظاً، وأن يكون مستعداً لإعلان تدابير قوية وحاسمة للتعامل مع ناقلة النفط صافر، والقضاء على الخطر الذي تشكله. وأشار مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله يحيى المعلمي إلى أن ناقلة النفط والمخاطر الجسيمة المرتبطة بها تهدد بإلحاق ضرر بالغ بجنوب البحر الأحمر والعالم بأسره، فهي تقع بالقرب من باب المندب الذي يعد ممراً حيوياً للملاحة البحرية الدولية بين آسيا وأوروبا، داعياً لعدم ترك هذا الوضع الخطير دون معالجة، بحيث يتحمل مجلس الأمن المسؤولية الرئيسية عن تأمين سلامة وأمن المنطقة. وحذر المعلمي من الأخطار الناجمة عن إمكانية حدوث تسرب نفطي، بينها إغلاق ميناء الحديدة لأشهر، ما قد يؤدي إلى نقص حاد في إمدادات الوقود والاحتياجات الأساسية الأخرى التي يتزود بها الشعب اليمني، وتعرض صناعة صيد الأسماك في المنطقة لأضرار جسيمة قد تستغرق سنوات للتعافي، إضافة إلى تأثر الحياة البحرية والبيئة والشواطئ بشكل سلبي وخطير، وتسبب الغازات السامة والغيوم السوداء المنبعثة من التسرب في إتلاف الأراضي الزراعية والمزارع على امتداد مساحات شاسعة من اليمن والسعودية، ما قد يؤدي إلى تلف كلي للمزروعات من الفواكه والحبوب والخضروات، ويسبب نزوحاً داخلياً كبيراً في جميع أنحاء المناطق المتضررة.
مشاركة :