الشارقة: «الخليج» نظم مكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة) التابع لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) مؤخراً، ندوة تفاعلية افتراضية بعنوان «مستقبل التكنولوجيا الزراعية والدور الحكومي في تطويرها»، حيث تناول خلالها جهود الحكومات في معالجة قضايا الأمن الغذائي وتطوير آليات وبرامج مدروسة، بهدف تحقيق أفضل النتائج لمختلف الأطراف وأصحاب المصلحة، كما ناقشت الجلسة دور التقنيات المبتكرة في تعزيز مستويات الإنتاجية ورفع كفاءة المزارع، وضمان استدامة عائداتها التجارية.وشارك في الندوة التي ترأسها محمد جمعة المشرخ المدير التنفيذي لمكتب (استثمر في الشارقة)، نخبة من رواد وخبراء قطاعي الزراعة والاستثمار في الدولة، أبرزهم الدكتور غانم الهاجري، الشريك والرئيس التنفيذي لشركة ثمار الإمارات، وهي منشأة متطورة مقرها في الشارقة وتصل قدرتها الإنتاجية إلى ستة أطنان من المنتجات الطازجة يومياً، والدكتور محمد علي مشراوي، شريك مشارك في شركة «دينار ستاندرد» المتخصصة في الأبحاث والاستشارات، وهيمانت جولكا، الشريك المؤسس، الرئيس التنفيذي للعمليات لشركة «فيجي تك»، وهي شركة ناشئة متخصصة في تطوير الحلول التكنولوجية الزراعية المتطورة ضمن ثلاثة مجالات رئيسية تشكل تحديات للزراعة التقليدية في الإمارات، وهي: التربة ودرجة الحرارة والمياه. ارتباك سلاسل التوريد واستهل الجلسة محمد جمعة المشرخ، بقوله: «إن تفشي جائحة كورونا وما نتج عنه من ارتباك في سلاسل توريد المواد الغذائية، شكّل إنذاراً للدول التي تعتمد إلى حد كبير على واردات المواد الغذائية، وحافزاً للعمل على رفع مستوى الاكتفاء الذاتي لديها من خلال تبني حلول التكنولوجيا الزراعية الحديثة، ودعم المنتجات الزراعية المحلية».وأضاف: «يأتي تنظيم هذه الندوة في إطار رسالتنا ورؤيتنا الرامية إلى دعم وتسهيل الاستثمارات المبتكرة طويلة الأجل في واحد من أهم القطاعات في مشهد الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الشارقة، كما تؤكد حرصنا على تسليط الضوء على أبرز الحلول الرائدة ودراسات الحالة لعدد من المستثمرين المحليين والأجانب ممن تمكنوا من دعم قطاع الزراعة في الشارقة بأفضل الخدمات المتخصصة».وتابع: «يعد الأمن الغذائي أولوية قصوى لدولة الإمارات، كما تعتبر استدامة الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي للدولة من أهداف استراتيجيتها الوطنية، وجاء إنشاء وزارة للأمن الغذائي ليجسد حرص الحكومة على تبني سياسات فاعلة لضمان استدامة الأمن الغذائي، خاصة أن الإمارات تعتمد بقوة على واردات المواد الغذائية. وقد أسهمت الجهود المتواصلة التي بذلتها على مدى سنوات عديدة، من أجل تعزيز قدرتها وجاهزيتها لمواجهة الأزمات، في نجاحها في تخطي التحديات الكبرى التي فرضتها أزمة كورونا». سوق المنتجات الطازجة وأشار الدكتور غانم الهاجري إلى أن حجم سوق المنتجات الطازجة في الإمارات يبلغ 16 مليار درهم، ويواصل هذا القطاع النمو بمعدل 9.93% سنويا. وقال: «تعد الإمارات أكبر سوق استهلاكية بعد المملكة العربية السعودية (في منطقة الخليج)، حيث تستورد أكثر من 80% من منتجاتها الطازجة، ما يفتح الباب واسعاً أمام إمكانات هائلة للتوسع والنمو في هذا القطاع».