الأطماع التركية تنذر بمواجهة عسكرية على أبواب أوروبا

  • 7/18/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: وائل لبيب تحاصر الخطوط الحمر الأطماع التركية في المنطقة، خاصة شرقي البحر المتوسط، حيث تراها أنقرة جزءاً من «الوطن الأزرق»، لتواصل فيها انتهاك المواثيق الدولية في المنطقة الغنية بالنفط، بعمليات تنقيب استفزازية، دخلت بها في مواجهة مباشرة مع قبرص واليونان، لتزيد من احتمالات نشوب نزاع عسكري على أبواب أوروبا التي بددت آمالها في الانضمام إلى ناديها رغم محاولات دامت نصف قرن. وتسعى تركيا، مدفوعة بتاريخها الاستعماري الطويل، وبأزمتها السياسية الحالية، لتبرر توسعاتها الإمبريالية شرقي البحر المتوسط، تحت عقيدة «الوطن الأزرق»، التي أعاد النظام التركي صياغة الأمن القومي التركي، ليعيد بها الماضي العثماني، مستغلاً حالة عدم الاستقرار، والفراغ السياسي في المنطقة، مهدداً في الوقت نفسه بالقوة العسكرية لأنقرة التي تحاول إقحام حلف شمال الأطلسي (الناتو) بمغامراتها السياسية، في سوريا والعراق وليبيا، لكن المواجهة الأوروبية التركية تكاد تكون وشيكة بسبب أطماع أنقرة في الثروات البحرية لكل من قبرص واليونان. الأطماع التركية في منطقة البحر المتوسط، تزايدت بعد تأكيد الدراسات أن المنطقة تعوم فوق بحيرة من الغاز، إذ تحوي في أعماقها 122 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، و1.7 مليار برميل احتياطي من النفط، في وقت تعد فيه أنقرة مستورداً خالصاً لمصادر الطاقة التقليدية من النفط والغاز الطبيعي، وتدفع سنوياً عشرات المليارات لوارداتها منها، وهو ما دفع الأخيرة إلى ممارسة البلطجة السياسية، وانتهاك المواثيق الدولية وتوجيه سفنها للتنقيب عن الغاز في المياة الإقليمية لكل من قبرص واليونان، العضوين في الاتحاد الأوروبي الذي لا تكف تركيا عن تهديده بورقة اللاجئين وإغراق دوله بها. ورغم مرور أكثر من 45 عاماً، على اجتياحها قبرص، لا تتورع أنقرة عن تأكيد الخيار العسكري كحل في نزاعاتها السياسية مع قبرص واليونان، وتواصل محاولتها ابتزاز أوروبا التي تسعي دائماً لإبعاد شبح النزاعات العسكرية عن حدودها، لكن الصبر الأوروبي بدأ ينفد، أمام تزايد عمليات التنقيب غير الشرعية عن الغاز قبالة سواحل نيقوسيا وأثينا، في حراسة السفن الحربية، وهو ما اعتبرته قبرص واليونان عربدة غير مقبولة، وانتهاكاً سافراً لسيادتهما على حقوقهما البحرية، ولم يستبعدا نشوب مواجهة عسكرية للحفاظ على حقوقهما. ويتزامن الصراع على الغاز، مع استعراض للقوة العسكرية التركية، إذ تواصل أنقرة تنفيذ مناورات عسكرية في المنطقة، أبرزها العام الماضي، بتنفذيها أكبر مناورة عسكرية في تاريخها في ثلاثة بحار (البحر الأسود وبحر إيجه وشرق المتوسط) بمشاركة 131 سفينة بحرية و57 طائرة حربية و33 مروحية. وأكد خلالها وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أنها تأتي للدفاع عن حقوق البلاد البحرية في شرقي المتوسط وقبرص. وفي المواجهة الحالية، قررت الولايات المتحدة الوقوف بجانب حلفائها الأوربيين، وقررت للمرة الأولى تنظيم مناورات عسكرية مع قبرص، في خطوة أشعلت غضب أنقرة. كما أنهى الكونجرس الأمريكي العام الماضي حظراً استمر عقوداً لبيع الأسلحة للجزيرة المتوسطية التي تحتل تركيا ثلثها الشمالي منذ سبعينات القرن الماضي. وأمام استفزازت أنقرة المتصاعدة، وجدت أوروبا نفسها مجبرة على كبح جماح العبث التركي في المنطقة، وفرض عقوبات اقتصادية عليها، وإيقاف مباحثات الانضمام للاتحاد، لكن خيار التصدي العسكري تجدد، بعد تأكيد البرلمان الأوروبي، بأن هناك حاجة إلى نشر قوات بحرية في البحر المتوسط إذا استمرت تركيا في انتهاك السيادة القبرصية واليونانية. التهديدات التركية المتزايدة، دفعت الحلفاء الأوربيين والولايات المتحدة، إلى التلويح مراراً بطرد أنقرة من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، خاصة بعد استلام أنقرة منظومة «إس 400» الروسية والتي ترى فيها أمريكا وأوروبا تهديداً مباشراً لأنظمة الدفاع الجوي للحلف. وزادت الاتهامات الأوربية لأنقرة باستغلال «الناتو» بعد تعرض سفن فرنسية تشارك في مهمة للحلف في البحر الأبيض المتوسط، مؤخراً إلى مناورة «عنيفة للغاية» من الفرقاطات التركية خلال عمليات تفتيش سفن يشتبه في أنها تنقل أسلحة إلى ليبيا. وأمام تصاعد التوتر مع أنقرة، كثفت أثينا مناوراتها العسكرية، وأكد الجيش اليوناني، الشهر الماضي، أن كل الاحتمالات واردة فيما يتعلق بنزاع عسكري مع تركيا، مؤكداً أن بلاده «ستحرق كل من يضع قدمه على الأراضي اليونانية»، محذراً تركيا من تخطي «الخطوط الحمراء». وشدد رئيس هيئة أركان الجيش اليوناني، قسطنطينوس فلوروس، آنذاك على أن «النزاع العسكري محتمل، وليس بوسع أحد أن يستبعد هذا الاحتمال. وفي حال حدث أي شيء من هذا القبيل، فهذا لن يقتصر على نقطة واحدة، بل ستتسع رقعته فوراً». التعنت التركي في المنطقة، مرده ليس حقوقاً تاريخية تدعيها، أو نفوذاً إقليمياً تطمح إليه، لكنها بالأساس الرغبة من حزب العدالة والتنمية الحاكم، والرئيس رجب طيب أردوغان، بالبقاء في الحكم، بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في 2016، قرر على إثرها، إعادة تشكيل الجيش من جديد، وإقحامه في مغامرات عسكرية، في العراق وسوريا وليبيا بدعوى الأمن القومي، ليواصل في الوقت نفسه التنكيل بالديمقراطية التي أوصلته إلى الحكم باعتقال المعارضة وتكميم الأفواة، وتحويل البلاد من نظام برلماني إلى رئاسي.

مشاركة :