وأضاف: «تعتبر التكنولوجيا أداة فاعلة لدفع عجلة الإنتاج، وحماية الموارد الطبيعية، وجذب المستثمرين في هذا المجال، وقد أثمرت المبادرات الحكومية لدعم المزارعين المتمثلة في تقديم الإعانات المالية لتطوير المرافق الخدمية والبنية التحتية في مزارعهم، عن ارتفاع الطلب على المنتجات الطازجة اليوم. ومع ذلك، فإن تبني جملة من الأطر التنظيمية الصارمة ونظام شهادة الجودة للمنتجات المحلية، من شأنه أن يُبقي الأبواب مفتوحة أمام جميع المستثمرين الراغبين في الدخول إلى السوق وتطوير معايير الإنتاج الزراعي المستدام في الدولة، فالأمر ينعكس إيجاباً على الاقتصاد».من جهته أكد الدكتور محمد علي مشراوي، أن الزراعة كانت واحدة من أكثر القطاعات تأثراً بأزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، ما يجعل هذا الأمر حافزاً أمام الدول للتركيز على ترجيح كفة الإنتاج لديها مقابل حجم الاستهلاك، مشيراً إلى دور التكنولوجيا الزراعية في تعزيز قدرات البلدان على تحقيق الاكتفاء الذاتي، واستشهد بأمثلة عديدة حول دور السياسات التي تبنتها الإمارات للاستثمار في الزراعة الرأسية والزراعة المائية والبحث والتطوير في تجاوز أزمة كورونا. تمكين المنظومة الزراعية وقال: «ينبغي أن تعمل الحكومات على تمكين ودعم المنظومة الزراعية بمبادرات محددة ومدروسة، وتوفير الظروف الملائمة لترسيخ دور الأطراف الفاعلة، كما ينبغي النظر إلى أزمة الغذاء العالمية على أنها فرصة لبناء مستقبل أفضل، وليست مجرد خطر يهدد المجتمعات. ولتحقيق هذه الغاية، لا بد لها من تقديم حوافز مالية، وتوفير تشريعات تنظيمية مرنة، وبنية تحتية بأسعار معقولة، وتشجيع الابتكار التكنولوجي لتعميم الفائدة على المجتمع ككل».واختتم مشراوي حديثه قائلاً: «إن تبني مثل هذا النهج الموجه يتطلب وجود خطط مدروسة للنمو، وتوسيع أطر التعاون والشراكة بين القطاعين العام والخاص، ودعم أنشطة البحث والتطوير، خاصة أن الزراعة في الإمارات تعتبر قطاعاً واعداً ينبغي التركيز على محاوره الرئيسية الثلاثة وهي التكاليف والتوافر والجودة». بيئة محفزة للنمو من جانبه توقف هيمانت جولكا عند تأثير التوازن بين المنتجات المستوردة والمحلية، بقوله: «تعتبر شركات التكنولوجيا الزراعية قطاعاً اقتصادياً مترابطاً، ولا يمكن توفير بيئة محفزة للنمو إلا بزيادة الوعي بين المستهلكين حول أهمية شراء المنتجات الغذائية المحلية. وبالمقابل لا بد من تشجيع تجار التجزئة على التوجه نحو تخزين مزيد من المنتجات المحلية بدلاً من السلع المستوردة»، مشيراً إلى أن البيئة الداعمة للمستثمرين في الشارقة، وسهولة ممارسة النشاط التجاري فيها، كانت الحافز الأول للشركة لبدء أعمالها في الإمارة.واختتم مداخلته بالقول: «تتمتع الشارقة ببيئة أكاديمية متميزة، كما أن مجمع الشارقة للأبحاث والتكنولوجيا والابتكار يقدم لنا الدعم الأكاديمي اللازم للارتقاء بهذا القطاع، ونحن بدورنا نضع مختبرات الابتكار لدينا في خدمة الطلاب لتعريفهم بالحلول التكنولوجية التي نقدمها للسوق، ومساعدتهم على فهمها بشكل أفضل، فنحن نؤمن بأن الطلاب هم قادة المستقبل، وسيكون لهم دور مهم في تحقيق الأمن الغذائي المستدام في الدولة».يذكر أن مكتب (استثمر في الشارقة) يتولى مهمة تقديم كافة الخدمات والتسهيلات والدعم الكامل للمستثمرين من خلال تزويدهم بالأفكار والمعلومات التي تساعدهم على استكشاف الفرص الاستثمارية الواعدة في القطاعات الرئيسية في الإمارة، وإرشادهم إلى الفرص الحقيقية والملائمة لنمو أعمالهم، كما يعمل على تنظيم عدد من ملتقيات الأعمال بين الشارقة وكثير من المدن والدول حول العالم لتسليط الضوء على الفرص الاستثمارية المتاحة.
مشاركة :